نهر النيل.. المشروع القومي الجديد الحماية.. الصيانة.. التنمية.. الاستثمار إذا كانت مصر تواجه اليوم العديد من التحديات الجسيمة من مثل التحدي الأمني. التحدي السياسي. التحدي الاقتصادي. التحدي السلوكي "الأخلاقي". التحدي البيئي.. وغيرها فإن التحدي الأكبر الذي تتضاءل أمامه كل التحديات وتصغر أمام عنفوانه كل الأزمات هو تحدي "الأمن المائي" الذي هو قمة سنام الأمن القومي المصري لأن الماء هو أصل الحياة وسبب استمرارها والمصدر الأول للأمن المائي لمصر هو نهر النيل.. وموارده تأتي كلها من خارج الحدود من دول المنابع وحصة مصر من مياه النيل محددة وثابتة دون أي زيادة علي مدي أكثر من خمسين عاما "55.5 مليار متر مكعب سنوياً" وهي ترد إلي مصر بإرادة الله وبفعل الطبيعة دون سعي منا أو تفضل من غيرنا وهذه الحصة من مياه النيل أصبحت لا تلبي كافة احتياجاتنا مما دخلت معه مصر منذ سنوات عديدة في دائرة الفقر المائي وإذا استمر الحال علي ما هو عليه فلسوف تواجه مصر بعد سنوات حالة الشح المائي أو قل هي المجاعة المائية مما ينذر بالخطر الكبير والشر المستطير.. وللأسف فإن مصر الحكومة والشعب لم تكن تعطي من قبل لهذا الخطب الجلل والخطر الأعظم المؤكد وليس المحتمل.. لا تعطيه ما يستحقه من العناية أو الاهتمام مع انه يهدد مصر والمصريين بالجفاف والخراب وربما الإبادة الجماعية. وإذا كان الرئيس البطل والأمل عبدالفتاح السيسي.. قد قدم لوطنه الهدية الغالية: المشروع القومي العملاق تنمية وتطوير محور قناة السويس ومهد له بالعمل الفوري في حفر وشق المجري الثاني للقناة.. هذا العمل العظيم الذي يوشك بفضل الله تعالي علي الانتهاء.. ليكون هذا المشروع هو شريان الخير العميم المتدفق بالتنمية والرخاء والازدهار لشعب مصر العظيم فإنني أتمني أن يلحق بهذا المشروع القومي الكبير أو يواكبه مشروع قومي آخر.. لا يقل عنه قدرا ومكانة وأهمية وإلحاحا.. ليكون لدينا مشروعان قوميان عملاقان متماثلان ومتلازمان: أ- المشروع القومي لتطوير وتنمية المجري الملاحي الدولي "قناة السويس". ب- المشروع القومي لتطوير وتنمية المجري النهري الحياتي المصري "نهر النيل". نهر النيل.. شريان حياة مصر والمصريين رغم انه أعظم وأعرق وأقدم أنهار الدنيا.. فهو مازال الكنز المكنون الذي لم يستثمر أو تستغل كثير من خصائصه ومزاياه بعد.. والمشروع القومي لنهر النيل يدور حول بنود أو محاور أربعة "الحماية. الصيانة. التنمية. الاستثمار" والمحاور الثلاثة الأولي قد تكفل بها وأقرها دستور مصر 2014 فيما أوردته المادة "44" ونصها: "تلتزم الدولة بحماية نهر النيل والحفاظ علي حقوق مصر التاريخية المتعلقة به وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها وعدم إهدار مياهه أو تلويثها.. واتخاذ الوسائل الكفيلة لتحقيق الأمن المائي". والمحور الرابع يتعلق باستثمار مجري النيل وضفتيه لأن نهر النيل هو منذ فجر التاريخ مهد الحضارات تماما كما انه شريان الحياة وكنز عامر بالخبرات وهو حتي الآن لم يتم استثماره علي نحو يحقق الخير العميم لمصر والمصريين فإن هذا المشروع القومي يهدف إلي استثمار نهر النيل مجري نهريا سياحيا علي النحو التالي: إقامة عدد من القري علي ضفتيه تمثل كل واحدة منها احدي الحضارات المصرية القديمة كالحضارة الفرعونية واليونانية والقبطية والاسلامية مما يعتبر معه هذه القري مزارا سياحيا عالميا تضاف إليها قري أخري تمثل كل منها نهرا دوليا والدول التي يجري منها والمعالم الهامة في تلك الدول. اعتبار مجري النيل من أسوان حتي دمياط ورشيد خطا ملاحيا رئيسيا لنقل الركاب والبضائع مما يخفف العبء عن الطرق العامة وخطوط السكك الحديدية ويوفر وسيلة هامة للنقل رخيصة وآمنة. تعظيم السياحة النهرية بمضاعفة أعداد الفنادق العائمة وحبذا لو حملت كل مجموعة من الفنادق العائمة ما يرمز إلي إحدي الدول المصدرة للسياح. إقامة سلسلة من المصانع صديقة البيئة تنتشر حول ضفتي النيل لتصنيع المواد الغذائية والمنتجات الزراعية والأسماك وكذلك الوحدات التي تجتث ورد النيل والحشائش والنباتات الأخري وتحملها إلي مصانع تحولها إلي ورق وسماد عضوي لتكون تلك الأعمال هي باكورة لتجمع صناعي كثيف العمالة وذلك مع إنشاء المدن السكنية العمالية علي مقربة من مجري نهر النيل. إحاطة مجري النيل وفرعيه والترع الكبري بالأشجار المثمرة ذات العائد الاقتصادي مما يعود بالنفع علي كل سكان الوادي. تأسيس المنتدي العالمي للأنهار الدولية ينعقد علي مستوي القمة وعلي ضفاف نهر النيل لتدارس قضايا الأمن المائي العالمي الذي يواجه كثيرا من الأخطار في المرحلة القادمة وذلك علي غرار منتدي دافوس الاقتصادي العالمي.. بل وليتفوق منتدي الأنهار الدولية عليه. وبهذه النماذج وغيرها كثير يتحول مجري النيل الخالد مع ضفتيه إلي نواة لمشروع قومي عملاق يتواكب مع مشروع تطوير وتنمية قناة السويس. "والحديث موصول بإذن الله"