يبدو ان بطل "تيتانيك" ليوناردو دي كابريو علي موعد مع الأوسكار هذا العام.. لقد اقتنع الجمهور قبل الاكاديمية التي تمنح الأوسكار بأن دي كابريو قدم اعظم أدواره علي الشاشة في فيلم "العائد" الذي يشاهده الجمهور في العديد من بلاد العالم والمرشح ل "12 جائزة أوسكار" يستحق جميعها بلا تردد ولكن من الضروري القول بأن دي كابريو كان يعزف علي آلة واحدة في اوركسترا المايسترو المخرج اليخاندرو جونزاليس ايناريتو ذلك المكسيكي الذي جاء إلي هوليوود ليحصد الجوائز كل عام.. فقد حصل علي 4 أوسكار العام الماضي عن فيلم "بيردمان" وها هو يفعلها هذا العام ايضاً. فيلم "العائد" مأخوذ عن فصل من كتاب تأليف مايكل بينك كتب السيناريو مارك سميث بالاشتراك مع المخرج ايناريتو وهو مستوحي من واقعة حقيقية حدثت عام 1823 لواحد من صيادي الفراء "الدببة" اسمه هيو جلاس كان يعيش في غابات الحدود الغربية للولايات المتحدة حيث الجليد والدببة وبقايا الهنود الحمر يتعرض جلاس "قام بالدور دي كابريو" لهجوم من دب ضخم يتركه بين الحياة والموت ويتعرض لخيانة الصياد جون فيتزجيرالد "توم هاردي" الذي أراد ان يدفنه حياً ثم قتل ابن هيوجلاس وهرب. في أول دقيقة من الفيلم يقول دي كابريو علي لسان الصياد هيوجلاس انه يصارع من أجل البقاء ويقاوم عوامل الهلاك في غابة لا ترحم وجليد قاتل وخيانة اقرب للناس إليه ولكن غريزة حب البقاء هي الاقوي وعشقه للحياة كان الدافع للمقاومة حتي آخر نفس وكأنه هنا يجيب عن اتهام نقاد أمريكا للفيلم بأنه خال من الدراما ولذلك لم يرشح لأوسكار أحسن سيناريو ضمن ال 12 ترشيحا وهي مفارقة مذهلة لأن السيناريو يقدم دراما الرحلة التي تعتمد علي سلسلة من المواقف تصور كفاح البطل لكي يبقي علي قيد الحياة. صحيح كان يريد الانتقام من فيتزجيرالد ولكنه في النهاية عندما حدثت المواجهة بينهما اقتنع بكلامه عندما قال: "قتلي لن يعيد إليك ابنك" فتركه ولكن الهندي الأحمر اريكارا "شيزلي ويلسون" كان له رأي آخر. فيلم "العائد" يقدم واقعية من الطراز القديم التي ستبقي ما بقي فن السينما.. واقعية تعتمد علي الاجادة الفنية في جميع عناصر الفيلم بالاضافة إلي بعض الابتكارات الجديدة مثل مشهد نزع دي كابريو لاحشاء الحصان الميت ودخوله إلي بطنه الفارغة اتقاء لبرودة الجو ثم خروجه بعد ذلك وكأنه يولد من جديد من رحم الطبيعة. الفيلم قصيدة سينمائية فيه من الشعر بقدر ما فيه من السينما وهي معادلة صعبة وفي نفس الوقت تقترب حكايته من القصص الشعبية الدينية حيث خيانة الصديق "يهوذا" وقتل الابن والخروج من رحلة طويلة يعود بعدها البطل إلي الحياة مرة أخري عائدا من الموت وهنا يرتفع الفيلم بالرجل الابيض ويضعه في مقام الرسل الذين جاءوا إلي العالم يحملون رسالة سامية هي التي نقلت الحضارة الأوروبية إلي أمريكا. سوف يحصل "العائد" علي جوائز كثيرة لكن أكبر جائزة للسينما الامريكية انها كسبت ابداع المخرج المكسيكي الاصل اليخاندرو إيناريتو ومدير التصوير المذهل ايمانويل ليوبسكي وكل طاقم المؤثرات الصوتية والمرئية وجميعهم مرشحون للاوسكار.