استاء الشارع المصري مما حدث بالإسكندرية الأسبوع الحالي وسقوط 5 قتلي بسبب الماس الكهربائي لارتفاع منسوب مياه الأمطار بالشوارع.. وتأكد ان هناك مجاملات في اختيار القيادات خاصة الوزراء والمحافظين.. وعدم الاستجابة لنبض الشارع الذي أبدي اعتراضه كثيراً علي محافظها هاني المسيري الذي اهتم بالمظهر دون الجوهر.. تأكد المواطن انه لا جديد في أموره الحياتية.. فمازال الفساد يستشري.. والتلاعب بالأسعار مستمر.. وتدني الخدمات قادم.. ومازال يبحث عن الوساطة والمحسوبية لتلقي العلاج وإيجاد سرير في مستشفي لإجراء جراحة.. ومازالت أزمة المرور واستفحال امبراطورية الفتونة في قيادة الميكروباصات التي تسير معظمها بلا لوح وأرقام.. ومازال الانتظار الخاطيء للسيارات في الشوارع تحت رعاية رجال المرور.. مازالت القمامة تملأ الشوارع.. والأتربة تغطي الأسفلت.. والمقاهي تحتل الأرصفة والشارع.. والدروس الخصوصية تلتهم كل ميزانية الأسرة من خلال امبراطورية عجزت وزارة الحكومة عن القضاء عليها. شاء قدري أن أزور مؤخراً الإسكندرية.. عروس البحر المتوسط.. فوجدتها وقد تحولت إلي عجوز شمطاء.. وأصبحت بلا منازع وبلا منافس عجوز البحر المتوسط.. ارتسمت التجاعيد علي وجهها.. واعتلت الأثقال ظهرها.. وأصابت الخشونة مفاصلها.. وغطي المشيب شعرها.. وأصاب الهزال جسدها. أصابني الحزن والوجوم.. استأت واكتأبت وأنا أتجول في شوارعها.. شاهدت بلداً مضطربة منزعجة.. فقد انتشرت العشوائيات.. وهدمت أغلب الفيلات.. وحل محلها الأبراج والعمارات.. ارتفعت تلال القمامة في أفخم.. وتعوم شوارعها بمياه الصرف الصحي.. استولي البلطجية علي الشواطيء والأرصفة والشوارع.. حتي لسان جليم تم الاستيلاء عليه وتحويله لكافتيريا.. وحرمان الغلابة من نزهة مجانية.. حتي الشوارع سيطر عليها مافيا الميكروباصات والتكاتك.. فأصبح الوجه القبيح للإسكندرية هو الطافي علي السطح. وجدت نفسي في بلد أنهكها المرض.. ونشرت العلل عليه أجنحتها.. شحب وجهها.. هزل جسدها.. رق عظامها.. انحني وتقوس ظهرها.. شحب جلدها.. أصابها الوهن والكبر والعجز والشيخوخة.. وجدت أبناءها عاقين لها يتعاملون معها بعنف وحدة.. وقسوة.. وشراسة وخشونة وتعسف وتجبر. صعقت وذهلت.. وارتعد جسدي وارتجف.. من هول ما رأيت من كم مخالفات البناء في غياب من القانون وإعلاء المصالح الذاتية وانتشار الفساد والرشاوي.. وحجم القمامة المنتشرة في شوارع الإسكندرية.. وتحولت الإسكندرية إلي كتل خرسانية لا روح فيها ولا جمال.. وتأكدت ان الإسكندرية تعيش محنة.. وفي حلقها غصة.. يجب تكاتف الجميع لعلاجها. فمن غير المنطقي انتشار أبراج بارتفاعات 15 طابقاً علي جانبي شوارع لا تتعدي عرضها 10 أمتار.. ورغم ذلك يتم توصيل المرافق لها.. مما يجعلها بمثابة قنابل موقوتة ستنفجر حينما تسكن هذه العمارات.. وعلمت ان هذه المخالفات تتطلب 190 سنة لإزالتها.. فالإسكندرية في انتظار كارثة بسبب الكثير من المخالفات التي تنتشر بشكل لم يسبق له مثيل. وقفت مندهشاً.. مذهولاً.. مصدوماً.. مرعوباً مما أصابك يا عروس البحر المتوسط.. عرفتك ناعمة.. صامتة.. هادئة.. ساكنة.. حنونة وقورة.. شامخة.. لم أتخيل أن أجدك يوماً ما هكذا.. مزعجة.. صارخة.. هوجاء.. مظلمة.. معتمة.. داكنة.. موحشة.. جدباء.. خربة.. ورغم ذلك كلي أمل أن تعودي إلي بهجتك وطلتك.. إلي جمالك وروعتك.. فمازال لك في قلوب كل المصريين كل معزة.. ومودة.. ومكانة وقربة.. فلابد أن ينجلي الغبار عنك.. وتنكشف الغيوم. كلي أمل في جهود وتكاتف وتناغم وتكامل واخلاص أهل إسكندرية.. الذين وقفوا بكل قوة أمام الحملة الفرنسية.. وأن يصلحوا ما أفسدوا.. وليصدق فيهم قول العلي القدير: "وما كان ربك ليهلك القري بظلم وأهلها مصلحون".. صدق الله العظيم.