في إطار الاستعداد للعام الجامعي الجديد حيث تم إضافة تدريس مادة "السياسات الإدارية" بالإضافة إلي إدارة الأزمات لطلبة السنوات النهائية في الكليات التي أتشرف بالعمل بها.. قمت بالاطلاع علي العديد من المراجع والمؤلفات التي تناولت أساليب النهوض بالعملية الإدارية في دول العالم المختلفة.. وكيفية تطبيق ما يتلاءم منها مع المجتمع المصري.. حيث وجدت أن أهم عنصر ينقصنا أو أنه في حاجة إلي تطويره والاهتمام به في كل أركان تلك العملية هو "العنصر البشري". وبعيداً عن النظريات والدراسات رجعت إلي الدستور الإلهي القرآن الكريم حيث وجدته سبحانه وتعالي يقول في سورة الرعد.. بسم الله الرحمن الرحيم "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.. وهنا رسالة صريحة من المولي عز وجل بضرورة الاهتمام بالإنسان وأن نساعده علي التغيير للأفضل لأنه مفتاح النجاح لأي منظومة إدارية بدءاً من رئيس تلك المنظومة وصولاً إلي جميع العاملين بها أياً ما كان موقعهم أو درجتهم الوظيفية. إذن فاختيار العناصر القيادية الصالحة التي سوف تقود العملية الإدارية والتي سوف تختار بدورها من سوف يتعاون معهم لهو بداية النجاح الإداري لأي هيئة أو مؤسسة إذا تم مراعاة عناصر أخري مكملة لها مثل طبيعة المجتمع والبيئة المحيطة ومتطلبات الأسواق الداخلية والخارجية وتدريب تلك العناصر علي تحقيق أعلي معلات الأداء إعمالاً للنظرية الذهبية في علوم الإدارة والتي تقول "إنه في ظل الإمكانيات المتاحة.. يمكن تحقيق أفضل النتائج". ومن هنا فإن النجاحات التي تحققها المؤسسة العسكرية حالياً علي كافة الأصعدة التي تكلف بها يعتبر أمراً طبيعياً في ظل وجود قيادات واعية حاسمة ومجموعات عمل وطنية ومخلصة.. وهنا أيضاً يجب ألا نغفل أن هناك مؤسسات صناعية واقتصادية ناجحة بكل المقاييس إلا أن معظمها يتبع القطاع الخاص أو قطاع الأعمال فقط دون الجهاز الإداري والتنفيذي للدولة برغم توفير الإمكانيات التي من شأنها رفع أداء العمل بهذا الجهاز بصورة أفضل مما هي عليه الآن. وهنا يحضرني حوار دار بين إحدي النائبات المحترمات في مجلس النواب ومدير أحد المستشفيات الحكومية بدائرتها.. لماذا لا يتحرك العاملون بالمستشفي إلا عندما نتواجد فقط هل هو سوء اختيار.. أم سوء إدارة.. أم أزمة ضمير؟ دائماً ما يأتي الوزير أو المحافظ الجديد إلي موقعه وكله طموح وإقدام علي التطوير والإنجاز حيث يفاجأ بمن يحاول عرقلة هذا المسعي إما عامداً لارتباطه بكيانات مناوئة للنظام أو لأنه تعود علي أساليب بيروقراطية عقيمة.. أو خوفاً من ظهور كوادر جديدة تقض مضاجعهم وتضطرهم إلي الانتقال إلي مواقع العمل الميداني تاركين مكاتبهم المكيفة الهادئة. عندما أطلق الرئيس برنامجه عن تمكين الشباب كان يقصد بالفعل تسليمهم مسئولية الوطن لأنهم مستقبله الحقيقي.. ولا عجب أن نعلم أن رئيس وزراء اليونان يبلغ من العمر 41 عاماً وقد ساهم إلي حد كبير في إيجاد مخرج لأزمتها الاقتصادية.. وكندا وهي إحدي الدول الكبري في مجال الصناعة والزراعة فإن رئيس وزرائها يبلغ من العمر 44 عاماً والذي قضي علي التطرف والتشدد هناك بمشاركة المسلمين أفراحهم وأحزنهم بل ومشاركتهم في الاحتفالات الدينية داخل مساجدهم. كان الرئيس محقاً عندما خاطب الشعب بكل طوائفه بكلمة "يا مصريين" ليشعل في نفوسهم وقلوبهم روح العطاء والانتماء ويوقظ الضمير الذي يحاول البعض التشكيك في وجوده أصلاً.. نحن شعب من أذكي الشعوب وأقواها انتماء لوطنهم ولكنه في حاجة ملحة إلي حسن توجيه طاقاته وتحفيزها بشرط حسن اختيار الشخص المناسب لشغل الموقع المناسب. وهنا نصل إلي بيت القصيد.. فالإدارة تكون عاجزة عندما لا تحسن اختيار الكوادر المناسبة للعمل بها.. وتكون ناجزة إذا أحسنت هذا الاختيار وأصبحنا علي قلب رجل واحد.. هدفنا واحد.. أملنا واحد.. هو النهوض بالوطن والعبور به إلي واحة النماء والرخاء.. إذاً "العنصر البشري" هو الأساس في جعل أي منظومة إدارية عاجزة.. أو ناجزة.. ألا هل قد بلغت.. اللهم فاشهد.. وتحيا مصر.