إيمان إبراهيم رسالة قوية من مصر لأبنائها والعالم أجمع بأن أرض الكنانة تحترم كل الديانات والمعتقدات.. بلا تفرقة أو تمييز.. هكذا يمكن ان نلخص محتوي الحكم التاريخي الذي أصدرته محكمة القضاء الاداري بالاسكندرية الدائرة الأولي بالبحيرة برآسة المستشار محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة الدائرة الأولي الثلاثة والثلاثون جلسة 28/3/2016 والذي يحمل رقم 831 لسنة 13ق للقضاء الإداري الذي يقضي بعدم جواز هدم الكنائس ودور العبادة وحظر المساس بها أو التعامل عليها بالبيع أو الهدم لمخالفة ذلك للنظام العام وللدستور والأحكام التي استقرت عليها المحكمة الدستورية العليا تأكيدا علي حرية ممارسة الشعائر الدينية واستنادا إلي فتوي الأزهر الشريف رقم 628 الصادرة بتاريخ 13/11/2013 ومجمع البحوث الاسلامية والأمانة العامة للدعوة ولجنة الفتوي بالأزهر والتي صدرت بناء علي طلب البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لبيان مدي مشروعية هدم الكنائس وبيعها وشرائها واستخدام أرضها في غير الغرض المخصص لأجله وانتهت الفتوي إلي النص التالي: * لغير المسلمين في ديار الاسلام حق حرية العبادة الخاصة بهم فلا تهدم كنائسهم وإذا تهمت يجب اعادتها كنيسة. * لا يجوز التعرض للكنائس أو الأديرة بالهدم والاعتداء عليها أو تحويلها لغير الغرض الذي اقيمت من أجله ومن فكر في ذلك فلم يستجب لقرآن ربه وأحاديث رسوله ولم يحسن الجوار ولم يرع عهده ولم يظهر بمظهر التسامح الذي هو أبرز صفات المسلمين فقد خان الله ورسوله وذمة المسلمين والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يعني هذا الحكم بالنسبة للكنيسة وهل هذا ينهي الانتهاكات ضد الكنائس؟ نعم.. انتهت قضية هدم الكنائس لكن مازالت هناك ملفات مفتوحة حول أماكن تعذر الحصول علي تصاريح لها ببناء كنائس فتحولت إلي كنائس - غير رسمية - للصلاة وبعضها مقفل لاقامة نشاط ديني وروحي فيها وهناك كنائس مغلقة تحت مزاعم الدواعي الأمنية وهناك كنائس يصعب اعادة بنائها أو تشييدها لأول مرة. قضايا الكنائس عديدة والملفات مازالت مفتوحة وساخنة. في البداية يؤكد المستشار جميل قلدس بشاي رئيس محكمة استئناف القاهرة الاسبق ان المحكمة اشارت إلي انه قد ثبت لديها يقين ان العين محل الدعوي كنيسة تم هدم أجزاء منها ومن ثم فلا يجوز أن تكون محلا للبيع حتي لو تهدمت كليا حيث يتعين ترميمها أو إعادة بنائها مرة أخري بوصفها دار عبادة لا يجوز تغيير الغرض المخصصة لأجله ولما كان المفهوم الصحيح للقرار الاداري السلبي ان يقوم امتناع الجهة الادارية عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه قانونا. اضاف قلدس ان حكم المحكمة أكد علي مجموعة المباديء القانونية في هذا المجال أهمها انه لا يجوز هدم الكنائس أو تحويلها لغير غرض العبادة وان بيع بطريركية الروم الأرثوذكس الكنسية للغير بقصد هدمها مخالفا للنظام العام ولحكم المحكمة الدستورية العليا الذي ساوي بين المسجد والكنيسة في كونهما دار عبادة هذا اضافة إلي الاستناد إلي حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر منذ 12 عاما والذي يساوي الكنيسة مع المسجد كدار عبادة وحكم الدستورية يسمو علي العقود المسجلة والأحكام اللاحقة لصدور حكم الدستورية. أكد قلدس ان لجنة