كنت أتألم مع كل حادث إرهابي يروح ضحيته جنود وضباط وأبرياء.. كنت أشفق علي أهالي وأسر شهداء هذه الحوادث وأبكي من أجلهم.. وكنت في نفس الوقت أنتظر أن أكون أنا أو أحد أفراد أسرتي وعائلتي أو أحد أصدقائي من ضحايا هذه الحوادث التي لا تفرق بين ظالم ومظلوم.. فتلك الحوادث ليس لها زمان أو مكان..ولذلك لم أفاجأ بخبر استشهاد الملازم أول أحمد راضي "22عاما" زهرة عائلة الزياتي في حادث إرهابي جبان بالعريش.. لقد عشت الفصل الأخير من هذه المأساة.. مشهد جنازته وعزائه.. ذهبت إلي مستشفي القصاصين العسكري بالإسماعيلية مع والده ووالدته وعدد من أفراد الأسرة والصديق العميد حسام السيسي لاستلام جثمانه الطاهر..وهو مشهد لا يمكن أن أنساه أو ينساه غيري من الذين كانوا يتسلمون جثامين الشهداء ملفوفة بالعلم المصري..لأن أصعب مايمكن أن تعيشه هو أن يطلب منك أن تتأكد من أن الجثمان الذي تتسلمه هو من جئت تتسلمه ميتا شهيدا بعد أن كنت تستقبله شابا يافعا وزهرة من زهور الربيع تنبض بالحياة والحب والأمل في مستقبل مشرق وسعيد.. والمشهد الأصعب عندما أصرت والدته المكلومة أن تلقي عليه النظرة الأخيرة وسط بكاء الشباب والرجال والنساء داخل المسجد وخارجه..وأيضا عندما دخل جثمانه الطاهر إلي مثواه الأخير.. وهو المشهد النقيض تماما للذي كان يحلم به والده ووالدته وشقيقتاه بدخوله قفص الزوجية الذي كان يستعد له الجميع.. منذ إجازته الأخيرة !!.. ولي عتاب بسيط علي المسئولين في الدولة.. وهو أنه للأسف لم يحضر جنازة الشهيد أو عزاء اليوم الأول مسئول واحد سوي بعض زملائه وقادته في الكتيبة ليخفف من أحزان الأسرة المكلومة.. غاب محافظ القليوبية ومدير الأمن ومندوب رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء. لم يكن أحمد راضي شهيد عائلة الزياتي أو عائلات القلج والقليوبية فقط..بل هو أحد شهداء الوطن الذين ضحوا بحياتهم في الحرب علي الإرهاب الأسود الذي خطف زهور الربيع في أعياد الربيع..ولذك كنا نطمع أن يكون هناك تقدير من هؤلاء المسئولين لهذه التضحية الأغلي التي يمكن تقدمها أسرة لهذا الوطن الغالي!! ومع ذلك فإننا لن نندم ولو للحظة واحدة مثلنا مثل كل أسر الشهداء في ربوع مصر أننا قدمنا هذا الشهيد الغالي فداء للوطن. بل إننا مستمرون في العطاء والتضحية بكل غال ونفيس من أجل الوطن..ولن نتواني لحظة في محاربة التشدد والإرهاب بكل ما نملك.. وولاؤنا سيكون دائما لله أولا ثم للوطن ثم للجيش الذي حافظ علي هذا البلد من التمزق والحروب الأهلية التي عصفت بدول كانت كبيرة وقوية مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان.. لن نرضخ أبدا للإرهاب الأسود مهما كان الثمن.. ولن نرضخ للمؤامرات الصهيوأمريكية التي تخطط لتحويل مصر إلي دولة ممزقة ومنقسمة.. ولن نرضخ أبدا لمن هم في الداخل من جماعات وتيارات دينية التي تساعد علي تنفيذ هذه المؤامرات الخسيسة بلا وعي أو ضمير منطلقين من مصالح ضيقة وأغراض دنيئة مرتدين عباء الدين وهم في الأساس يسيئون إلي إسلامنا الوسطي الحنيف. فليحفظ الله مصر.. وليحفظ جيشها.. وإلي جنة الخلد أيها الشهيد الغالي أحمد راضي الزياتي وأيها الشهداء في وطننا الغالي.