جامعة المنيا ضمن أفضل 1001 جامعة على مستوى العالم في تصنيف «التايمز» 2026    تراجع جديد في عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 10-10- 2025 بختام تعاملات الصاغة    الرئيس السيسي: ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية وفقاً لمقررات الشرعية الدولية    منتخب السودان يفقد فرصة الملحق بالتعادل مع موريتانيا في تصفيات كأس العالم    عودة الحركة لطبيعتها على طريق الخانكة – السلام    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف أمراض سوء التغذية    الخارجية الفرنسية: علينا تقديم الدعم اللازم لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار بغزة    لمدة 20 ساعة.. قطع مياه الشرب عن 3 مناطق في الإسكندرية غدًا    مواهب مصرية في الملاعب الأوروبية تنضم للمنتخبات    برلماني: الرئيس السيسى صنع الفارق فى المنطقة    مباحث الغربية تضبط قاتل أحد كبار تجار العسل بعد طعنه داخل سيارته    10 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب «السوق السوداء»    النقض تحدد 22 أكتوبر لنظر طعن مضيفة متهمة بقتل ابنتها على حكم سجنها 15 سنة    الأحد.. افتتاح معرض "سكون يحمل في طياته" للتشكيلى الكبير محمود حامد    كاتب "نهاية العالم" يحصد نوبل للآداب 2025|الهنغاري لاسلو كراسناهوركاي    أكشن وأحداث غير متوقعة.. موعد وقنوات عرض مسلسل المؤسس أورهان الموسم الأول    الإعلان التشويقي لفيلم "ولنا في الخيال.. حب؟" يمهّد الطريق لعرضه قريبا    لبنان: تفكيك شبكة تعمل لصالح إسرائيل خططت لأعمال إرهابية واغتيالات بالداخل    25 صورة ترصد فعاليات ماراثون للتوعية ضد شلل الأطفال بالأقصر    مكتب رعاية المصالح الإيرانية يهنئ المنتخب بتأهله لكأس العالم: إنجاز للأبطال المصريين    انبهار وفد ألمانى رفيع المستوى فى زيارته للمتحف المصرى الكبير    بشير التابعي: حكمة الرئيس السيسي أنقذت المنطقة من عواقب وخيمة باتفاق شرم الشيخ    صحة الدقهلية: استئناف العمل بوحدة مناظير الجهاز الهضمي بميت غمر    ياسر ريان: الرئيس السيسي عاملنا هيبة فى الخارج وموقفه تاريخى فى اتفاق شرم الشيخ    النائب على مهران: اتفاق شرم الشيخ ما كان ليتحقق دون جهود الرئيس السيسى    فرنسا: العنانى قاد بحملته الدقيقة تحديد رؤية دولية لدور يونسكو والإصلاحات اللازمة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف يعزون المهندس إبراهيم محلب فى وفاة شقيقته    هالاند لاعب شهر سبتمبر في الدوري الإنجليزي    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    9 خطوات لحماية «الراوتر» من الاختراق    للعام السادس.. جامعة بورسعيد ضمن أفضل جامعات العالم في تصنيف التايمز 2026    قرار جديد من الجمارك المصرية.. إعفاء لهاتف واحد فقط لكل مسافر كل 3 سنوات    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    «أوقاف المنيا» تعقد 109 ندوة علمية في «مجالس الذاكرين» خلال أسبوع    زاخاروفا: نرحب باتفاق وقف إطلاق النار بغزة وندعو إسرائيل وحماس للالتزام الكامل به    معاريف: نتنياهو يسعى لاستثمار زخم اتفاق وقف النار لتقديم موعد الانتخابات    الصحة: الكشف الطبي على 3521 مرشحا لانتخابات مجلس النواب بجميع المحافظات    