عندما كنت أسجل حالات التحدي لدي أصحاب القدرات الخاصة كانوا يقولون لي عبارة واحدة "إحنا فين وجمعه فين" فدفعني فضولي الصحفي لأتعرف علي "محمد جمعه" فوجدته معجزة بشرية بكل المقاييس المعروفة لدينا. فهو يستطيع بفمه تكوين أي شكل بالبازل ولو وصل عدد القطع إلي ألف قطعة بلا مبالغة. ويبتكر لوحات ويرسمها بلوحة المفاتيح علي الكمبيوتر بأنفه لأن "أنفه" هو العضو الوحيد في جسده الذي يستطيع التحكم فيه.. بل وعلم نفسه الكتابة والقراءة لأنه لم يدخل مدرسة وكتب قصصا قصيرة وحفظ القرآن الكريم كاملا ويستطيع أن يكتبه علي الكمبيوتر. ولد جمعه الذي تعدي الثلاثين من عمره مصابا بشلل رباعي تام وعدم القدرة علي النطق بسبب حدوث ضمور في مراكز الكلام والحركة بالجسم كله. وتوفيت أمه بعد مولده ب 3 أشهر بعد غيبوبة طويلة بسبب حقنة بنج زائدة. واعتبره الأطباء داخل مصر وخارجها من الحالات النادرة علي مستوي العالم. فكل أنواع أجهزة الحركة لم تصلح معه فهو لا يتكلم لكنه يسمع ويفكر بذكاء خارق. ومنحه سبحانه وتعالي عقلاً مثل الأسوياء وذاكرة قوية جدا. وقدرة علي التحكم في أعصابه. ويستطيع أن يقرأ ويفهم من يحدثه ولا يستطيع أن يعبر بلسانه بل يكتب بأنفه علي الكمبيوتر ما يريد أن يعبر عنه. ويقول محمد علي لسان ابنة خالته ومرشدته المهندسة فيروز: تعلمت القراءة مع جدتي التي ربتني كانت تحضر لي منذ الصغر المكعبات المرسوم عليها حروف اللغة العربية. حتي عرفت معني الحروف. كما ساعدني المصحف الشريف علي معرفة الحروف أكثر. من خلال متابعة إذاعة "القرآن الكريم" ومطابقة الكلام بما هو في المصحف. وتولت رعايتي بنت خالتي فيروز وشجعتني علي تعلم الكمبيوتر. والرسم علي الكمبيوتر الذي أقضي معه 16 ساعة يوميا. حتي أصبحت أجيد التعامل مع الرسم والكتابة عليه. ولا أنكر أنني وجدت صعوبات في البداية. لأن الجزء الوحيد الذي استخدمه في جسمي هو الأنف. ويضيف محمد: أول تحدي واجهته وأنا صغير يتمثل في تركيب "البازل". وتعمل صورة متكاملة في النهاية. وكان أهلي يرفضون أن استخدمها بنفسي بحجة أنها "هتبوش" من فمي. وكنت أشاور لخالتي علي القطعة التي أريدها وتقوم هي بتركيبها. ولكن بعد كده صممت أركب البازل بنفسي. وكانت البازل الموجودة في المنزل عددها عشرين قطعة فقط. وبالفعل ركبتها بنفسي وبغير ما تبوش من فمي. ولما شافتها خالتي شجعتني واشترت لي بازل عدد قطعها كتير. إلي أن وصلت إلي تركيب بازل تحتوي علي ألف قطعة. وهذه أول معجزة حدثت في حياتي. ويكمل محمد: أما المعجزة الثانية التي حققتها أنني أخذت المصحف لكي أقرأ فيه ورفضت جدتي وقالت لي حرام تحط المصحف علي الأرض. ولكن بعد كده انتهزت فرصة عدم وجودهم في الشقة وأنا قاعد وحدي فيها فأخذت المصحف. وبدأت أقرأ فيه مع إذاعة القرآن الكريم ولما شافوا كده أصبحوا يسلموني المصحف بأيديهم. ولما ذهبت جدتي إلي السعودية اهدتني مصحفا جديدا. وداومت علي القراءة فيه إلي أن حفظته كاملا. والمعجزة الثالثة في حياتي هي موضوع استخدامي الكمبيوتر.. كلهم رفضوا في البداية بحجة أنه لا ينفع استخدمه بأنفي. وأن المفروض استخدم الكمبيوتر بيدي علشان يشتروه لي. ولكن فيروز بنت خالتي اقنعت خالتي بإحضار جهاز كمبيوتر لي. وجلست مع فيروز أمام الكمبيوتر بتاعها وتعلمت كيفية التعامل معه احضروا لي كمبيوتر. وكتبت عليه عشرات القصص منها واحد عن فلسطين لكي يشعر الناس بما يعانيه أهلها. ورسمت عليه أكثر من 40 لوحة. بل أقمت معرضين للوحاتي. أحدهما في ساقية الصاوي وافتتحه الأخ الصديق محمد الصاوي. وأتواصل مع الناس من خلال الفيس بوك وكل ذلك عن طرييق أنفي فقط. في النهاية يقول محمد جمعه: الله وحده يعلم ما أنا فيه وما فعلته أسرة والدتي رحمها الله معي. وتحملهم ما لا يتحمله البشر حتي وصلت إلي ما أنا فيه من نعمه. وأحب أن تعرف الناس من هو محمد جمعة وأنصح ذوي الإعاقة جميعا بالصبر والإرادة والأمل في الغد. وأرجو من الله أن أكون مع أمي في الجنة. انطلاق ماراثون.. " اسمعني " انطلق مؤخرا فعاليات ماراثون "اسمعني" للتوعية بمشكلة ضعف السمع عند الأطفال. بحضور أكثر من "2000" مشارك وتكون الفاعلية تعاون مشترك لأول مرة بين MED-El وCairo runners لتكون أولي حملات التوعية تجاه مشكلة ضعف السمع عند الأطفال في مصر والتوعية بأهمية الكشف المبكر قبل سن خمس سنوات. وانطلق الماراثون الساعة السابعة بمنطقة الزمالك ليطوف بالمنطقة بمعدل 4 كيلومترات تحت شعار "£اسمعني" وقد أعلنت MED-EL منذ انطلاق الحملة علي مواقع التواصل الاجتماعي بأنها ستقوم بالتبرع بجنيه مصري لصالح عمليات زراعة قوقعة الأذن لكل مرة يستخدم فيها الهاشتاج£اسمعني". من جهة أخري انطلق الماراثون بعد كلمة من والد أحد الأطفال الذي خضع لعملية زراعة قوقعة الأذن والذي شكر الناس جميعا للحضور وشكر MED-EL علي جهودهم المبذولة في حملات التوعية وتحدث أيضا عن تجربته ومعاناته التي مر بها خلال فترة علاج ابنه وأكد علي أن هناك فئة كبيرة لا تعرف عن مشكلة فقدان السمع أو عمليات زراعة قوقعة الأذن وهو كان ضمن هؤلاء الذين لا يعرف بالمشكلة حتي اكتشف مشكلة ابنه. لذلك فهو يناشد المجتمع كله تسليط الضوء علي هذه المشكلة التي لا تقل أهمية عن مرض السرطان الذي يحتل المراكز الأولي في التوعية بمصر.