يقول الله تعالي في محكم تنزيله في سورة الأنعام "أفلا تتفكرون" والتفكر لا يكون إلا بالعقل فقد أورد الامام البيهقي في كتابه "شعب الإيمان" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: لما خلق الله العقل قال له: قم. فقام. ثم قال: له: أدبر. فأدبر. ثم قال له: أقبل. فأقبل. ثم قال له: اقعد. فقعد ثم قال له: ما خلقت خلقا هو خير منك ولا أفضل منك ولا أحسن منك. بك آخذ. وبك اعطي. وبك اعرف وبك أعاقب وبك الثواب وعليك العقاب. والعقل من أعظم نعم الله تعالي علي الإنسان إذ انه مناط التكليف وبه جعل الله الإنسان خليفته في الأرض وبه كان الإنسان أكرم خلق الله سبحانه فالعقل يعتبر اعظم النعم التي وهبها الله جل شأنه للإنسان بشرط استعمال هذا العقل فيما فيه خيره وخير البشر وبالعقل يسمو الإنسان ويرتقي ويصل إلي جنة عرضها السماوات والأرض. يقول الله تعالي في سورة آل عمران مادحا عباده المؤمنين الذين يتفكرون في الخلق والأكوان ويسعون إلي المعرفة فيزدادون ايمانا "ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار". وبالعقل ايضا يهوي الإنسان إلي جهنم وبئس المصير فقد اخبر المولي سبحانه عن الوليد بن المغيرة في كتابه العزيز فقال في سور المدثر "انه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر". يقول الشيخ الإمام عبدالله سراج الدين في كتابه "هدي القرآن الكريم إلي معرفة العوالم والتفكر في الأكوان" من أراد ان يعرف الله تعالي بمحاسن اسمائه وكمال صفاته سبحانه وعظمة قدرته وعزة سلطانه فليتفكر في العوالم ويبحث عنها ليعتبر بها فيعبر منها إلي معرفة عظمة خالقها وبعض تلك العوالم وان كانت غير مرئية لنا فإن البحث عنها والعلم بها يجعل المعلومات صورا علمية في عالم الفكر المسمي بالذهن أو الخيال أو المدركة الحافظة وهذا مقتضي التفكر الذي قال الله تعالي عنه في سورة الروم "أولم يتفكروا في انفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما الا بالحق وأجل مسمي" وهذا ايضا موجب الأمر الذي أمرنا به النبي صلي الله عليه وسلم فقد أورد الامام ابوالشيخ الاصبهاني "369هجرية " في كتابه العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلي الله عليه وسلم علي قوم يتفكرون في الله فقال: تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لا تقدرون قدره. ولو لم يكن في استعراض العوالم والبحث عنها والتطلع إليها - لو لم يكن في ذلك تقوية للايمان وزيادة معرفة العاقل عظمة الخالق المكون وعظم جلاله وقدرته - لما ذكر الله تعالي تلك العوالم في مواضع متعددة ومناسبات متنوعة في كتابه العزيز فإن كل شيء قل أو كثر صغر أم كبر فيه دليل علي موجده وخالقه. سبحانه وتعالي.