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    "إدارة الصراع والضغوط والقلق النفسي" ندوة توعوية لجامعة قناة السويس بمدرسة أم الأبطال    العثور على جثة سيدة مصابة ب3 طعنات داخل الملاحات بالإسكندرية    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    لليوم الثالث.. لجان تلقي أوراق انتخابات مجلس النواب تستقبل طالبي الترشح    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد أبو بكر الصديق بالإسماعيلية (بث مباشر)    سعر الأسمنت اليوم الجمعه 10 اكتوبر 2025 فى المنيا    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب
email: [email protected]
نشر في الجمهورية يوم 23 - 12 - 2014

الانتحار أكثر من مجرد خبر بدأنا نقرؤه ونتداوله علي شبكات التواصل الاجتماعي. هو حياة تتوقف أحيانا بإرادة صاحبها يأسا وأحيانا رغم إرادته. وحكايات الشباب الذين اتخذوا هذا القرار نستحق التوقف عندها والنظر لها بشكل مختلف. فهناك زينب - 22 سنة - الناشطة الشابة التي تراكمت عليها الاحباطات فشنقت نفسها في غرفتها. كما شنق نفسه أشرف العامل بأحد المصانع الذي بسبب ضائقة مادية. وعندما تدلي جسده من النافذة أعاد للأذهان مشهد فرج السائق علي طريق الاسماعيلية الصحراوي. أما هند - 18 سنة- فكان وراء انتحارها محاولة لاجبارها علي الزواج. ومنذ أسبوع ألقت فتاة نفسها في النيل هربا من متحرش حسب رواية الشهود أو من أزمة نفسية كما قالت صديقاتها. كل هذه الحكايات تدفعنا لفتح ملف الانتحار في شباب ¢الجمهورية ¢ باحثين عن أسباب اعتراض الشباب علي أوضاع كثيرة. وإبداء هذا الاعتراض بالانسحاب من الحياة.
ماتت مرتين.. وعادت للحياة
سهر: اكتشفت بعد التجربة أن الناس "فيهم أمل"
مراكز التأهيل النفسي "فشنك"
آخر إحصاء رسمي للظاهرة في 2009 ب 5 آلاف حالة
أماني صالح
سهر المصري - 24 سنة - فتاة جميلة.. والأهم من ذلك أنها قوية وشجاعة عندما تحدثت عن تجربتها مع الاكتئاب المزمن ومحاولة الانتحار أكثر من مرة. وكأن كلامها دروس ورسائل لمن لا يريد أن يفهم ألم الاخرين ويكتفي بالحكم من الخارج. بدأت كلامها ب ¢لست مضطرة لإخفاء مشاعري لأبدو قوية أمام الاخرين. لو أكملت في حالة الانكار لن استطيع الخروج من الأزمة التي أمر بها¢
بدأت مشكلة سهر بتربية ومعاملة والدها المتشددة التي كان دافعها الحب والخوف الشديدان علي ابنته لتنتقل العدوي إلي الفتاة الصغيرة التي أصبحت تخاف من العالم الخارجي. وشعرت بهلع عندما بدأت الاحتكاك بالناس بشكل كبير في المرحلة الجامعية واكتشفت أنها لا تجيد التعامل مع الآخرين وتعرضت لعدة صدمات نتيجة عدم قدرتها علي معرفة شخصيات الناس. فكانت النتيجة أنها فقدت الثقة بالآخرين وبدأت مرحلة العزلة وعدم الرغبة في الكلام.
تصف سهر مشاعرها في هذه الفترة قائلة: كنت أشعر أن مخي يقف أمام أي مشكلة أقابلها. ولا أملك سوي الصراخ وتكسير الأشياء وكنت أحيانا لا أشعر بما أفعله. حتي بدأت التفكير في الذهاب إلي طبيب نفسي الذي شخَّص حالتي بالاكتئاب المزمن. وبدأت رحلة العلاج بالأدوية والفضفضة. واستمر العلاج 6 شهور وشعرت بعدها بالتحسن وظننت أني شفيت وتوقفت عن العلاج. وهنا تدهورت نفسيتي من جديد. وفقدت رغبتي في العمل. شعرت أن طاقتي مستهلكة. كنت أرفض الكلام وإذا حاولت أتكلم يكون كلامي ¢تهتهة¢.
