الفيوم - محمد الفل وجمال قطب تقرر تأجيل الاحتفالية بالاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية المهندس ابراهيم محلب مستشار رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية ووساطة وفد برلماني وشبابي قبطي ويتردد ان الاحتفال بالاتفاق سيتم بعد الانتهاء من بناء السور المحيط بالدير وبدء تنفيذ طريق التنمية الجديد. بدأت أعمال الرفع المساحي للمناطق التي يتضمنها الاتفاق ومنها 3500 فدان لمحيط الدير و100 فدان للمزرعة منذ الاثنين الماضي.. في الوقت الذي التزم الرهبان بالصمت وأغلقوا هواتفهم المحمولة ورفضوا الادلاء بأية تصريحات اعلامية واكتفوا بالتعبد والصلاة حتي عبور الأزمة التي تفاقمت وتصاعدت وتيرتها بعد قيام حملة قادها المستشار وائل نبيه مكرم محافظ الفيوم واللواء ناصر العبد مساعد وزير الداخلية لأمن الفيوم واللواء خالد جبرتي سكرتير عام المحافظة واللواء محمد حسن حمودة السكرتير المساعد والمهندس حسين عبدالخالق رئيس مركز يوسف الصديق والتي أزالت 500 متر من السور الحالي للدير الذي يحيط بمساحة 13 ألف فدان. ورغم الوعود بسحب القضايا المرفوعة من الطرفين إلا ان كليهما لم يقم بسحبها حتي الآن من ساحات المحاكم فقد أحالت محكمة القضاء الاداري بمجلس الدولة لهيئة المفوضين الدعوي المقامة من الرهبان أثناسيوس السرياني ومكاريوس السرياني وصموئيل السرياني برقم 18220 لسنة 70ق للمطالبة بوقف تنفيذ ومرور طريق وادي الريان - الواحات البحرية الذي يمر بمنطقة التعديات باعتبار انهم تسلموا موقع الدير من وزارة الآثار وان هناك نقاطا بالدير اثرية ومسجلة كآثار ومن المحظور القيام بأعمال الحفر أو التنقيب بها. فيما تحدد 18 مايو القادم لنظر دعوي مصطفي منسي عضو نقابة الصحفيين رقم 6526 لسنة 13ق المعدلة برقم 167 لسنة 1 قضائية التي أكد فيها ان الرهبان تعدوا علي مساحات كبيرة من محمية وادي الريان ويتحدون إرادة الشعب والحكومة والقانون ومنعوا شق الطريق وتصدوا لمعدات الشركة المنفذة أكثر من مرة خاصة وان الكنيسة اعلنت عدم موافقتها علي تعدي الرهبان علي أراضي الدولة دون موافقات. قال المستشار وائل نبيه مكرم محافظ الفيوم ان الدولة حسمت الخلافات مع الرهبان بشكل سلمي دون مواجهات مشيرا إلي أن المعدات ستبدأ قريبا في شق الطريق واستكمال خطة الدولة بشبكة طرق تخدم برامج التنمية. ابدي اللواء محمد حسن حمودة السكرتير العام المساعد ارتياحه لاستعادة 9 آلاف فدان أملاك الدولة ويتيح استكمال خطط التنمية. قال المهندس ممدوح الحسيني ان الطريق يتم شقه حاليا ويبدأ من الزعفرانة بالسويس مرورا بالدير والواحات ووصولا إلي الاسكندرية من الطرق الاستراتيجية المهمة لخطط التنمية وان تحكيم لغة العقل والمنطق مطلوبة في التعامل مع تلك القضايا التي تخص الترابط الاجتماعي والنسيج الواحد لأبناء الوطن وقطع الطريق علي الأعداء واحباط مخطط الفتنة والوقيعة.. يأتي ذلك في الوقت الذي رفض عدد من الأهالي ومنهم احمد جمعة رئيس مجلس محلي سابق الاتفاق مؤكدا ضرورة الحفاظ علي هيبة الدولة. فيما قال عماد سعد حمودة عضو مجلس النواب عن الفيوم والذي شارك في انهاء الأزمة ان الوفد البرلماني الذي التقي بالرهبان مؤخرا توصل لاتفاق شبه نهائي علي البدء في تنفيذ الطريق. عين المياه اوقفت المسح ..