أكد خبراء الإعلام أن الإعلام الرياضي لابد أن يلتزم بمبدأ الحياد في نقل رغبات الجماهير لأن ما حدث في ستاد الدفاع الجوي من قتل لبعض المشجعين هو حدث لابد ألا يتكرر مستقبلاً لأن هناك بعضاً من هذا الإعلام نادي بضرورة عودة الجماهير إلي المدرجات وبعد حدوث المأساة لم نجد أحد يتحدث عن ضرورة منع دخول الجماهير طالما أدي ذلك إلي قتل وتخريب.. طالبوا بضرورة التزام الحياد لأن أجهزة الدولة هي المسئولة عن قراراتها وعرفنا الآن لماذا كانت تصر الداخلية علي موقفها من منع دخول الجماهير للمدرجات. قال الدكتور سامي الشريف عميد إعلام القاهرة السابق أن ما حدث من الإعلاميين هو نتيجة طبيعية للانفلات الإعلامي الذي تشهده مصر حالياً مع عدم وجود ضوابط مهنية وخلو الساحة من أي قوانين تحكم الأداء الإعلامي ومع تعدد الفضائيات بشكل عشوائي والتي تدر الملايين علي الإعلاميين الذين حولوا تلك القنوات إلي "مصاطب" يخاطبون الجمهور من خلالها بكل ما يثير. وللأسف كثير من الإعلاميين لا يهمهم مهنية العمل الإعلامي بقدر ما يحرصون علي تحقيق أرباح من وراء العمل لذا نري هذا التناقض الكبير في مواقفهم. وبعد أن كانوا يطالبون بعودة الجماهير كمقياس لعودة الدولة للاستقرار أصبحوا يرون الكارثة في عودة الجماهير للملاعب "ليغسلوا" أيديهم من تلك الكارثة متناسين أن كلامهم مسجل ومعتمدين علي الذاكرة الضعيفة للمصريين. أضاف أنه حتي المسئولين الكبار يتراجعون الآن عن مطالبهم السابقة بعودة الجماهير وكأن من طالب بها ونفذها اللهو الخفي والحق أن عودة الجماهير للملاعب خطأ مسئول عنه رئيس الوزراء ووزارة الشباب ولجنة الأندية والإعلام.. لأن مصر تمر بظروف صعبة جداً لابد أن يراعي فيها عدة اعتبارات سياسية وأمنية وتلك المباراة الأولي لعودة الجماهير خطأ فادح لأن قراءة الواقع تقضي بإلغاء المباراة حفاظاً علي صورتنا في الخارج خاصة ونحن لدينا زيارة رئيس روسيا والانتخابات البرلمانية ولكن الخطورة في مصر حالياً أن أجهزة الدولة تعمل في جزر منعزلة عن بعضها ولا توجد منظومة تدار بها أي قضية. قال الدكتور فاروق أبوزيد أستاذ الإعلام والعميد الأسبق لإعلام القاهرة إن الإعلام الرياضي كجزء من المنظومة الإعلامية كان ينقل مطالب ورغبات الجماهير عندما كان هناك قرار من الداخلية بحظر دخولهم وهو كان يقصد أن تعود الحياة إلي طبيعتها لأن هذا سيعيد الاستقرار إلي مصر ويعرف الخارج أن الحياة استقرت في مصر علي جميع الأصعدة. أضاف أبوزيد أن البرامج الرياضية تنقل ما يدور في عقل الجماهير ويجب أن نعرف جميعاً أن الرياضة ومجالاتها يدور في فلكها اقتصاد وسياسة. وعرض الأمر علي المسئولين في الدولة وقررت وزارة الداخلية السماح لأعداد معينة بالدخول واللعب علي ملاعب بعيدة عن العمران مثل ملاعب الجونة والدفاع الجوي وهدف هذه الخطوة هو البعد عن الشغب وتجنب المشكلات وحتي تستطيع الداخلية السيطرة علي الاستادات. أشار إلي أن الضغوط التي مورست علي وزير الداخلية كانت سبباً مباشراً لموافقته بالشروط التي وضعها هو.. أوضح أنه إذا كانت الداخلية رافضة لذلك من المبدأ وحاصرتها الضغوط من كل جانب فكان لوزير الداخلية أن يرفض عودة الجماهير نهائياً لأنه يعرف ماذا سيحدث وإذا رفضت الأطراف الضاغطة عليه كان له أن يقدم استقالته من منصبه.. ولا يجب أن نلقي بالخطأ علي الإعلام الرياضي لأنه ينقل الأحداث وينقل آمال الجماهير ولكنه ليس صاحب قرار بدخول الجماهير من عدمه. قال الدكتور حسن علي عميد كلية الإعلام جامعة المنيا إن الأداء الإعلامي خاصة في الأزمات سيئ جداً وهناك تناقض عجيب في تناول الإعلاميين للأزمة الأخيرة والتي نتج عنها عشرات الضحايا الأبرياء. مشيراً إلي أن معالجة وسائل الإعلام ليس بها إدارة رشيدة لمعالجة الأزمات أو حتي فرق متخصصة لإدارة مثل تلك الأزمات ولديها الخبرة والاحترافية والفهم الكامل لمقتضيات الأمن القومي. أضاف أن الإعلام حاول الترويج لحالة عامة تمهيداً لعودة الجمهور للمباريات بشكل دائم بعد طول غياب إلا أن هذه الحالة لم تستمر بل ظهر النقيض لها بضرورة عدم عودة الجمهور للمباريات. أوضح د.علي أن هناك حالة من الترهل في مستوي الأداء الإعلامي وتصدر المشهد بعض فاقدي المصداقية الذين استحلوا دماء الشباب بل وألقوا باللوم عليهم دون أن يتم تناول الأمر باحترافية وعمل تحقيقات استعصائية وكشف الجناة الحقيقيين بالإضافة لتبني وجهة النظر الرسمية ممثلة في بيان وزارة الداخلية. أشار إلي أن عدم وجود فرق إعلامية ماهرة لدي الأجهزة الرسمية والقنوات الفضائية أدي لحالة التخبط في التغطية والمعالجة الإعلامية مما أدي لحالة من الأداء الإعلامي المشوه والباهت. أكد الدكتور محمد علم الدين وكيل إعلام القاهرة أن ما حدث من الإعلاميين والرياضيين لا يمثل تناقض في المواقف بقدر ما هو كان تفاؤل بمواقف الشباب وعودة الاستقرار للملاعب من خلال عدد من المباريات التي تمت علي خير إلا أن الحادث الأخير كشف عن أن المسئولية غائبة والأحداث مقصود بها إظهار عدم الاستقرار في مصر أمام العالم. لذا انقلاب الأمر أدي إلي تغيير الإعلاميين لآرائهم للمصلحة الوطنية بناء علي نتائج حادث استاد الدفاع.. فإذا كانت الدولة تضمن الحماية للجمهور فإن ذلك يكون في إطار مسئولية الجمهور نفسه أما الإصرار علي عدم الالتزام فلابد أن يواجه بإيقاف هذا الأمر فوراً. أشار علم الدين إلي أن الرياضة أساساً وجدت لتشجيع القيم الخاصة بالتنافس والعمل الجماعي والتعاون والمشاركة فإذا تحولت إلي قتلي وجرحي فلابد من إيقافها حتي نتمكن من تحقيق البيئة المناسبة للرياضة مرة أخري.