جنون الأسعار فرض شيئا من الركود في سوق اللحوم حتي في عيد الأضحي. لكن «مافيا اللحوم» تعرف أن التعويض سيأتيها بسبب قرب الانتخابات، ودخول اللحوم في «هدايا» المال السياسي الذي سيكون بطل المشهد الانتخابي بامتياز!! وكل ما نرجوه أن تكون هناك رقابة حكومية مشددة ليس علي المال السياسي في حد ذاته، فهذا أمر نعرف أنه لن يتحقق لأسباب كثيرة لم تعد مجهولة في عالم الانتخابات.. وفي عالم الفساد ايضا!! الرقابة التي نطلبها هي علي اللحوم التي سيتم توزيعها علي «الغلابة» في محاولة لشراء اصواتهم.. نقول ذلك بعد سيل من الأخبار في الفترة الماضية عن ضبط أطنان من اللحوم الفاسدة أو المنتهية الصلاحية، وعن بيع لحوم الحمير علي أنها لحوم بقرية طازجة، وعن اغلاق مصانع شهيرة لبيع اللحوم المصنعة من لانشون وسجق وغيرها بسبب مخالفات صحية متعددة «ولاندري لماذا لاتنشر اسماء هذه المصانع لتلقي عقابها من المستهلك بدلا من استمرار التعامل معها»!! الرقابة المشددة مطلوبة لأن المال السياسي لاضمير له!! ولأننا لانريد للغلابة أن تكون محاولة رشوتهم بلحوم فاسدة تكلفهم وتكلف الدولة الكثير. ولاننا نعرف أن الكثير من مافيا استيراد اللحوم هم جزء من المال السياسي الفاسد لأن الفساد أكثر ترابطا مما نظن، ولأن الفاسدين جميعا يريدون من يدافع عن مصالحهم ويحمي فسادهم في البرلمان!! رقابة أخري مطلوبة علي لحوم الجمعيات الاستهلاكية التي وفرتها الدولة بأسعار معقولة.، لكن الفساد يأخذ جزءا كبيرا منها إلي المطاعم الكبيرة ومحلات الجزارة الشهيرة ليباع بأضعاف سعره. العقوبات هنا ينبغي أن تكون مشددة. والكميات التي تصرف ينبغي أن تكون لها حدود، واهتمامنا لاينبغي أن يتركز علي الفساد الكبير، والفساد الصغير قد يكون أخطر لأنه يتعامل مع المواطن البسيط.. يسرق حقوقه ويفرض عليه الاتاوات، ويجعل جهود الدولة لرفع العبء عن الغلابة «اذا وجدت» تذهب سدي!! ولا يعني ما نقول أن الكل فاسد، فأهل الخير موجودون، ومن يعملون لوجه الله والوطن يملأون الساحة.. ولكن عندما نري بين كشوف المرشحين من كانوا -ومازالوا- يجعلون الفساد نفسه يخجل من بجاحتهم!! وعندما نري من نهبوا المال العام يستخدمونه طريقا لنيل كراسي البرلمان بعد موجتين من الثورة «!!» وعندما نري من أطعموا الشعب لسنوات زبالة الأطعمة المستوردة الفاسدة أو منتهية الصلاحية يسعون للسيطرة علي البرلمان.. عندما نري هذا كله فليس أمامنا الا أن نطلق صيحات التحذير.. واذا كانت الاجهزة الرسمية لن تستطيع مراقبة المال السياسي وتدخله في الانتخابات، فليس أقل من أن نمنعه من أن تكون رشوته الانتخابية مزيدا من السموم التي يقدمها للغلابة في عيد خلق للرحمة قبل أن يلوثه كما لوث كل شئ في حياتنا حزب الفساد الذي لاضمير له ولا وطن يدين له بالولاء.. يقولون ان المال لاوطن له.. فما بالك بالمال الفاسد؟! ويبقي أن استأذن القارئ العزيز في إجازة عيد قصيرة ليومين.. وكل سنة والجميع بخير.. ومصر تمضي علي طريق الخير والثورة.