ندرك مدي معاناة أي مسئول عند شروعه في اختيار مساعديه ومستشاريه الذين يحسبون له أو عليه في الأداء والتصرف. تتصاعد هذه المعاناة مع ارتفاع درجات الهرم المؤسسي للدولة حتي تصل إلي قمة الهرم وهو رأس الدولة المسئول الأول فيها الذي أعطاه الشعب ثقته بالانتخاب الحر وكلفه بإدارة جميع شئون البلاد بالتعاون مع السلطات الأخري وكفل له الدستور حق اختيار من يساعدونه في تحمل المسئولية وفي مقدمتهم أعضاء الحكومة التي عليها كسب ثقة البرلمان بعد اختيارها من جانب الرئيس. تعود صعوبة عملية الاختيار التي تستعرق وقتا طويلا في المقام الأول إلي ضيق دائرة الاختيار في مجتمع تعرضت معظم كوادره وكفاءاته للتجريف طوال 4 عقود واضطرت اما للهجرة والعمل في الخارج وإما للتراجع إلي الصفوف الخلفية تاركة للفاسدين والمنافقين وتجار الشهرة فرصة الاستيلاء علي مقاعد النخبة بغير استحقاق. نأمل بعد الثورتين أن تتسع دائرة الاختيار ليس للمناصب الوزارية وحدها بل لجميع مؤسسات الدولة وهيئاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية طبقاً لمعايير الكفاءة والقدرة علي الابتكار والشعور بالمسئولية تجاه الوطن والشعب وإنكار الذات وتقبل النقد وشجاعة تصحيح الأخطاء والدقة في اختيار كوادر العمل والمراقبة والمحاسبة لها دون تأثر بالمصالح الشخصية أو الانتماء العائلي أو الفئوي أو السياسي. مصر الجديدة تستحق نخبة جديدة تقدم القدوة لكوادر المستقبل في التضحية من أجل التقدم والازدهار.