تصمت سهر قليلا قبل أن تصل لأصعب مرحلة في أزمتها عندما حاولت الانتحار. فتقول انها حاولت إنهاء حياتها مرتين وليست مرة واحدة. وتناولت شريطاً كاملاً من الأقراص المهدئة. كانت وقتها تشعر بحسد شديد لمن يموت لأنه يرتاح من الدنيا وهمومها وناسها وكلامهم. ولكن التفكير في عقاب الله كان يمنعها وكانت تقول لنفسها ¢أهرب من عذاب الدنيا إلي عذاب الاخرة. لا لازم أقاوم. ولكن في لحظة ما انهارت هذه المقاومة".
تقول ¢مفيش حد بيحس باللي جوه مريض لاكتئاب. لو حكيت لحد همومك حيقولك مفيش حد خالي من الهموم وحيزايد عليك. بس احساس صعب أنك ممكن تصحي الصبح سعيد وفجأة الدنيا تقلب ضلمة. كلمة تقلب يومه وطاقته بتخلص بسرعة علي طول نايم وهربان¢
وبعد أزمة الانتحار عادت سهر للعلاج مرة أخري. وتشكلت بداخلها قناعة بأن الله ¢عاوزني أعيش¢ لتحقق شيئا ما قد يكون لنفسها أو لغيرها. وكانت نصيحة الطبيب هي ¢عبري عن نفسك¢. فشجعها علي أن تكتب وتتجاوز مرحلة مظلمة تعلمت منها ألا تترك نفسها للسقوط. بل لابد أن تنهض من جديد.
وعن الدعم الأسري في هذه الأزمة تقول سهر إن أمها كانت أول من صارحتها بمشاعرها واكتئابها. ووجدتها تشجعها علي الذهاب للطبيب وفهمت منه كيف تتعامل معها. أما شقيقها يحاول دوما الحفاظ عليها وحمايتها من أي مضايقة. تفهم الأم وحماية الأخ قوة كبيرة لمواجهة العالم الذي لا تجد فيه مثل هذه المشاعر الإيجابية. فالأصدقاء لا يتفهمون الأمر كثيراً ولا مجال للإثقال عليهم بالشكوي.
تغيرت سهر وتحاول الآن التمسك بالأمل. فتضحك للناس و¢تصبّح¢ عليهم بصوت عالي. تأخذ الطاقة الإيجابية من الآخرين. تفعل ما تريده ولا تحرم نفسها. وفوق كل ذلك تسامح وتحب نفسها. ففي الماضي كانت تعاقب نفسها لو أخطأ أحد في حقها. وتعيش في دوامة من لوم النفس. ولكن الآن وصلت لمرحلة مساعدة الآخرين والاستماع لمشاكلهم وإبداء رأيها. لتكتشف بداخلها طاقة كبيرة من الحب بدأت تمنحها للناس الذين مازالوا يشعرون ويحترمون الناس. وبدأت تضع لنفسها أهدافا في المستقبل. فبدأت كتابة خواطرها ومشاعرها علي الفيسبوك وتتدرب لتصبح مذيعة وتحول ضعفها إلي قوة وموهبتها إلي عطاء.