والنائب د.عماد جاد يكشف ل "الجمهورية" : أسرار انتهاء أزمة دير وادي الريان محلب كلفني بالتواصل مع الرهبان.. والأب اليشع ساعد في نجاح المهمة انتهت أزمة دير وادي الريان.. وانتصر العقل وخرجت كل الأطراف منتصرة. فلا خاسر ولا فائز ولا منتصر ولا مهزوم.. مصر هي التي انتصرت بروح المحبة التي تحلي بها أبناؤها. والمؤكد أنه بعد الإعلان عن تسوية الأزمة والاتفاق علي تعديل مسار الطريق المقترح. يبقي السؤال الذي شغل الجميع وسط فيض من التقارير التي امتلأت بها مواقع الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي: ماذا حدث؟ وفيم كانت المشكلة؟ وكيف تم الخروج منها بحل يرضي جميع الأطراف.. هذه التساؤلات وغيرها حملتها معي للدكتور عماد جاد عضو مجلس النواب ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والذي أدار ملف حل أزمة دير وادي الريان بكل كفاءة واقتدار وشفافية في التواصل بين أطرافها الثلاثة: الدولة والكنيسة ورهبان الدير. لقد حرص الدكتور عماد جاد طيلة الفترة الماضية علي التزام الصمت. وأدار ملف المفاوضات بين الأطراف الثلاثة بكل حرفية بعيدا عن ضغوط الإعلام.. واليوم يخرج عن صمته ويختص ¢الجمهورية¢ بهذه التفاصيل التي تنشر لأول مرة... ورغم ذلك .. توقفت قبل يومين عمليات المسح المساحي للموقع بسبب عين المياه الثالثة التي تضمنها الاتفاق داخل أسوار الدير . حيث استبعدت عمليات المسح هذه العين . فاعترض الرهبات وانسحب مهندسو المسح. * في البداية سألت الدكتور عماد جاد: كيف تم نزع فتيل أزمة وادي الريان؟ ** قال: تم نزع فتيل الأزمة بشقين.. الشق الأول: ان دير وادي الريان أو الدير المنحوت هو دير تاريخي موجود في سفح الجزء الشرقي من محمية طبيعية بين جبلين مساحتها 13 ألف فدان. هذه المحمية يعيش بها الرهبان من الستينيات. ثم توزعوا علي باقي الأديرة. ثم عادوا بعد ذلك في التسعينيات لتعميرها. وفي عام 2013 قاموا ببناء سور بين طرفي الجبلين. فأغلقوا المحمية الطبيعية وأقاموا مزارع وهذه محل خلاف من فترة طويلة لأنها اراضي وضع يد والدير غير معترف به قانوناً. * قلت مقاطعاً.. ولكن هناك وثيقة وقعها البابا تواضروس في عام 2012 يعترف فيها بهذا الدير وأثريته؟ ** قال د.عماد جاد: نعم.. البابا يعترف بأثرية الدير الموجود من القرن الرابع. ولكن ليس بالمساحة كلها ولا الرهبان الموجودين فيه لأنه دخل رهبان بعد ذلك المهم.. أن المشكلة مستمرة. ثم أثيرت أكثر مؤخرا عندما قررت الدولة شق الطريق الاقليمي الذي يربط بين البحر الأحمر من العين السخنة الزعفرانة وحتي الضبعة. ولذلك الطريق يشق الدير. وكان التصميم الأول أن يشق الدير من ثلثه أو ربعه الأول. وتبقي باقي المساحة