لا أظن أن مصر مرت في تاريخها الحديث بمثل ما تواجهه الآن من محن وشدائد.. ليس الأمر كما كان متعلقا من قبل بحروب واعتداءات وغزوات من الخارج.. أو صعوبة في العيش ونقص في الموارد ومتاعب للفقراء. ولكن ما تواجهه بلادنا الآن أخطر وأعظم.. تحديات جسام فرضت علي شعبنا وجيشنا ورجال الأمن والشرطة والقضاء.. يواجهنا جميعا عدو غادر أصابه الشطط والجنون والجنوح يبث الشر ويملؤه الحقد ولا يريد لبلادنا بديلاً سوي الخراب والدمار الذي طال دولا عديدة في منطقتنا منذ بداية الألفية الجديدة.. شرد شعوباً وقتل رجالا وخلف أرامل وثكلي وجوع وفقر وحرمان. أتصور أن هذا أدعي لدنا جميعا للتوحد والاصطفاف حول جيشنا الذي أخذ علي عاتقه حماية مصرنا من هذا السقوط وتلك المؤامرات المحاكة بخبث وزيف من أجل تركيع أمتنا لصالح دولتهم المزروعة في منطقتنا تحلم بالتوسع والسيطرة أو علي الأقل توفير ضمانات الأمن بسكانها القلة وسط كثرة أمة لها تاريخ وحضارة إذا قامت لن تبقي لدولة مندسة من قرار بيننا. أحري علي شعوب أمتنا كلها أن تكون عند القدر الأدني من المسئولية والالتزام وتوفير المناخ المؤتي لجيشنا لكي ينهض بمهمته في توفير الأمن ورد الجماعات المتآمرة الغبية التي تعمل بحمق ضد أبناء أمتها تزرع لهم القنابل وتحرق وتغتال تعصب أعينها بعقائد مشوهة تضلها عن الطريق الصحيح وتسيء لديننا السمح وتجعل من نفسها أداة في أيدي القوي الدولية الظالمة. *** ويأتي إعلامنا منذ ثورات الربيع العربي مخيبا لآمال شعبنا وقد ظن في هذا الإعلام قدرة علي قيادة الرأي العام نحو مسئولياته وشحذ هممه تجاه القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكي يكون علي قدرة في التفاعل مع قيادته وحكومته يري الإيجابي قبل السلبي. يشجع ولا يحبط.. يساعد ولا يتصيد.. ورغم هذا القدر الهائل من الصعوبات التي تواجه جيشنا ملاذنا الباقي وقيادة الدولة وهي تعمل بتجرد وإخلاص نادرا ما يجود به الزمان بين القادة والزعماء.. إلا أن معاول الهدم تجري علي قدم وساق في تلك الآلات الإعلامية الشاردة التي لا يهمها سوي الظهور والشهرة وملء ساعات الارسال الطويلة العريضة بكل الإثارة والفتن.. تتصيد المسئولين لكي توقعهم في زلات ألسنتهم.. تجعل من الجنة قبة.. تحرض البسطاء علي حكومتهم التي لا بديل لها قادر علي مواجهة تحديات دولتنا ويتطلعان شعبنا في ظل زيادة سكانية هائلة تلتهم كل معدلات التنمية ومهما فعلت الحكومة - أي حكومة - خلال خطط قصيرة أو متوسطة المدي.. فإن الماكينة المعاكسة في تزايد البشر وحاجاتهم ومتطلباتهم تطلب المزيد في معادلة تبدو علي المدي القصير خاسرة إذا ما ظل هذا الاحباط وتثبيط الهمم وهدم وتشويه العمل دون التماس رحمة أو عدل في التناول الإعلامي الفاضح المتصيد الذي ينفر أي مسئول مخلص عن الاقتراب من تلك الساحة المتوهجة بالمغالطات والمصالح والمتاجرة بهذا الشعب بدلا من إعلامه وتنويره والأخذ بيده علي التوافق مع إرادة الأمة للتصدي للمكائد والمؤامرات التي تعد مصر هي الكعكة الشهية والجائزة الكبري لها بعدما أصاب أمتنا العربية من وهن وضعف وتشتت وصراع ودمار وخراب. *** وبصراحة شديدة لا أعول كثيراً علي ما نحن بصدده الآن من تشريعات إعلامية وصحفية تعدها لجان ومتخصصون لأن تجاربنا السابقة مع مثل تلك التشريعات والقوانين غير مفرحة.. وإن لم تراع الجماعة الإعلامية والصحفية من داخل كل العاملين فيها مصلحة الوطن بأعمال ضمائرهم أولاً وأخيراً قبل أي آليات ومواثيق إعلامية نادراً ما نفعل.. فإن هذا الإعلام الشارد إن لم يصلح من شأنه فسيكون هو الخاسر الأول قبل الشعب.. لأن شعبنا حتي ببسطائه بدأ يدرك ويميز الخبيث من الطيب علي الساحة الإعلامية.. وسيأتي اليوم الذي ينفض فيه الناس جميعا عن هذا السيرك المنصوب - إن لم يكونوا قد بدأوا بعد في الانصراف.. ويؤمئذ سينفض أيضا هؤلاء المعلنون وغاسلو الأموال عن هؤلاء الزعماء الجدد الذين تعلق صورهم في الشوارع والميادين وقد يعودوا لارتداء "بيجاماتهم" التي بدأوا بها حياتهم العملية حتي ولو أصبحت "أرواب دي شامبر" فاخرة..!!