تلهث الحكومة جاهدة في الوقت الحالي لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية لعلها تسهم في إعادة بناء احتياطي قوي من النقد الأجنبي قادر علي الوفاء بمختلف الاحتياجات الاستيرادية وفي التوقيت المناسب ليقترب من المستويات التي كان عليها قبل ثورة يناير رغم أن هذه المعدلات أصبحت لا تكفي للوفاء بحجم موازنة تقترب من 800 مليار جنيه. لم يعد مناسباً أن نجلس نعد الدولارات القادمة من هنا وهناك قبل أن نضع خطة واضحة لتنقية مناخ الاستثمار من بعض الممارسات الضارة وفي مقدمتها الفساد في بعض المواقع الحكومية خاصة ما يرتبط بتقديم خدمات للمستثمر أو الجمهور وتلتصق معها البيروقراطية العفنة والتي تفتح الباب للفساد. ويدخل في مجال الفساد الثقوب الكبيرة في المنافذ الجمركية سواء بسبب عدم إحكام الرقابة أو بسبب تسهيل دخول سلع متهربة من سداد الرسوم الجمركية بعضها أو كلها مما يؤدي إلي عدم حماية المنتج المحلي من المستورد الرخيص الذي يقع في أيدي عصابات تتآمر علي السوق المحلي ترفض توسعة السوق و انتعاشه أو تنميته وبالتالي يضيع حق المواطن المصري في فرصة عمل جديدة وفي المقابل نوفر فرصة عمل للأجنبي القادر علي بيع منتجاته في بلادنا. إن جذب الاستثمارات صناعة لا يدركها غير الأذكياء القادرين علي خلق مناخ جيد للاستثمار تستقر فيه معدلات الفائدة وسعر الصرف والتضخم وتتحسن فيه القدرة علي التنبؤ بالمستقبل وزيادة معدلات احتساب العائد علي الاستثمار وأقل نسبة مخاطرة. ليس من الغريب أن تتوجه الاستثمارات إلي الدول الغنية المستقرة مثل أمريكا وألمانيا وفرنسا وأيضاً الدول الخليجية مثل السعودية ودبي وسنغافورة وغيرها من الدول الآسيوية التي وضعت لنفسها نظماً قوية لبناء الاقتصاد وليس أدل علي حرص رأس المال من التوجه إلي البلاد الأكثر جذباً من مقدرة دولة مثل فيتنام علي جذب استثمارات أمريكية كبيرة واحتلالها المرتبة الأولي رغم أنها كانت عدوة الأمس. هناك خطوات كبيرة ومهمة يجب اتخاذها من جانب الحكومة بمنتهي القوة لتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار ولعل أبرز مثال علي التخبط والعشوائية هو ما يحدث في مجال الغزل والنسيج وخروج مصانع عديدة من حلبة المنافسة لعدم التكافؤ في منافسة السلع المستوردة واستفادة الخصم من جميع الثغرات واستغلالها لصالحه. تعالوا أولاً نبدأ بقطاع مثل الغزل والنسيج ليعاد تنظيمه وخلق بيئة جاذبة للاستثمار وسد جميع الثغرات التي ينفذ منها الفاسدون من الجهاز الإداري أو المستثمرون كي تنتعش هذه الصناعة وعند إدراك النجاح سوف ندرك أننا قادرون علي تحقيق نجاحات مماثلة في قطاعات أخري. إن جذب الاستثمار الأجنبي والمحلي يحتاج إلي عمل كثير وجاد ودؤوب من جانب الحكومة لبناء الثقة لدي المستثمر بجدوي الاستثمار وليس بالنوايا الحسنة فقط إذا كنا نرغب في ثورة حقيقية في القطاع الاقتصادي ومعدلات نمو مرتفعة تتناسب مع طموحات هذا الشعب.