حملة امتحنوهم التي أطلقها مؤخرا عدد من المنظمات الحقوقية لمطالبة السلطات المصرية بتمكين الطلاب المعتقلين من أداء الامتحانات باعتبار ان الدستور والقانون كفلا لهم حق متابعة دراستهم. هذه الحملة أعادت إلي ذهني بدايات عملي في الصحافة منذ ثلاثين عاما حيث أعمل محررة صحفية بقسم التعليم بالجريدة. كان من أهم مواسم العمل الزاخرة بالأخبار الهامة والشقية متابعة امتحانات نهاية العام الدراسي في الجامعة والبحث عن كل ما هو جديد وغريب وعادة ما نجد ضالتنا من نوعية الأخبار الشيقة داخل اللجان الخاصة وكان أفضل وأقوي ما كتبت في ذلك الوقت تغطية ومتابعة اللجنة الخاصة بالمسجونين داخل كلية الحقوق بجامعة عين شمس حيث تقوم سيارة الترحيلات بنقلهم من السجن إلي الجامعة لأداء الامتحان ثم إعادتهم مرة أخري إلي محبسهم في نفس اليوم. اصطحبني رئيس اللجنة لالتقاط الصورة للمسجونين أثناء تأديتهم الامتحان وعقب انتهاء الوقت المحدد طلبت إجراء حوار للجريدة مع من يرغب من المسجونين وكانت المفاجأة ان بينهم من يقضي عقوبة السجن المؤبد ومنهم من ينتظر تنفيذ حكم الاعدام أي انهم مجرمون وقتلة في نظر العدالة والمجتمع ورغم ذلك فإدارة السجن منحتهم حقهم في أداء الامتحان ووافقت الجامعة علي عقد لجنة خاصة بهم والأهم من كل ذلك ان الطلاب المسجونين أنفسهم حريصون علي النجاح رغم أنهم حصلوا علي أحكام نهائية سواء بالسجن المؤبد أو بالإعدام. نعود لحملة امتحنوهم فقد ذكرت الحملة في بيانها ان هناك 1900 طالب وطالبة محبوسين علي خلفية ممارسة أنشطة سياسية بينهم من هو محبوس احتياطيا أو علي ذمة قضايا أو تنفيذا لأحكام قضائية من محاكم طبيعية أو عسكرية وإن هؤلاء الطلاب لهم حق أصيل كفله الدستور والقانون في متابعة دراستهم حتي ولو كانت حريتهم مقيدة وعلي السلطات المصرية تمكين هؤلاء الطلاب المحبوسين من أداء امتحاناتهم سواء كان ذلك بنقلهم إلي كلياتهم في مواعيد الامتحانات أو بتكوين لجان خاصة لائقة لهذا الغرض داخل السجن. الحملة تستند إلي المادة 31 من قانون تنظيم السجون تنص علي ان ادارة السجن عليها أن تشجع المسجونين علي الاطلاع وأن تيسر الاستذكار للمسجونين الذين لديهم الرغبة في مواصلة الدراسة وأن تسمح لهم بتأدية الامتحانات الخاصة بها في مقار اللجان. وبعيدا عن الحملة وعن الحق الدستوري فإن العقل والمنطق يقول ان هؤلاء الطلاب المعتقلين سوف يخرجون للحياة العامة بعد فترة طالت أو قصرت فهل الأفضل للمجتمع أن يقضي هؤلاء الطلبة فترة حبسهم الاحتياطي أو حتي فترة العقوبة في الاستذكار والاطلاع وبث روح الأمل في بداية جديدة آمنة بعد خروجهم للحياة العامة أم نتركهم فريسة سهلة للمتطرفين والمنحرفين ليخرجوا بعد فترة حاقدين وناقمين علي الجميع.