** في معارك النخبة التي تحاول فرض وصايتها وهيمنتها علي المجتمع والتي تريد بعض أطرافها احتكار المشهد الإعلامي والسياسي علي طريقتها ووفقاً لمفاهيمها وإقصاء وإبعاد خصومها ومنافسيها والمختلفين معها سياسياً فإن أحد مقدمي البرامج الفضائية من الذين هبطوا علينا من السماء مع ثورة يناير قال في برنامجه "الملاكي".. إن هناك شخصيات متخلفة عقلياً علي المنابر الإعلامية وأخري جهلة..! الاتهام يعني أن هناك عدداً من الإعلاميين الجهلة والمتخلفين عقلياً يقودون الرأي العام من خلال منابرهم الإعلامية. وما قاله مقدم البرنامج الذي ينتمي إلي تيار سياسي يختلف مع العديد من الإعلاميين في القنوات الأخري يثير الكثير من التساؤلات حول تعريف الإعلامي ومواصفات ومؤهلات مزاولة هذا العمل. فقد اختلط الأمر علينا منذ غزو الفضائيات التليفزيونية وسيطرة رجال الأعمال علي هذه القنوات بأموالهم التي لا يعرف أحد لها مصدراً في أحيان كثيرة..! ففي هذه القنوات فإن كل شيء مباح ومستباح ومن الممكن حدوثه وتصوره. فالراقصة تتحول إلي إعلامية تحاضرنا في الفضيلة والحشمة. ولاعب كرة القدم يصبح إعلامياً كبيراً يصدر أحكامه وقراراته ضد الجميع.. وكل فنان غابت عنه الأدوار والأضواء وجد في الفضائيات بديلاً وأشبعنا حديثاً في الوطنية والثورة والهجوم علي الأمريكان وأعلنها حرباً علي الجميع..! ولأن الكل يرفع صوته ويتهم ويزايد ويحاكم أي مسئول ويصدر إليه توجيهاته فإن المشهد أصبح عبثياً وفوضوياً وضاراً بالمصلحة الوطنية لأن الحقيقة أصبحت غائبة. والحقيقة يتم عرضها وفقاً لمفاهيم وأفكار وثقافة من يقدمونها..! وبلغت الفوضي مداها في الصراع بين ثورتين الذي أصبح دائراً علي الفضائيات. فأنصار ثورة يناير من الإعلاميين اتهموا خصومهم بالجهل والفساد ايضا. وأنصار ثورة يونيه ردوا بتوجيه الاتهامات بالتآمر والعمالة..! وما بين الجهل والفساد.. والعمالة والتآمر تضيع كل المفاهيم وتختلط كل الأوراق.. ونظل نبحث عن إعلام له قيمته واحترامه. إعلام يمكنه أن يساعد في رسم وتوضيح معالم الطريق. إعلام يمكنه أن يساعد في تجميع الأمة وتوحيد الصفوف. إعلام يدرك معني وقيمة ودور الكلمة.. وهو إعلام مازال غائباً ولن يكون..! ہہہ ** وانتقلت معارك الإعلاميين إلي علماء الدين أيضا.. ومفتي استراليا الدكتور مصطفي راشد الذي لا نعلم من اختاره لكي يكون مفتياً في استراليا. قال عن أحد المشايخ الكبار في مصر إن شهرته "نبوية". وكان بذلك يرد علي هجوم تعرض له من هذا الشيخ. والمفتي الذي يلجأ إلي هذا الأسلوب في حواراته وفي معاركه الشخصية لا يمكن أن يكون مفتياً في الدين ولا علاقة له بالإفتاء ولا بعمامة الأزهر ولا أعتقد أيضا أنه ينتمي إلي مؤسسة الأزهر العريقة. فإن تدافع وترد الهجوم وتنتقد المواقف فإن هذا حق للجميع في إطار من الاحترام والقدوة الحسنة. ولكن أن يصل الأمر إلي أسلوب التشهير والسخرية و"نبوية".. فإن هذا لا يليق بعالم دين ولا يصدر إلا عن حاقد لا يمكن أن يكون ملماً أو حافظاً أو فاهماً لكتاب الله وتعاليم الدين. ہہہ ** ونعود للقاهرة.. ومحافظ القاهرة الدكتور جلال السعيد الذي يبذل جهوداً لا يمكن إنكارها في محافظة تحتاج إلي عشرة محافظين. فالمحافظ كان في جولة في حلمية الزيتون عندما تقدم نحوه مواطن اشتكي من أقساط المخالفات علي سيارته "التاكسي" وأن المخالفات تمنعه من التجديد قائلاً "المخالفات مبهدلاني"!! والمحافظ استدعي مدير العلاقات العامة وأمره بالاتصال بمدير الإدارة العامة لمرور القاهرة لمعرفة إمكانية تخفيض الغرامات..! وربما كان المحافظ في ذلك يحاول التخلص من هذا الموقف سريعاً والتوجه إلي سيارته وبعد ذلك لكل مقام مقال.. ولكن المفاهيم التي ستترتب علي ذلك خاطئة وضارة. فلا يجوز التدخل لتخفيض المخالفات المرورية أو إلغائها. ولو سمحنا بذلك لكان هذا معناه أن الوساطات سوف تستمر. وأن الناس لن تهتم كثيراً بالمخالفات المرورية مادام في الإمكان تخفيضها أو العدول عنها. وسائق التاكسي سيكون "فتوة" في قيادته لسيارته. وسنتحول جميعاً إلي بلطجية والمخالفات سيدفعها فقط من لا يملك "الواسطة" ولا "الوينجز"... والوينجز زمان كانت سيجارة. وكان المثل بيقول "إذا أردت أن تنجز فعليك بالوينجز"! يعني الفساد موجود من زمان ولكن ما تغير هو "الوينجز" وقيمة "الوينجز"..! ہہہ ** ونعود للقضايا الملحة ومحاولات إنقاذ ما يمكن إنقاذه ونجاح مصر في تأمين الحصول علي قرض بمليار دولار من البنك الدولي لدعم الموازنة العامة. والحصول علي قرض جديد يعني قبولاً لشروط عديدة للبنك الدولي. ومن أهمها تخفيض الدعم علي الطاقة وما يتبعها من زيادة في أسعار الكهرباء وكذلك تخفيض أجور العاملين بالدولة. ويحدث هذا لأننا لا ندرك خطورة وصعوبة ما نمر به من تحديات ومصاعب اقتصادية. ولأننا أيضا لا نفهم ولا نستوعب أن أحداً لن يستمر في مساعدتنا بدون توقف. ولا ندرك أن هذا المليار كان يمكن أن يأتي بكل سهولة من عائدات السياحة وحدها لو أننا عدنا إلي العمل ووفرنا البيئة اللازمة للسياحة و"طبطبنا" علي السائح واحترمناه وأكرمناه..! نحن "نرفس" النعمة بأرجلنا.. وندور لنبحث عن قرض.. والله عيب..! ہہہ ** وكل التحية للشباب الذين أعادوا لنا أغنية "والله وعملوها الرجالة". لشباب كرة اليد الذين فازوا بالبطولة الافريقية.. لقد أدخلوا السعادة في قلوبنا بعد طول غياب.. ولم تكن الفرحة بالفوز بالبطولة بقدر ما كانت بسلوك الجماهير.. وبأعلام مصر في المدرجات.. وتحيا مصر.