من بين كل روايات أديب نوبل العظيم نجيب محفوظ. تحظي رواية¢اللص والكلاب¢ بمكانة خاصة جدا لدي أغلب العامة في مصر. خاصة بعدما تحولت لفيلم رفيع المستوي تباري فيه الثلاثي شادية وشكري سرحان وكمال الشناوي. بمنافسة فنية مازالت تخلد حتي اللحظة. السؤال الأبدي حول من الظالم ومن المظلوم. الرواية لمن لا يعرف ليست من وحي خيال أديب نوبل. وهو نفسه أكد في أكثر من حوار أن أحداثها مقتبسة بالكامل من صفحات الحوادث والجريمة في الصحف المصرية. التي تتبعت أخبار جرائم¢ محمود أمين سليمان¢ الذي شغل الرأي العام لعدة شهور في أوائل عام 1961. نجيب يروي أنه لاحظ شغف الناس بهذا المجرم وعطف الكثيرين منهم عليه. فقد خرج¢ محمود أمين سليمان¢عن القانون لينتقم من زوجته السابقة ومحاميه لأنهما خاناه وانتهكا شرفه وحرماه من ماله وطفلته وكان هذا سببا هاما من أسباب تعاطف الناس معه. ولتحقيق انتقامه ارتكب العديد من الجرائم في حق الشرطة وبعض أفراد المجتمع. وكان السؤال الذي شغل المجتمع هو من المجرم الأصلي في هذه القضية المعقدة؟!. ما علاقة هذا كله بالزميل العزيز جمال عقل؟ الإجابة أيسر ما تكون. فالزميل الذي قضي ثلاثة عقود من الزمان كمحرر للحوادث والجريمة. ومخبر سري في أكثر أماكن الجريمة المنظمة بدهاليز القاهرة. يملك حكايات لا تقل إثارة عن قصة السفاح محمود أمين سليمان الذي عرف باسم سعيد مهران. والأهم أنه كشف النقاب عن جزء يسير منها عبر كتابه المثير¢صحفي متجول في دنيا الجريمة¢ وأظن أن أغلب القصص الواردة داخل الكتاب تصلح لصناعة أعمال درامية لا تقل إثارة وعمقا عن فيلم اللص والكلاب لو توفر لها الحماس اللازم. الكتاب يكشف أيضا عن تحولات عميقة في عالم الجريمة يمكنها _مثل العمل الفذ¢اللص والكلاب¢ - ان تمثل مفتاحا لفهم حقيقة ما جري في المجتمع المصري منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي وحتي الآن. لا نطلب من الزميل جمال عقل أن يغادر عالمه الرحب داخل صفحات الحوادث ب¢الجمهورية¢ ولكن يليق به وبتاريخه المشرف أن يسعي بجد لاستكمال مغامراته المثيرة داخل أوكار الجريمة برفقة صناع الفنون المرئية ليقدم حلقات درامية سواء للشاشة الكبيرة أو الفضائيات. وهذا نفسه ما جري عند النهضة الكبري للفن السابع منتصف الخمسينات من القرن الماضي. بعدما تخلصنا من ظاهرة الاقتباس من الأعمال الفنية العالمية. وظهرت القصص الواقعية من أدراج مكاتب كبار رجال المحاماة لتصنع السينما الواقعية المصرية. هل من مجيب؟