الفتوي بالأزهر ردت علي استفسار المحكمة التي انتهت إلي انه لغير المسلمين في ديار الإسلام حق حماية دور العبادة الخاصة بهم فلا تهدم كنائسهم وإذا تهدمت يجب اعادتها مؤكدا انه لا تعليق علي احكام القضاء وإنما هذا الحكم التاريخي الخطير يؤكد حرية ممارسة الشعائر الدينية وحماية دور العبادة لأصحاب الديانات السماوية. أكد قلدس انه من الضروري تعويض الكنيسة التعويض المناسب لما قه من أجل الوصول إلي هذا الحكم النزيه العادل وإلزام الجهة التي اصدرت قرار الازالة باعادة البناء كما كان عليه من قبل. ومن جانبها أكدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ان هذا الحكم يعد بمثابة انتصار لحرية العقيدة التي نص عليها القانون واعلاء لشأن المصريين ويحفظ لمصر تماسك نسيجها الواحد كما انه الحكم الأول من نوعه في تاريخ الأقباط في مصر بعد الانتهاكات ضد الكنائس طيلة العهود السابقة. كان البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قد تقدم بطلب للمستشار محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة للحصول علي صورة رسمية من الحكم والذي أصدرته الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الاداري بالاسكندرية نظرا لأهميته. قال القمص لوقا أسعد كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم برشيد ان ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو انتجتا ثمارا عظيمة ومن أبرزها الدستور الذي جاء كدواء لجروح قديمة سبق وان اصابت الجسد المصري في فرقة وانقسام. وأكد القمص لوقا ان هناك احتفالا في الكنيسة لصدور هذا الحكم التاريخي الذي بني وأسس علي القواعد الدستورية العظيمة ووحد وألف بين اعضاء الجسد المصري الواحد ووضع ركائز وأسس متينة لبناء شامخ لا يستهان به والذي أرسي عدة مباديء قانونية مهمة مستبطة من دستور مصر الشامخ وهي حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية وفقا للدستور وحضر التعامل علي الكنائس بالبيع والشراء وبطلان البيع حتي لو تم تسجيله ووجوب ترميم الكنائس فإذا ما أصابها التلف تعين ترميمها بما يكفل الابقاء عليها ومنع ازالتها من الوجود حرصا علي دوام بقاء دور العبادة الخاصة بالديانة المسيحية احدي الديانات السماوية واحقية الرموز الدينية في تدخلهم للدفاع والذود عن أي كنيسة التي هي مكان عبادة للديانة المسيحية بغض النظر عن اختلاف الظواذف والملل فمصلحتهم قاءمة علي الابقاء علي الكنيسة كدار عبادة للمسيحيين. ومساواة الكنيسة بالمساجد في كون ان كلا منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية حيث انتهت المحكمة الدستورية العليا إلي أن هذه التفرقة مخالفة للدستور الأمر الذي مؤداه ان الكنيسة تأخذ حكم المسجد كدار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية وتأكيد مبدأ عدم تغيير الغرض الذي انشئت من أجله الكنيسة كدار عبادة وتأكيد مسألة ان الشريعة الاسلامية تؤكد علي عدم المساس بالأديرة والكنائس وحمايتها. وطالب القمص لوقا مجلس النواب بالاسراع في اصدار قانون لتنظيم بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين شعائرهم الدينية تنفيذا للمشروع الدستوري الذي ألزم مجلس النواب في حكم خاص بالمادة 235 من الدستور بأن يصدر هذا القانون في أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور وأوجب ترميم الكنائس. أكد المستشار شاكر سعيد عبدالله المحامي بالنقض ان هذا الحكم بمثابة رسالة للعالم في الداخل والخارج توضح صورة مصر الحديثة التي تسير علي المسار الصحيح لأنه يتفق مع الدستور من جهة وبرز من جهة أخري صورة قضاء مصر العادل والشامخ في صورة المستشار الدكتور محمد احمد عبدالوهاب خفاجي الذي أصدر حكما تاريخيا لصالح كنائس مصر والذي سجله التاريخ لهم واضاف إلي هيبة القضاء ثقلا بعدما افصح الحكم عن قدرتهم الفائقة علي تطبيق القانون علي الجميع مهما بلغت درجة الفاعل الرفعية وارساء مبدأ عاما واعلاء للدستور. أضاف عبدالله انه رغم ان هذا الحكم التاريخي مفيد جدا لكنه لا يتطرق لكثير من المشاكل التي تعترض بناء الكنائس وترميمها فيما يخص تصاريح البناء والملكية وحظر اقامة المباني تحت مسمي حفظ الأمن أو الدواعي الأمنية. اضاف عندما ننتهي من إجراءات ترخيص مباني بعد مشقة يتوقف كل شيء بحجة الحفاظ علي الأمن. طالب عبدالله الأمن باتخاذ الإجراءات الأمنية لحماية المصلين بدلا من وقفهم عن الصلاة لأنه هو الجهة المنوط بها الحفاظ علي كل طوائف المجتمع فالمصلون في الكنائس والمساجد سواء لكن هذا الأمر لا يحدث بالنسبة لبناء المساجد. تساءل عبدالله هل يمكن لنا فتح الكنائس المغلقة طبقا لهذا الحكم التاريخي بعدم جواز هدم الكنائس لأن في هذه الحالة الاغلاق والهدم سواء؟ أم ننتظر حكما آخر يشمل كل المشاكل التي تعترض بناء الكنائس أم ننتظر الحل من برلمان مصر؟ ويري المستشار رمسيس رءوف النجار المحامي بالنقض ان حرية العبادة لها قدسيتها وصدور قرار اداري بهدم كنيسة مرخصة دون الرجوع إلي البطريركية أو المطرانية يعتبر اخلالا بالحقوق الدستورية التي تحترم الشعائر الدينية وحرية العقيدة الا ان المطعون ضده ولعلاقته بالمسئولين قام بهدم الكنيسة علما بأن الكنيسة الأرثوذكسية كانت تملك حق الانتفاع مدي الحياة. أكد النجار انه بصدور هذا الحكم قد كشف النقاط عن اساءة واستغلال الحقوق فيما بين الأفراد ضد المباني الدينية ودور العبادة وقال نحن نأمل ان يتبع هذا الحكم الاداري اعادة الحال كما هو عليه قبل الهدم وإلزام الجهة المانحة لقرار الهدم والمشترك معها بالتعويضات اللازمة لاعادة الحال إلي ما كان عليه قبل الهدم وأشار النجار إلي أن الحكم صدر علي غير مصلحة لأن شرط المصلحة قد انتفي بازالة المبني. أصل الحكاية اهتم الرأي العام داخل مصر وخارجها بالحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الاداري بحظر هدم الكنائس علي خلفية واحدة من أهم مظاهر استغلال النفوذ من جانب أحد المستشارين الذي ادعي ملكيته لكنيسة السيدة العذراء برشيد والذي قام بالفعل بهدم اجزاء من هذه الكنيسة. وإذا كان الحكم القضائي قد اسدل الستار علي واحدة من أهم قضايا حماية دور العبادة.. فإنه من الأهمية بمكان ان نعرض لمحة عن أصل المشكلة التي فجرت الأزمة قبل 4 سنوات عندما حاول مستشار قضائي هدم أجزاء من سور كنيسة السيدة العذراء مريم برشيد عصر الأحد 7 أكتوبر 2012 ليتدخل القمص لوقا أسعد عوض كاهن الكنيسة وقرر المهندس مختار المحلاوي محافظ البحيرة وقتها وقف أعمال الهدم بسبب عدم صدور ترخيص بالهدم من لجنة المنشآت غير الآيلة للسقوط. كاهن الكنيسة اتهم المستشار