الفنان الراحل حسين صدقي هو أحد رواد السينما المصرية ومن الذين ساهموا في نهضتها بأفلامه الهادفة الجادة والتي تعبر عن شخصيته الحقيقية حيث ابتعدت أفلامه عن السطحية والتفاهة.. وقدم العديد من الأدوار الرومانسية والتراجيدية مع نجمات السينما المصرية في فترة الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي.. كما تميز بأدائه الراقي الذي جذب به أنظار الجمهور ومنتجي ومخرجي السينما. ولد الفنان حسين صدقي في 6 يوليو 1917 بحي الحلمية الجديدة. وتوفي في 6 فبراير 1976. ولم يصل لسن ال60 عاماً ليمر عليه غداً السبت ذكري مرور 30 عاماً علي رحيله.. حيث عاش يتيماً منذ كان عمره خمسة سنوات بعد وفاة والده لتقوم علي تربيته أمه التركية التي جعلته يهتم بأمور دينه منذ طفولته فشجعته علي قراءة القرآن الكريم وحفظه والصلاة في المسجد. رفض القبلات والأحضان عرف حسين صدقي بالتزامه الشديد أخلاقياً ودينياً حتي أنه حاول إستغلال أفلامه في إصلاح المجتمع وتقديم سينما هادفة بعيدة عن الأعمال الهابطة.. حتي أن الفنان يوسف وهبي عرض عليه الإنضمام لفرقة رمسيس المسرحية. وعرض عليه أيضاً أن يلعب دور شاب يدخل في علاقة مع زوجة أبيه.. فما كان منه إلا أن رفض الدور لأخلاقياته التي لا تسمح بذلك لافي الحياة ولا التمثيل حتي لا يدفع الشباب للتفكير في ذلك الأمر. نجومية مبكرة بدأ حسين صدقي خطواته الفنية في الثلاثينات بالتمثيل في فرقة جورج أبيض وفرقة فاطمة رشدي.. وجاءت أول أفلامه السينمائية من خلال فيلم "الدفاع" عام 1935 قصة وبطولة وإخراج يوسف وهبي مع أمنية رزق... إلا أن أول بطولة سينمائية جاءت بعدها بعامين في فيلم "تيتا وونج" عام 1937 بطولة وإخراج أمينة محمد التي رشحت بنفسها حسين صدقي لدور البطولة بعد أن شاهدته في إحدي عروض فرقة فاطمة رشدي. وقد شاركت الفنانة نجمة إبراهيم بالغناء فقط في الفيلم مع المطرب الصاعد حين ذاك محمد الكحلاوي. وبعد بطولة فيلم "تيتا وونج" انفتحت لحسين صدقي أفاق السينما والبطولة وهو في سن العشرين عاماً ولعب بطولة العديد من الأفلام خاصة أمام عدد كبير من مطربات السينما مثل صباح ونور الهدي ورجاء عبده ونجاة علي.. وليلي مراد التي حصلت علي نصيب الأسد في أفلامه بداية من فيلم "ليلي" عن غادة الكامليا.. وليلي في الظلام... وأشهرها "شاطئ الغرام" لتصل عدد الأفلام التي قدمها للسينما كممثل 40 فيلما أخرها فيلم "أنا العدالة" سيناريو وبطولة وإنتاج وأخراج حسين صدقي مع مها صبري وعباس فارس ونظيم شعراوي. خاض حسين صدقي في جميع مجالات وأفرع السينما فإلي جانب التمثيل قام بتأليف وكتابة سيناريو "15 فيلما". كما أخرج "16 فيلما" وأنتج "9 أفلام" وقام بتوزيع ثلاثة أفلام وذلك بعد أن أسس شركة الإنتاج الخاصة به عام 1942. ويعتبر فيلم "أنا العدالة" هو أخر أعماله وهو الفيلم الذي قام بكتابته وبتمثيله وإخراجه وإنتاجه. ليعتزل في عز مجده بسبب اعتراضة علي سياسة التأميم حيث كان يري أن اشراف الدولة علي صناعة السينما معناه يديرها موظفون حكوميون لا يفقهون في الفن شيئا. أنشأ حسين صدقي عمارة سكنية ضخمة عند مدخل المعادي أطلق عليها إسم "برج المعادي" مطلة علي كورنيش النيل. كما شيد مسجدا يحمل اسمه حتي الأن في حي المعادي. وفي سنواته الأخيرة قرر أن يحرق أفلامه التي تعتبر من علامات وتاريخ السينما المصرية لأنها من وجهة نظره حرام.. حتي أنه إلتقي بالشيخ محمد متولي الشعراوي وإستشاره في ذلك إلا أن شعراوي رفض أن تحرق أفلامه. حرق أفلامه وقبل وفاته أوصي أبناؤه الخمسة بأن يقوموا بحرق أفلامه بعد رحيله وتنفيذاً للوصية حرق أولاده 19 فيلماً في حديقة برج المعادي بعد وفاته.. إلا أن فيلم "خالد بن الوليد" الذي لعب بطولته وأخرجه وأنتجه وقام بكتابتة أوصي بعدم حرقه من إنتاج ..1958 وهو الفليم الوحيد الذي نجا من الحرق بسبب الوصية وبسبب وجود نسخته في لندن بمعامل دينهام.. ومن النسخ التي حرقت: العامل الأبرياء البيت السعيد المصري أفندي أدم وحواء معركة الحياه الحظ السعيد وطني حبي.. وأنا العدالة أخر أفلامه. خاض حسين صدقي إنتخابات مجلس الشعب في عام 1961 بناءً علي رغبة جيرانه وأهالي حي المعادي ونجح نجاحاً ساحقا.. ولكنه لم يكررها مرة أخري بسبب تجاهل مسئولي الدولة للمشروعات والقوانين التي طالب بسنها وتنفيذها في مجلس الشعب من بينها منع شرب الخمور في مصر.. وبعد 15 عاماً من إعتزاله التمثيل والوسط الفني مات إبن البلد الشهم الأصيل الذي التزم بأخلاقياته في أعماله السينمائية.. إلا أن أفكاره الدينية جعلته ينظر لميراثه الفني كأنه عائق يمنعه من التقرب إلي الله فأوصي أولاده بحرق أصول أفلامه!!