الأخري خلف هذا الطريق. وقد اعترض الرهبان لأسباب كثيرة من بينها: أن الدير موجود في الناحية الشرقية من المحمية. وإنما الناحية الغربية بها مزارع وبعض الأماكن الأثرية. فبدأت أجهزة الدولة تتفاوض مع الكنيسة والرهبان والمهندس ابراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية ذهب اليهم وجلس مع الرهبان وكان مسار الطريق من عند المدخل الأول للدير وكان يعزل عيون المياه بالاضافة الي مزرعة ضخمة هي مزرعة الأب متي ومساحتها ألف فدان. فتم التوافق علي أن يتم ترحيل الطريق 1200 متر ناحية الغرب ليتم ضم عيون المياه. لتكون مساحة الدير 3500 فدان. بالاضافة الي 1000 فدان وهي مساحة المزرعة. وانتهي الأمر علي الاتفاق علي هذه المساحة 3500 زائد 1000 فدان وما تبقي يعود للدولة كمحمية طبيعية. والرهبان كان لديهم أكثر من تخوف.. أولها: أن الأعراب وهم لديهم مشاكل ضخمة معهم سيكونون علي سور الدير. وانه خوفا من أن هذه الأرض ربما تملك. فسيكون لديهم جيران مزعجين. فكان الاتفاق الأول أن هذه المنطقة هي منطقة محمية طبيعية وبالتالي لا تباع ولا تشتري. وأن يتم بناء سور الدير بالطوب والأسمنت. وأن يتم عمل سور للمزرعة بالسلك الشائك. وتم الاتفاق علي أن يبدأ أولا بناء السور وبعد أن ينتهي ذلك تبدأ الدولة بالدخول بمعداتها وتشق الطريق. وكانت المشكلة الثانية مع الكنيسة علي أساس أن بعضهم كان خائفا من التنكيل به من قبل الكنيسة. لأن البابا كان قد أصدر بيانا من خلال المجمع المقدس أن هذا ليس ديرا وهؤلاء ليسوا رهباناً. فتواصلنا مع الكنيسة والبابا قال: إنهم أولادي ولكن ينفذوا الاتفاق. وسوف يتم الاعتراف بالدير. لأن مساحة الدير ستكتب باسم الكنيسة الارثوذوكسية وبالتالي البابا ليس لديه مشكلة أن يبدأ بعد ذلك في تقنين وضع الدير ويعفو عن الرهبان وبالتالي تم نزع فتيل الأزمة بهذا الشكل. * وهل توجد مواقع أثرية أخري خارج هذه المساحة المحددة؟ ** قال د.عماد: نعم هناك حاجات أثرية حيث أن هذه الآثار الموجودة بالمحمية الطبيعية حتي ولو كانت آثاراً مسيحية .. هل هي ملك للدولة أم ملك للدير؟ الطبيعي أن تكون ملك للدولة..لأن الدولة تملك الآثار الموجودة علي الأراضي المصرية. والرهبان كان رأيهم أن تكون هذه الآثار مملوكة للدير. فتوصلنا إلي إتفاق أن الدولة تملك جميع الآثار الموجودة علي أراضيها وبما أن المنطقة محمية طبيعية إذن تتولي الدولة رعاية هذه الآثار وصيانتها ولا تباع ولا تشتري. * وما صحة ما قيل عن رقم ال 13000 فدان؟ ** قال د.عماد جاد: المنطقة تقع علي شكل حرف U ومساحة الدير عبارة هذه المنطقة التي تمتد علي 11 كيلو مترا وتشمل كاتدرائية وقلالي الرهبان والمزرعة وعيون الماء وتم تعديل مسار الطريق وترحيله ليتم ادخال عيون المياه الي الدير والرهبان قالوا إن هناك آثارا مسيحية وأقاموا سورا ببوابتين عام 2013 وتم الاتفاق علي تعديل المسار. وما تبقي يكون محمية طبيعية. * نريد أن نعرف ببداية تكليفك بادارة هذا الملف؟ ** قال د.