في ظلال أنماط سلوكية واقعية رسمها القرآن المجيد وفي ظلال تعبيره عن الأغراض الدينية عشرات من النماذج الإنسانية ذات الأنماط السلوكية الواقعية التي تتسم بالتكاملية الخيرة أو الشريرة. ولكن قبل أن نتعرض لهذه الأنماط فإن هناك حقيقة لا شك فيها أن الله - تبارك وتعالي - قد قال: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا علي وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" "لقمان 14" وقال المفسرون "ووصينا الإنسان بوالديه" أمرناه أن يبرهما "حملته أمه" فوهنت "وهنا علي وهن" أي ضعفت للحمل المطلق وضعفت للولادة "وفصاله" أي فطامه "في عامين" وقلنا له "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" أي المرجع. وقد قال ربنا الأعلي والمبارك "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها. لا نسألك رزقا. نحن نرزقك. والعاقبة للتقوي" "طه 132" وقال المفسرون: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر" اصبر "عليها لا نسألك" تكليفك "رزقا" لنفسك ولا لغيرك "نحن نرزقك والعاقبة" الجنة "للتقوي" لأهلها وهكذا أيضا أن نسجل ثانيا هذه الحقيقة التي تؤكد هذه المباركة الطيبة لقوله تعالي تنزه وتقدس "وأمر أهلك بالصلاة". ومن أمثلة النماذج الشريرة التي تفتقر العمارة الإيمانية والاجتماعية: قال تعالي "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلي ضر مسه" "يونس 12" أليس هذا نموذجا يصور الجنس كله؟! ويقول المفسرون "وإذا مس الإنسان" الكافر "الضر" المرض والفقر "دعانا لجنبه" أي مضطجعا "أو قاعدا أو قائما" أي في كل حال "فلما كشفنا عنه ضره مر" علي فكره "كأن" محققة واسمها محذوف أي كأنه "لم يدعنا إلي ضر مسه كذلك كما زين له الدعاء عند الضرر والاعراض عند الرخاء "زين للمسرفين" المشركين "ما كانوا يعملون". قال تعالي "وإذا دعوا إلي الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين" "سورة النور 48 - 49" أليس هذا نموذجا لأولئك الذين لا يعرفون إلا مصلحتهم ولا يسعون لحق إلا حين تنكشف لهم هذه المصلحة؟ ويقول المفسرون "وإذا دعوا إلي الله ورسوله" المبلغ عنه "ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون" عن المجيء إليه "وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين" مسرعين طائعين. وللحديث بقية.