** علينا أن نتجاوز قضية صراع الأجيال. ونعترف بعظم دور الصحفي الشاب مصطفي عبيدو. في الانتصار لحق الصحفيين في رواتب تضمن لهم الحد الأدني للحياة الكريمة. فقد نجح عبيدو فيما فشلت فيه العديد من مجالس النقابة المتعاقبة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي بامتداد ثلاثين عاماً ولا يختلف اثنان علي أن الحكم القضائي الصادر من مجلس الدولة يوم السابع والعشرين من يوليو الماضي بتحديد الحد الأدني لرواتب الصحفيين يضع النقابة في موقف لا تحسد عليه وعندما تشرع النقابة في إعادة صياغة قانونها الذي يرجع تاريخه إلي مطلع السبعينيات. فإنها ترهن مستقبل مجلسها بالتوفيق من عدمه وتضع نفسها أمام فوهة البركان مجدداً.. خلاصة القول ان نقابة الصحفيين أصبحت في مفترق طرق ولا سبيل أمامها سوي انجاز قانون جديد ينتصر لكرامة أعضائها التي أصبحت في مهب الريح..! ولذا فمن الأهمية بمكان ان تتفاعل الجمعية العمومية للصحفيين مع مجلس النقابة. وتستجيب لدعوته بتقديم المقترحات والأفكار التي تضمن للصحفيين الحصانة القانونية والحماية اللازمة في مواجهة أعباء الحياة. خاصة بعد بلوغ الصحفي سن الستين. واحتياجه الشديد إلي الدعم المعنوي والأدبي قبل تلبية احتياجاته المادية. فلا يصح ولا يليق أن يترك الصحفي في هذه المرحلة الحرجة من حياته رهن قرارات مهينة وغير مسئولة. تلك النوعية من القرارات التي تصب في خانة الهوي الشخصي أحياناً أو تصب في نطاق تصفية الحسابات احيانا أخري. ** إذا أرادت نقابة الصحفيين الأخذ باقتراحات الجمعية العمومية فإن عليها ان تقتدي بقانون "اتحاد الكتاب" الذي يمنح عضويته العاملة "عضوية المشتغلين" لأعضائه مدي الحياة. جنبا إلي جنب مع منحهم المعاشات المستحقة بعد بلوغ السن القانونية وبذلك يواصل الكاتب نشاطه في الاتحاد حتي يحين الأجل دون توقف مع الالتزام بسداد قيمة الاشتراك السنوي والمطلوب ان يتضمن قانون النقابة الجديد. عدم إحالة الصحفي للمعاش مادام قادراً علي العطاء واستمرار عضويته العاملة مع صرف معاشه وتوفير المناخ اللازم دون تحميله أية أعباء إضافية فالاعلام عموماً والصحافة علي وجه الخصوص منارة الأمة وإذا أرادت أمة ما ان تلحق بركب الحضارة والتقدم فلابد ان تتعدد مناراتها وتتسع رقعة الحريات في اعلامها فلا معني لاعلام موجه. ولا قيمة لصحافة مكممة الأفواة. ولا كرامة لصحفي يعاني من شظف العيش. فمن الضروري بمكان ان يظل الصحفي متواجداً علي الساحة يشارك في اختيار من يمثله بمجلس نقابة الصحفيين طوال حياته. لأن العمل بالقانون الحالي وحرمانه من المشاركة في العمل النقابي وبالتالي حرمانه من التصويت في الانتخابات النقابية يُعد بمثابة إهانة متصاعدة تتجدد مع كل عُرس انتخابي تشهده نقابة الصحفيين. ليس فقط. بل يدخل في نطاق عملية اغتيال معنوي..!! ** آخر كلام: انضم الصحفي الصاعد الواعد مصطفي عبدالسميع محمد عبيدو والشهير باسم "مصطفي عبيدو" إلي كتيبة حراس الحقيقة في الزمن الرديء. تلك النوعية التي تدفع ثمن مواقفها من دمها وأعصابها وقوت أولادها. ولو كنت مكان رؤساء تحرير الصحف لحرصت علي تكريمه. ووضع صورته في صدر الصفحة الأولي بجوار خبر حصوله علي الحكم التاريخي لمجلس الدولة بانصاف الصحفيين. ويكفي عبيدو فخراً انه أصبح أحد أبرز أبناء جيله الذين اعطوا قبلة الحياة لمهنة تحتضر. وواقع الحال ان مصطفي عبيدو قد دخل بقدميه إلي عش الدبابير. ولكن التقليل من انجازه أو تجاهله يتعارض مع شرف المهنة. ويا تلميذي النجيب لا تحزن. فأنت خلاصة جيل يتطلع إلي الانتصار للحق والعدالة والكرامة. ذلك الجيل القدوة الذي حفر اسمه بحروف من نور في تاريخ الصحافة المصرية المعاصر.