محمد مصطفي كامل تيرانلي ونجليه بالتعدي علي الكنيسة وهدم اجزاء منها بواسطة بلدوزرات وأوقف محافظ البحيرة أعمال الهدم لعدم صدور قرار رسمي بينما نفت الجهات الأمنية وجود فتنة طائفية وان الأمر يختص بنزاع قانوني وليس له أبعاد دينية. ويكشف القمص لوقا أسعد كاهن الكنيسة عن ان الاعتداء حدث من قبل في سبتمبر 2009 عندما تدخل المستشار وابناه وكيلي نيابة وقاموا بهدم اسوار الكنيسة باستخدام البلدوزرات مما أدي إلي اصابة حارس الكنيسة رغم وجود دعاوي قضائية بين الكنيسة وبين المستشار لا تعطيه الحق في خدم الكنيسة وان المستشار ونجليه توعدوا بهدم الكنيسة وبعد أيام قام المستشار باحضار بلدوزر لهدم الكنيسة رغم وجود حراسات ليلية علي الكنيسة واعتذر سائق الكنيسة عن القيام بالمهمة لأنه يسكن في نفس المنطقة فأحضر المستشار شخصا من خارج المدينة وقام بهدم دور تم بناؤه وجزء من الهياكل وأكد القمص أسعد ان المستشار يدعي انه قام بشراء الكنيسة من الروم الأرثوذكس ولكنه قام تبزوير العقود وختم بطريركية الروم الأرثوذكس وقد حدث اتفاق بين قداسة البابا شنودة الثالث وبطريرك الروم الأرثوذكس ان جميع الكنائس واحدة للصلاة بين الأقباط المصريين والروم وبالتالي تنازلت مطرانية الروم الأرثوذكس للكنيسة القبطية عن كنيسة رشيد وقامت الكنيسة بتحرير محضر رقم 4344 لسنة 2012 اداري رشيد والذي يحتوي علي ثلاثة محاضر مجمعة ضد المستشار بتهمة التهديد بالقتل وهدم الكنيسة دون تراخيص أو قرارات وكذلك اتهام سلطات الوحدة المحلية برشيد والادارة الهندسية باصدارها تقارير بأن ما تم هو ازالة مخالفات بناء وليس هدم كنيسة. وكان الأنبا باخوميوس مطران البحيرة تلقي اتصالا هاتفيا من المهندس مختار الحملاوي محافظ البحيرة ذاك الوقت أخبره انه قام بوقف عملية هدم الكنيسة برشيد من قبل المستشار محمد مصطفي كامل الترانلي الذي ينازع مطرانية البحيرة في الحصول علي أرضها وقام المحافظ ومدير أمن البحيرة بسحب البلدوزرات والتحفظ علي السيارات التي كانت مستخدمة في عملية الهدم. وأكد الأنبا باخوميوس ان قصة الكنيسة طويلة حيث ان دور العبادة لا تباع ولا تشتري لكنها تمتلك فبعد ان تنازلت عنها بطريركية الروم للكنيسة القبطية بتوقيع بروتوكول بين الكنيستين باقامة الصلوات في كنائس الروم مع تغيير الكتب المقدسة من اليونانية إلي العربية ظهر المستشار الترانلي ورفع دعوي قضائية بأنه يمتلك صك بيع من بطريرك الروم ويريد الحصول علي الأرض وتابع الأنبا باخوميوس ان المستشار لا يمتلك قرارا رسميا بالهدم ومازالت القضايا منظورة أمام القضاء ولم يبت فيها بشكل نهائي. وأوضح ان المستشار الترانلي لا يمكنه الاستيلاء علي الكنيسة الأثرية لأن عقده باطل ويستند علي أرض فضاء والواقع ان المكان به كنيسة أثرية والاقتراب منها أو هدمها جريمة وطنية لأن الكنيسة يعود تاريخ تأسيسها للقرون الأولي وهي وقف داود باشا وتم تجديدها عام 1817 والجهات الأمنية علي علم بذلك وهي تمانع محاولات المستشار للسيطرة علي الكنيسة وهناك الشارع الرئيسي الذي به الكنيسة باسم شارع كنيسة الروم فكيف يتم تجاهل مكان أثري؟ ونفي عنها صفة دور العبادة؟ وهي من اقدم الأماكن المقدسة في رشيد مؤكدا ان سعي الترانلي لمثل هذه الخطوة سوف يترتب عليها عواقب سيئة للغاية لأن القانون المصري يمنح الحماية للمقدسات الدينية ويحرم بيعها بأنواعها المختلفة. الجدير بالذكر ان المستشار وابنيه وكيلي نيابة وأكثر من خمسين بلطجيا كانوا قد اقتحموا كنيسة الروم التي أهديت للأقباط الأرثوذكس بمدينة رشيد وقاموا بهدم أسوارها باستخدام البلدوزرات مما أدي إلي اصابة حارس الكنيسة اشرف فهمي عبدالله وتدمير رفات الآباء والقديسين والأيقونات وسرقة ونهب محلات المستأجرين بجوار الكنيسة. سانت تريزا.. محطة المتألمين وشفيعة المرضي سانت تريزا.. قديسة فرنسية الأصل.. تتمتع بمكانة رفيعة بين سكان حي شبرا..يتبارك بها الجميع وهي تتشفع لجميع المرضي والمتألمين بحب كبير وقد أطلق علي أحد محطات المترو اسمها لوجودها بالقرب من الكنيسة الشهيرة. ولدت القديسة تيريز في بلدة إلنسون سنة 1873 من أسرة مسيحية هي التاسعة بين أبنائها. وحين بلغت الخامسة عشرة من عمرها. انتسبت إلي دير سيدة الكرمل في ليزيو بعد معاناة شديدة مع قيادات الكنيسة بسبب حداثة سنها حيث كانت قد سبقتها إليه ثلاثة من أخواتها . ولم تعش سوي 24 سنةعاشتها شغوفة بحب الرب. في مستهل حياتها كانت تعتبر أن سبيل القداسة يستوجب ¢قهر الذات¢. إلا أنها حين بلغت الثانية والعشرين من عمرها بدَّلت من تفكيرها وأيقنت بأن القداسة ترتكز علي إتقان ممارسة الأعمال اليومية الوضيعة التي يوجبها علينا واقع حياتنا الراهنة. عاشت في ¢طريق البساطة الروحية¢ فارتقت في غضون سنوات قليلة إلي قمم مدهشة من الإيمان والرجاء. وفي غياهب الظلمات التي اجتازتها. عرفت كيف تظل أمينة ليسوع. بالرغم من المحن الروحية والأدبية والصحية. وثابرت عل الامتثال لتوجيهات أخواتها الراهبات. باتضاع ومحبة. لقد كان شعارها الدائم كما ورد في كتابها ¢قصة نفس "قول الربّ: إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات "متي18/3 فعاشت الطفولة الروحية وشهدت لها. لذلك كانت تقول: ¢سوف أبقي أبداً طفلةً ابنة سنتين أمامه تعالي كي يضاعف اهتمامه بي .. فالطفل يرتضي بصغره وضعفه ويقبل أن يكون بحاجة إلي المعونة ..سأتوكَّل علي الله أبي في كلِّ شيء وأطلب إليه كلَّ شيء وأرجو منه كلَّ شيء . سأترك له الماضي مع ما فيه من المتاعب والمآثم ليغفرها.. وسأقبل الحاضر والمستقبل منه مسبقاً كما تشاء يده الحنون أن تنسجها لي.. إنَّ كلَّ شيء يؤول في النهاية إلي خلاصي وسعادتي ومجده تعالي.. الله يعلم كلَّ شيء. وهو قادرى علي كلِّ شيء.. ويُحبني.. سوف أبقي أبداً طفلةً أمامه .. الطفل الصغير يستطيع المرور بكلِّ مكان لصغره.. كم أتوق إلي السماء. حيث نحبُّ يسوع دون تحفظ أو حدود.. في قلب يسوع سأكون دوماً سعيدة.. الشيء الوحيد الذي أرغب في أن تطلبه نفسي هو نعمة حبِّ يسوع وأن أجعل. قدر إمكاني. كلَّ إنسان يحبه.. إن أصغر لحظة حب خالص. لأكثر فائدة لها. من جميع ما عداها من نشاطات مجتمعة فأحبت أن يطلق عليها "طفلة يسوع". انتقلت القديسة تريزا الي السماء وهي بنت ال 24 ربيعا بعد معاناة مع مرض السل الرئوي الذي أصابها وأنهك جسدها النحيل ورغم ذلك لم تكن تتواني عن مساعدة الراهبات المبتدئات اللاتي كانت مسئولة عنهن داخل الدير.