أعلم أن شخصا بمفرده لا يستطيع أن يفعل شيئا مهما كانت قدراته وإمكاناته خاصة لو ألقي به في مستنقع فساد وبيئة زاخرة بالانحرافات والتجاوزات المتوارثة. لكن أؤمن بأن د. أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية في الحكومة الجديدة يستطيع أن يجند فريق عمل متكامل لمواجهة فساد المحليات في كل محافظات مصر. منذ أيام التقيت بأحد كبار المقاولين الذين عرفوا بتخليص أمورهم في الإدارات الهندسية بالرشوة وسألته: كيف تسلك أمورك الآن؟ قال بكل اطمئنان وهدوء: كما كنت أسلكها من قبل.. المال والهدايا الثمينة تفتح كل الطرق المغلقة. قلت له: يتردد أن الفاسدين في المحليات أصبحوا يرتعدون ويتوارون عن الأنظار. رد علي المقاول "وهو حريف تعامل مع الفاسدين" وقال: بعد الثورة أصبحوا أكثر بجاحة ورفعوا "الفيزيتة" وزادت مطالبهم وأطماعهم ونحن مضطرون للدفع حتي لا تتعطل مصالحنا ويقف حالنا. بعيدا عن كلام هذا الرجل الذي تعود أن يسلك أموره بالرشوة في المحليات لابد أن نعترف بأن الفساد لايزال مستشريا في المحليات وأن معظم مصالح الناس وخاصة الفقراء لاتزال تقضي بدفع الأموال. وأن المسئولين في المحليات يبدعون في طرق نهب المال العام وتيسير الحصول عليه لآخرين وأن خلايا الفساد داخل أجهزة الحكم المحلي تتمدد وتنتشر في كل الاتجاهات. لكن هذا المستنقع لا ينبغي أن يصيبنا بالإحباط واليأس فلدينا أجهزة رقابية يقظة ونشاط الرقابة الإدارية في كل محافظات مصر يبشرنا بمناخ خال من الفساد بعد ملاحقة العناصر المتورطة هنا وهناك. والفساد في المحليات لا يقف عند تلقي أموال محرمة ولا ينحصر في تزوير أوراق قطعة أرض لكي يستولي عليها رجل أعمال فاسد.. لكن فساد المحليات متنوع وعلي كل لون وأكثره خطرا هو تعطيل مصالح الشرفاء الذين يرفضون دفع أموال أو تقديم هدايا. فساد المحليات الأكبر - يا د. بدر - في الإهمال والتسيب وعدم إنجاز الأعمال المطلوبة في الأوقات المحددة وتسرب الموظفين من أعمالهم لعدم وجود رقيب أو حسيب. كان الله في عون د. أحمد زكي بدر.. ونحن نعلق عليه آمالا عريضة في وضع أقدام الحكومة علي الإصلاح الشامل للمحليات.