عماد جاد: تلقيت اتصالات تليفونيا من المهندس ابراهيم محلب يوم الثلاثاء قبل الماضي يطلب مقابلتي. وعندما قابلته عرض علي المشكلة. وهو مكلف من رئيس الجمهورية بشق الطريق والاشراف عليه. وفي نفس الوقت يريد حل المسألة بشكل ودي وهو لا يريد أن يشق الطريق ويحدث صدام مع الرهبان فسألته عن المطلوب. فشرح لي الموقف. فقمت باصطحاب مجموعة من الشخصيات وذهبنا يوم الخميس قبل الماضي وجلسنا مع الرهبان 6 ساعات وطلبت أن أزور أبونا بولس المحتجز في قسم يوسف الصديق. لأن أحد الرهبان من زملائه هو الذي كان قد سلمه للشرطة. وزرناه جميعا وجلسنا معه ساعة ونصف الساعة في القسم ثم ذهبنا للدير وجلسنا مع الرهبان 6 ساعات والذي قام بحل الموضوع الأب الروحي للدير أبونا اليشع وهو يعالج حاليا في المانيا وقبل أن أذهب اتصلت به يوم الأربعاء في المانيا وأبلغته بالزيارة. فرحب وعرض تقديم المعاونة بعد أن قدمت له العرض المقترح ووافق عليه. وقال لي لو تأزم المشهد كلمني وأنا ساخاطب الرهبان. والمفاوضات تأزمت أكثر من مرة فاتصلت به وفتحت الأوت سبيكر وأحضرت الرهبان كلهم ليسمعوا كلامه. وقال لهم: هذا العرض ممتاز.. لا تتفاوضوا إلا مع الدكتور عماد وأنا أطلب منكم أن توافقوا بشكل واضح. ثم قابلت المهندس ابراهيم محلب يوم الجمعة قبل الماضي وعرضت عليه الموضوع. ولم يبق سوي الجزء الخاص بالكنيسة. فتواصلت مع سكرتير البابا أبونا انجيلوس وكان البابا حاضراً معنا كل لحظة من خلال سكرتيره. وكان يبارك هذه الخطوات. وحتي قبل أن اسافر الدير تواصلت مع البابا من خلال إحدي الشخصيات. ووافق البابا علي المقترح. ويستطرد د.عماد قائلا: لم تكن القضية الأكبر مع الدولة. بل مع الكنيسة لأن الرهبان كانت لديهم مخاوف من عدم الاعتراف بالدير. أو قيام البابا باتخذا إجراءات ضدهم. وهم طلبوا موافقة قداسة البابا قبل ان ينفذوا. فقلت إنه ليس بمقدوري الرجوع للبابا. لأن هذا معناه إملاء شروطهم وهذا أمر غير مقبول. فقلت من الممكن عمل حل وسط وهو أن تقابلوا أبونا انجيلوس سكرتير البابا وفي المقر البابوي ويجلس معكم مفوضا من البابا. وبعد أن يبدأ شق الطريق يلتقي بكم البابا. واتفقنا علي ذلك. * بعد هذا المجهود الذي بذلته وتواصلك مع الأطراف الثلاثة الكنيسة والدولة والرهبان.. ما تقيمك لردود أفعال الأطراف الثلاثة؟ ** قال د.عماد جاد: كان هناك سوء تفاهم بسبب عدم وجود اتصال جيد بين هذه الأطراف رغم أن الحل كان واضحاً ولذلك عندما عرض المهندس ابراهيم محلب الحل وجدته نموذجيا. فتواصلت مع الكنيسة ورحبت به.. فما المشكلة؟ وعندما زرت المهندس ابراهيم محلب في قصر الاتحادية يوم الثلاثاء طلبت منه مهلة حتي يوم السبت. وكان عرض الدولة جيداً.. والذي كان يعرقل الموضوع هو عدم وجود ثقة لدي الرهبان من ناحية أجهزة الدولة. بالاضافة الي عدم وجود ثقة من ناحية ما ستفعله بهم الكنيسة وما فعلته هو أنني أعطيتهم ثقة من ناحية أجهزة الدولة وهم أرادوا أن يسمعوا هذا الكلام. فاتصلت بالمهندس ابراهيم محلب وأنا أجلس معهم وسمعوا العرض منه شخصياً علي التليفون. * وما مصير الأب بولس المحتجز حالياً؟ ** قال د.عماد جاد: هو محتجز بسبب قضية مرفوعة عليه منذ سنوات. وفيما يتعلق بتهمة حرقه معدة شركة المقاولين العرب تواصلنا مع الشركة وأفاد المسئولون بأنهم لا يعرفون من الذي حرق. وإنما تم عمل المحضر من أجل الحصول علي التعويض من التأمين. ولم توجه الشركة اتهاما له. خاصة أن الوقت كان مظلماً ولم يمكن ممكنا تحديد الشخص. ولدي ثقة كبيرة في أنه سيخرج من هذه القضية. خاصة أنه لا يوجد شهود علي واقعة اتهامه. * وما صحة ما تردد عن قيام الشرطة بالقبض علي هذا الراهب من الدير؟ ** قال د.عماد جاد: غير صحيح. ما حدث أن راهبا زميله. قام باختطافه ووضعه في سيارته وقام بتسليمه لقسم يوسف الصديق خاصة أن أبونا بولس كان ينتمي للجناح المتشدد في حل الأزمة والدولة لم تتحرك خارج حدودها. * إذن الشرطة لم تقتحم الدير كما قيل؟ ** علي الإطلاق. وهذه واقعة الجميع يعلمها أن راهبا زميلا له وأخر معه. وهما حاليا خارج الدير. وكان يريان أنه من المتشددين. وهما من أنصار التسوية من مرحلة مبكرة. فقاما بالذهاب إلي قلايته. قيداه واقتاداه إلي قسم الشرطة. وأنا عندما زرته في قسم يوسف الصديق وجدته يعامل معاملة محترمة. * ومتي يتم الافراج عنه؟ ** هو واخد تجديد 15 يوماً وبعدها سيعرض علي النيابة ونتمني انه بعد أن يفتح الطريق أن تحل كل المشاكل. خصوصا أنه لا يوجد اتهام جدي له. * وأخيراً.. ما التقييم الاجمالي لتسوية هذه الأزمة؟ ** نجحت 100%. مطالب الدولة شق الطريق. وقد تحققت. ومطالب الرهبان تتمثل في الأمان من ناحية الدولة وهذا تم ضمانه بالسور الذي تعمله شركة أيوب عدلي أيوب للمقاولات وباقي المنطقة محمية طبيعية فلا أحد يقدر علي الدخول إلي هذه المنطقة الواقعة بين الجبلين. وهم كانوا طالبين حل مشكلتهم مع الكنيسة. وهذا أخذنا وعدا به. وسيتم حلها. وسنطلب من البابا أن يعفو عن أي أخطاء من أي راهب. خاصة أن هذا الدير سيكون أكبر دير في مصر علي الإطلاق. لأن أكبر دير حاليا هو أبومقار 2000 فدان. وهذا الدير سيكون ضعفه. والرهبان يعمرون المنطقة وأقاموا مزارع. وإن شاء الله بعد التسوية مع الكنيسة تكون التسوية قد لبت مطالب جميع الأطراف. القديسة ريتا.. شفيعة الأمور المستحيلة "أنطونيو منشيني" و"أماتا فاري" زوجان من بلدة كاسيا الإيطالية» بلغا من العمر سن الشيخوخة دون أن يرزقا بولد» لكن صلاتهما المتواصلة جعلت الربّ يشفق عليهما فرزقهما طفلة دعوها باسم مرغريتا وسميت تحبّباً ريتا. وكان ذلك عام1381 في طفولتها حدثت بعض المعجزات التي ظلّ القرويّون يتناقلونها فترة طويلة. ومنها أن النحل أطعمها في فمها عسلاً دون أن يؤذيها وعندما بلغت عمر الزواج. فكّر أهلها في تزويجها. إلاّ أنّها كانت تعيش حبّاً داخليّاً للربّ يسوع وكانت توَد أن تنذر نفسها له» فراحت تنازعها عوامل الوفاء لنذرها والطاعة لوالديها. ورضخت لإرادة والديها فتزوّجت من الرجل الذي اختاروه لها وراحت تعطيه كل