پپ لقد فهَّم جيداً البابا بيوس الحادي عشر أهمية طريق تيريزيا الطفل يسوع المبسطة إلي القداسة. فأعلنها منذ عام 1925 قديسة. ثم جعلها شفيعة للمرسلين في العالم. وفي اليوبيل المئوي لوفاتها سنة 1997 وضعها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مصف معلمي المسكونة بإعلانها ¢معلمة الكنيسة الجامعة¢ رافعاً إياها إلي مرتبة أعاظم القديسين. هي التي كانت تعتز بصغرها ورفعة شأنها. كنيستها الشهيرة بشبرا يزورها عدد كبير من المصريين والعرب والاجانب يلتمسون بركتها ويوجد في مزارها أسفل المذبح- لوحات رخامية لعدد كبير من المشاهير من بينهم الفنان الراحل عبد الحليم حافظ الذي كثيرا ما كان يتردد علي كنيستها طالبا صلواتها للشفاء بعد أن ظهرت له سانت تريزا في مستشفي لندن كلينك سنة 1956 ووضعت يدها علي كبده والت له ¢ما تخافش يا عبد الحليم انت كده هتخف¢وقبل أن تنصرف سألها:مين.. أجابت: سانت تريزا.. وجاء الطبيب وقال له ان الحالة تغيرت كثيرا ويبدو ان تشخيص الامس لم يكن دقيقا وعندئذ سمح له بالخروج. كما توجد بالمزار لوحات مماثلة للفنانين فريد الاطرش وأسمهان ومحمد عبد الوهاب والي جواره لوحة رخامية فخمة لأم كلثوم تول فيها: أتبارك بك دائما أيتها الام الطاهرة¢ أم كلثوم أغسطس 1960 الأنبا كيرلس مقار.. أول بطريرك للأقباط الكاثوليك في مصر لويس جرجس ظل أقباط مصر الكاثوليك تحت رعاية نائب رسولي يرسله بابا الفاتيكان ليرعي شئونهم الدينية حتي سنة 1899م حينما اختار بابا الفاتيكان لاون الثالث عشر 1878 - 1903م النائب الرسولي الأنبا كيرلس مقار ليكون أول بطريرك للطائفة في مصر. من هو الأنبا كيرلس مقار؟ نقرأ في موقع كنيسة الاسكندرية للأقباط الكاثوليك انه ولد باسم جرجس مقار في قرية الشنانية مركز صدفا محافظة اسيوط في 17 يناير 1867م من أبوين متوسطي الحال توفيت الأم وهو في الثالثة من عمره واختار الأب ان يخدم في الكهنوت فترك مهمة تربية ابنه جرجس إلي أهله المقربين. في سن العاشرة التحق جرجس بالكلية الاكليريكية الشرقية التابعة لجامعة القديس يوسف في لبنان التي يديرها الآباء اليسوعيين. أتم دراسته بتفوق وحصل علي درجة الدكتوراه في الفلسفة واللاهوت وأجاد اللغات اليونانية واللاتينية والعبرية اضافة للعربية كما اتقن الفرنسية ونظم اشعارا بها. في 1891م تمت سيامته كاهنا بكنيسة جامعة القديس يوسف في بيروت باسم الأب جرجس ثم عاد إلي مصر وبعد فترة راحة في مسقط رأسه "الشنانية" أخذ يخطط للمستقبل ورأي ان من واجبه العمل من أجل استعادة وحدة كنيسة الاسكندرية التي انقسمت منذ زمن طويل. بعد ثلاثة أشهر عينه النائب الرسولي المونسنيور انطوان كابس مدرسا في مدرسة الأقباط الكاثوليك المجاورة للبطريركية بدرب الجنينة في الموسكي بالقاهرة. بتاريخ 15 مارس 1895م وفي عهد بابا الفاتيكان لاون الثالث عشر تمت سيامته أسقفا ونائبا رسوليا للأقباط الكالثوليك باسم الأنبا كيرلس مقار وقتها كان عدد الأقباط الكاثوليك لا يزيد علي 12 ألفا وكان الكهنة علي حوالي 30 فقط. بدأ الأنبا كيرلس مهمته بتنظيم ادارة الكنيسة حيث قسمها إلي خمسة اقاليم كنائسية يتولي تدبير كل منها رئيس بالنيابة عنه وجعل الرؤساء الخمسة أعضاء مجلسه الكنسي يجتمعون مرة كل سنة علي الأقل ليفصلوا في المسائل الهامة ويقيموا ما جري في اقاليمهم ويبحثوا طرق معالجة أوجه الضعف ثم يقدمون تقريرا للنائب الرسولي يعلمونه فيه بحالة كنائسهم واحتياجاتها الروحية والمادية. في 7 مايو 1895 اصدر