المتابع لما يجري في الشرق الأوسط يدرك تماما أنه يتم الإعداد لحدث جلل وخطب عظيم اقترب سندفع ثمنه إذا لم نتعقل ونتبصر ونأخذ عبرة من كل ما يجري حولنا من خراب ودمار وحروب.. ودعونا لا نردد مقولة أن مصر محفوظة.. لأنها لن تكون كذلك إلا إذا حافظنا عليها.. وعلينا أن نأخذ بالأسباب أولا ثم نتوكل علي الله ونقول إنها محفوظة. ومن لا يعرف ولا يعترف بأننا في حالة حرب فهو مغيب.. فالحرب ليست بالضرورة عسكرية.. ولكنها قد تكون سياسية أو اقتصادية أو فكرية أو اجتماعية أو تكنولوجية.. ونحن نواجه كل هذه الحروب الآن وهي حروب أقوي من المواجهة العسكرية المباشرة.. فأمننا المائي مهدد بسد النهضة.. واقتصادنا محاصر بالأزمة المدبرة لرفع سعر الدولار والغلاء ونقص السلع وتعثر المصانع والبطالة.. وحدودنا مهددة بالإرهاب من الشرق والغرب.. والسياحة التي كانت من أهم مصادر الدخل القومي وتوفير النقد الأجنبي تتعرض لضربة قاصمة.. والاستثمار يهرب إلي حيث الأمان.. وغير ذلك من التحديات والمخاطر التي تواجهنا وتهدد أمننا واستقرارنا. لقد تفرقنا وتشرذمنا وبحث كل منا عن مصلحته الشخصية أو المصلحة الضيقة للأيديولوجية التي يؤمن بها أو يتبعها بدون وعي.. وأصبح معظمنا أو جميعنا يفهم في السياسة خاصة بعد 25 يناير 2011 وغلب علي حواراتنا ومناقشاتنا الجدل والسفسطة.. وكل منا يتمسك برأيه ويسفه الرأي الآخر.. حتي في البيت الواحد والأسرة الواحدة.. الآباء والأبناء.. الأزواج والزوجات.. الأشقاء والأصدقاء والزملاء.. حتي من لا نعرفهم.. في الشارع والمترو والميكروباص والتاكسي.. الكل يتحدث في السياسة.. وإذا لم تتفق معه في الرأي فأنت عدوه أو لا تفهم في السياسة.. وتبدأ نغمة التخوين والتصنيف. أين المصريون الذين كانت الخطوب توحدهم وتجمع شملهم؟ وتخرج الشدائد والأزمات أفضل ما فيهم وتجمعهم علي موقف واحد وكلمة واحدة وقلب رجل واحد.. أين روح أكتوبر 1973؟ وحتي هزيمة 1967 جمعت المصريين علي هدف واحد وهو الانتقام واستعادة الأرض.. هل افتقدنا هذه الروح الوطنية.. وتغلبت علينا الأنانية والمصالح الشخصية؟ الضغوط تزداد.. والخطر يقترب.. والأحداث تتسارع.. المنطقة من حولنا تحترق.. وقد تطالنا نيرانها.. ونحن عن كل هذا غافلون أو متغافلون.. نتمني الاستقرار والأمن ونهدم الجهاز القائم علي حفظ الأمن.. نريد الرفاهية والثراء ولا نعمل ونعطل عجلة الإنتاج ونخرب الاقتصاد.. نريد توحيد الصفوف ولا نجتمع علي رأي.. نسعي لمصالحنا الخاصة ولا ندرك خطورة التحديات التي تواجهنا وتداعيات الأوضاع حولنا.. ننشغل بصغائر الأمور ونتجاهل أن بلدنا مستهدفة.. بل هي الهدف الأساسي وكل ما يحدث حولنا أهداف ثانوية. تعرضت مصر لشدائد وأزمات ومؤامرات كثيرة علي مدار تاريخها الممتد لآلاف السنين وظلت صامدة.. وفشلت كل محاولات تقسيمها وتفتيتها وطمس هويتها حتي في أضعف حالاتها وأحلك لحظاتها فلا هي أصبحت إغريقية ولا رومانية ولا فارسية ولا فاطمية شيعية ولا تركية عثمانية ولا إنجليزية.. وظلت هي أقدم دولة نشأت علي وجه الأرض مازالت قائمة حتي الآن.. فإذا كنتم تنتمون لتراب هذا البلد عودوا لطبيعتكم الطيبة ومعدنكم الأصيل.. وأفيقوا قبل فوات الأوان وقبل ألا نستطيع حتي البكاء علي اللبن المسكوب. خريطة المنطقة تتغير.. فهل سينجح المخطط الأمريكي الصهيوني الغربي في إعادة تقسيم المنطقة حسب مشروعهم المعروف بالشرق الأوسط الجديد.. تزامنا مع ذكري مؤامرة سايكس بيكو التي تحل ذكراها المئوية هذا الشهر؟.. ما يدور علي الأرض وما هو واقع بالفعل يؤكد أنهم في مخططهم ماضون.. ونحن في غينا سادرون.