كتبت غادة عبدالرافع: أكد خبراء الطرق والتخطيط أن فساد المحليات وغياب الرقابة من أهم أسباب عدم اعادة الشيء لأصله فرغم قيام الأحياء بتحصيل رسوم مقابل اعادة الشيء لأصله بعد الانتهاء من أي حفر أو تكسير في الشوارع الا ان ذلك لا يتم علي أرض الواقع. مشيرين الي ضرورة وجود متابعة ورقابة مستمرة يعقبها محاسبة المقصر مع وجود خطة وتنسيق بين جميع الأطراف المعنية. ومن جانبهم أوضح خبراء الاقتصاد ان عدم اعادة الشيء لأصله يهدر ملايين من أموال الدولة خاصة ان تجاهله يتسبب في انهيار البنية التحتية. مجدي صلاح أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة يقول ان الأحياء هي المسئولة عن اعادة الشيء لأصله حيث تقوم بتحصيل التكلفة من الشركات المنفذة. فعند حفر احدي الطرق لمد مرافق أو اصلاحها وبمجرد الانتهاء منها لابد من قيام الحي باعادة رصف الطريق مرة أخري الا ان نقص الموارد المالية والاهمال وغياب الرقابة دائما ما يمنع اتمام المهمة مما يؤثر بالسلب علي البنية التحتية التي تكلفت ملايين لانشائها بالاضافة الي اتساع حجم المشكلة. ويضيف عصام خليل مهندس مدني ان من أسس الأعمال المعمارية والمدنية انهاء العمل كاملا سواء كانت أعمال صيانة أو اصلاح أو تركيبات جديدة حيث يوجد بند رئيسي يطلق عليه اعادة الشيء لأصله بعد الانتهاء من الأعمال ويدخل في هذا البند ردم الحفر ورصف الطرق وازالة المخلفات. الا ان اهمال هذا البند وتواطؤ بعض المشرفين لتخفيض التكلفة لصالح المقاول وقلة الخبرة تتسبب في انجازه علي الورق فقط أما في الحقيقة فالعمل لم ينجز من الأصل أو تم مخالفا للمواصفات ودون الجودة المطلوبة مما يترتب عليه مشاكل أخري تعرض المواطن للخطر مثل البالوعات وأسلاك الكهرباء التي لم يتم دفنها بشكل جيد. متعجبا من عدم اتباع الدولة للطرق الحديثة في انشاء شبكات المرافق خاصة في المدن ا لجديدة مثل انشاء نفق يمر منه جميع الشبكات ويوفر علي الدولة الحفر والردم والرصف للعديد من المرات وبالتالي توفير مبالغ كبيرة. ويوضح عبدالخالق عزوز رئيس حي مصر القديمة سابقا ان تنفيذ أعمال اعادة الشيء لأصله تكون إما عن طريق إدارة مشروعات الطرق بالحي أو من خلال الاستعانة بمقاول حيث هناك بعض الأحياء لا يوجد لديها تلك الادارة وهنا تكون الكارثة أكبر فأغلب المقاولين لا يملكون الخبرة الكافية لإدارة الأعمال بالمواصفات الفنية المطلوبة لاستعانتهم بعمال لابد من المهندسين مما يتسبب في تنفيذ الأعمال بشكل عشوائي ويؤثر علي البنية التحتية للطرق. مشيرا الي ان بعض الأحياء تهمل في اعادة الشيء لأصله لعدم وجود متابعة أو رقابة. لذلك علي المواطنين التقدم بشكوي لرئيس الحي وفي حالة عدم البت في الشكوي يتوجهون للمحافظة. ومن جانبه أكد منير الجنزوري الخبير الاقتصادي ان تقاعس الأحياء والمحليات عن ترميم الطرق والشوارع واعادة الشيء لأصله بعد الانتهاء من أعمال المشروعات والمرافق بتلك المناطق يتسبب في اهدار مبالغ طائلة من أموال الدولة. وغالبا ما يكون نتيجة للإهمال والفساد اللذين يمثلان سرطانا خبيثا يؤرق الجهاز الاداري للدولة بأكمله. فقد يتم اعادة الشيء لأصله بشكل يخالف المواصفات المطلوبة فعلي سبيل المثال في حالة التأكد من اعادة الحفر بنفس الطريق في المستقبل بعد فترة قصيرة لمد نوع آخر من المرافق لنفس الموقع يتم الترميم بشكل سطحي وقد لا يتم من الأساس لضغط الإنفاق ومن ثم تخفيض التكلفة فاذا كانت المواصفات تقتضي رصف أربعة طبقات والمسئول عن أعمال الرصف يعلم انه سيتم اعادة الحفر مرة أخري فيقوم برصف طبقة واحدة فقط علي أن تتم المحاسبة علي الطبقات الأربعة وبذلك يتم تقنين السرقة ولا يستطيع مسئولو الرقابة إثباتها. مشيرا لأهمية التنسيق والرقابة للحد من اهدار المال العام فعند تنفيذ مشروع أو اجراء صيانة أو اصلاحات تتطلب الحفر يلزم تنظيم اجتماع لجميع القطاعات المعنية ليتم عرض المطلوب انجازه والخروج بتروتوكول يتم اعتماده من الجميع ليصدر به قرار من المحافظ للتنفيذ والزام جميع الجهات باعادة ترميم ورصف أي طريق تقوم بحفره بعد ذلك. ويشير محمد زيدان أستاذ الاقتصاد جامعة المنوفية الي أن أي عمل يتم بين أكثر من جهة يكون وفق عقد أو بروتوكول محدد يذكر فيه تكلفة الأعمال وشروطها والجودة المطلوبة ووقت الانتهاء من العمل. وأي إخلال بأحد البنود يعد نوعا من الاهمال. واعادة الشيء لأصله في الأعمال الهندسية من مكملات العمل والاهمال والتغاضي عن تنفيذه هو فساد واهدار للمال العام خاصة أن هذا العمل ضمن بنود العقد ويتم تحصيل مقابل مادي لأدائه هذا بالاضافة الي أن عدم انجازه يتسبب في العديد من المشاكل وبالتالي زيادة تكلفة جديدة علي الدولة. ويرجع ذلك الي غياب الخبرة والرقابة الجيدة مما يشجع علي انتشار الفساد.