حنانها ومحبتّها وصلاتها وكان فارسا مغرورا محبا لذاته.. لم يتورّع أن يوجّه إليها الإهانات. بل كان أحياناً كثيرة يعتدي عليها بالضرب الموجع » مع ذلك كانت هي في استمرار تصلّي وتتشفع بالعذراء كي تساعدها علي تحمّل بلواها,في سرية تامة.. استجاب الربّ لصلاتها فراح الزوج يعود إلي ضميره رويداً رويداً وغدا إنساناً يعرف معني الحياة الزوجية المسيحية. رزق الله القديسة "ريتا" ولدين صبيين فأحبتهما حباّ رقيقاً ولا أجمل» وراحت تزرع في قلبيهما خشية الربّ ومحبّة الآخرين» وتبعدهما قدر المستطاع عن روح المجتمع الذي كان أبوهما يتردّد إليه ولكن لم يطل الأمر حتي عاد الألم يقرع بابها مرّة أخري. فقد تعارك رجال مسلحون مع زوجها ذات مساء فأردوه قتيلاً. واجهت ريتا أفكار المجتمع الذي تعيش فيه وكان ينفث سمّ الانتقام في نفس الولدين من الفرد رفض الولدان أفكارها. وأخذا يقتربان من الشرّ. عند ذاك. وبقوّة إيمانها طلبت من الربّ يسوع أن ينقذ نفسيّ طفليها حتي علي حساب جسديهما. وبالفعل مرضا الواحد تلوَ الآخر. ورغم أنّها فعلت الكثير ممّا تفعله الأم لولدها المريض. إلاّ أن السماء أخذتهما بريئين قبل أن يقعا ضحيّة الشرّ المتجسّد في مجتمع الانتقام. تذكّرت ريتا نذرها القديم فراحت تقرع باب دير راهبات القديسة مريم المجدلية. لكن باب الدير أغلِقَ في وجهها. فهي امرأة قسي عليها الدهر والدير ليس هروباً من آلام الحياة لذا رفضتها الراهبات. لكن صلاتها جعلتها تفعل الأعاجيب. فذات ليلة وهي منخطفة بروح الصلاة حملها القديسون إلي كنيسة الدير المغلق بوجهها فصعقت الراهبات عندما رأينها في الصباح غارقة في تأملاتها في الكنيسة المغلقة وتعجّبن كيف استطاعت الدخول. وعندما أخبرتهن الحقيقة خضعن لإرادة الربّ وقبلنها في الدير. ونذرت الفقر والعفة والطاعة وقد طلبت منها رئيستها يوماً امتحاناً لها أن تسقي عوداً يابساً ليزهرّ» وبالرغم من سخرية أخواتها الراهبات بها فإنّها لبثت تسقيه عاماً كاملاً بالماء والصلاة حتي أزهر وصار كرمة يجني منها العنب حتي يومنا هذا. وطمحت ريتا أن تصل إلي مشاركة يسوع في آلامه. لذا أخذت تصلب يديها علي الأرض أياماً. حتي كانت أخواتها الراهبات يظننها مائتة. ولأن يسوع يدرك الحبّ اكثر من كل الناس. قبل مشاركتها إياه. فزرع شوكة من أشواك إكليله في جبينها. فأخذت الآلام المبرحة توجعها ورائحة الجرح تضطرها إلي الانزواء في غرفة قاسية لئلا تزعج الأخوات. وبقيت خمس عشرة سنة تمجّد الربّ في آلامها. وفي السبعينات من عمرها زارت روما طالبة من الربّ أن يخفي جرحها حتي لا تُحرج أمام الآخرين فكان لها ما أرادت. وعندما عادت ظهر الجرح ثانية. وفي ليلة ميلادها السادسة والسبعين عانقت روحها الطاهرة يسوع في سمائه فانتشرت الرائحة الذكية في كل أرجاء الدير. عندما حملت الراهبات جسد القديسة ريتا شعّ نور في غرفتها. وراح مكان الجرح يتوهّج. وكانت راهبة مشلولة اليد عانقتها فشفيت علي الفور وأفواج من الطالبين شفاعتها كانت تحصل علي عجائب كثيرة.