الأنبا كيرلس مقار أول منشور له بعد ارتقائه الدرجة الاسقفية وفيه انشأ مجلس شوري لادارة الأمور الحياتية: الأول مجلس الشوري الأعلي مكونا من اثني عشر عضوا من أعيان الطائفة والثاني مجلس قضائي. مهمته مساعدة المدير الرسولي فيما يتعلق بالأحوال الشخصية التي يجب البت فيها. في حين جعل الأمور الروحية الكنسية الداخلية خارجة عن نطاق العلمانيين ليتفادي الخلافات التي تحدث عادة بينهم وبين الاكليروس. أدت هذه الإجراءات التنظيمية إلي نهضة واضحة للكنيسة القبطية الكاثوليكية وصل صداها إلي البابا لاون الثالث عشر عن طريق برقيات ورسائل من رجال الدين "الاكليروس" والمواطنين وتجاوبا منه كتب رسالة بتاريخ 11 يونيو 1895 اتبعها الأنبا كيرلس مقار بمنشور رعوي يعلق فيه علي رسالة البابا. أثارت الرسالتان حماس الأقباط الكاثوليك وتكون منهم وفد برئاسة الأنبا كيرلس توجه إلي روما لتقديم الشكر للبابا ولطلب المزيد من المساعدة لاحياء الكرسي الاسكندري والارتقاء بالكنيسة القبطية الكاثوليكية. في 26 نوفمبر 1895 اصدر بابا الفاتيكان لاون الثالث عشر رسالة أعلنها إلي العالم المسيحي من مجلس الكرادلة المنعقد تحت رئاسته أعاد بموجبها إلي الأقباط مقام البطريركية "بطريركية الاسكندرية الكاثوليكية" بجميع امتيازاتها القديمة وقرر للأقباط أمر تدبيرها الروحي والرعوي كما قرر تأسيس اسقفيتين في المنيا والأقصر. في العام التالي اندلعت الحرب بين ايطالياواثيوبيا وكان امبراطور اثيوبيا منليك الثاني أسر عددا من الايطاليين وأراد البابا لاون الثالث عشر أن يتوسط لديه لاطلاق سراحهم فاختار لهذه المهمة الخطيرة الأنبا كيرلس مقار الذي لبي الدعوة واصطحب معه الأب لويس سلامة ورسالة البابا إلي امبراطور اثيوبيا. استغرقت الرحلة ستة أشهر وكانت محفوفة بالمخاطر واستضافه الامبراطور 15 يوما حيث اعجب بفطنته ومنحه وساما رفيع الشأن ثم تركه يغادر ومعه رسالة إلي البابا عبر فيها عن استعداده لتحقيق طلب قداسته بترك الاسري فور ايقاف الحكومة الايطالية أعمالها الحربية ووعد بأن تخفف وطأة الأسر إلي حينه واشاد في مطلع الرسالة برسول البابا. الأنبا كيرلس مقار وبالفعل فور عودة الأنبا كيرلس في مطلع إلي مصر تم الصلح بين اثيوبياوايطاليا باطلاق الأسري. في 1898 عقد الأنبا كيرلس مجمعا كنسيا للنظر في كل ما له علاقة بدستور الايمان والآداب الكنسية وتوزيع الأسرار المقدسة والوسائط المناسبة لخير المؤمنين وحقوق الرعاة وواجباتهم نحو رعاياهم. وفي 23 ابريل 1899 صدق الكرسي الرسولي علي نتائج المجمع وطبعت أعماله في روما ثم أعلن بابا الفاتيكان. كيرلس مقار بطريركا علي الكرسي الاسكندري لما رأي فيه من العلم والتقوي وحسن الادارة والوساطة وتم سيامته وتجليسه في الكاتدرائية الجديدة بالاسكندرية في 31 يوليو 1899 بعدها توجه مع وفد الكنيسة القبطية الكاثوليكية إلي روما لتقديم الشكر للبابا وتأكيد اتحاد الاقباط الكاثوليك بكنيسة روما "الكرسي الرسولي". في 29 يناير 1900 اعترفت الحكومة المصرية بالأنبا كيرلس مقار بطريركا بموجب قرار خديوي وبهذا أصبح يعامل معاملة بطريرك الأقباط الارثوذكس فتكون له مكانته في بروتوكول الدولة والحق في التنقل لتفقد شعبه وان يستقبل استقبالا رسميا. ظل البابا كيرلس في منصبه حتي 30 مايو 1908 حيث قدم استقالته.