يعتبر المركز القومي للسموم بقصر العيني المحطة الأولي التي يمر عليها المنتحر فور اكتشاف الواقعة. فيتم انقاذ الحالات التي يتم اكتشافها مبكرا. وتغادر الطواريء بعد ساعات أو تضطر للبقاء أيام لتلقي العلاج. ويتعامل المركز مع حوالي 10 آلاف حالة سنويا بين انتحار أو تسمم غير مقصود. وتؤكد د. أمل الصفطي رئيس قسم الطب المهني والبيئي ومدير المركز القومي للسموم بكلية الطب جامعة القاهرة أن الانتحار لم يتحول إلي ظاهرة. ولكن هناك مؤشرات واضحة تؤهله لذلك. فمن اللافت للنظر أن يشهد شهر سبتمبر 12 حالة انتحار منها طفلة في الثالثة عشرة من عمرها في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بيوم محاربة الانتحار. مشيرة إلي أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء توقف عن إصدار بيانات حول حالات الانتحار منذ عام 2009 الذي شهد 100 ألف حالة نجح منها 5 آلاف في التخلص من حياتهم.
واضافت أن هناك مواسم للانتحار مثل دخول المدارس وفترة الامتحانات وعقب إعلان نتائج الإمتحانات. وبعض حالات الانتحار لا تكون بهدف التخلص من الحياة بقدر ما يكون للفت الانظار لأسباب سياسية أو عاطفية. ويظهر في الطريقة والجرعة. وهو ما نسميه انتحار فشنك. وبعد انقاذ الحالات تجري محاضر رسمية.
وتضيف أن كثيرين يأتون للمركز بين الحياة والموت. ونفاجأ بأنه ليس منطقيا أن يقدم شخص علي مستوي عال اجتماعيا أو علميا أو دراسيا علي الانتحار. فأحد طلاب الطب اصطدم بضغوط الكلية فقطع شرايين يده. ونجح زملاؤه في إنقاذه. وبعد التوجه للطبيب النفسي تعلم أن يحول هذه الضغوط إلي حافز للنجاح. وأصبح طبيبا ناجحا. أما طالب الهندسة العشريني كان يتمني أن يكون مخترعا. ولكن لديه شعور بأن الناس تحاربه. فتناول جرعة زائدة من الأقراص المنومة ليهرب منهم. وهناك كاتبة ناجحة في الثلاثينات من العمر تشعر بالوحدة بسبب سفر زوجها للخارج طوال العام. فاصيبت باكتئاب وتناولت جرعة زائدة من المسكنات. وكاد الأمر يتطور. ولكن دخول العلاج النفسي علي الخط أثر كثيرا علي حياتها.
وحول التعامل الطبي مع الحالات تقول د. أمل أن البداية تكون بالسؤال عن الأدوية أو المبيدات بالمنزل. ويجري فحص الضغط وحرارة لجسم. ثم تقدم الاسعافات الأولية وإجراء غسيل معدة عند تناول الحبوب أو الجرعات الزائدة من الأدوية أو السموم أو المبيدات. وفي الغالب ننجح في إنقاذ حالات الانتحار بالعقاقير أو السم عند وصول الحالة خلال 2-4 ساعات. وتعالج 70% منها في الاستقبال. أما الحالات المتأخرة قد تستغرق من يومين إلي 10 أيام.
وتنصح الأسر بمراقبة الأبناء بوعي واهتمام والانتباه إلي علامات الخطر سواء تراجع الدرجات الدراسية او الادمان أو نوعية الأصحاب مع ملاحظة إذا كان يعاني الشخص من مرض نفسي والتأكيد أن المرض النفسي ليس علاجه الفضفضة فقط قد يتطلب العقاقير التي يصفها الطبيب المتخصص. كما أن الأسرة عليها التعامل مع الأبناء في فترة المراهقة بحكمة وعدم تخويفهم من الثانوية العامة والقضاء علي هوس كليات القمة الذي يودي بأعصاب وربما حياة الطلاب.
يري د.أحمد الهلباوي الطبيب النفسي أن الانتحار نوعان. الأول مقصود وإرادي والثاني بالخطأ أو دون وعي مثل تناول السموم. ويقع النوع الأول نتيجة خلل ووصول الانسان إلي اليأس لأسباب مختلفة. فانتحار الفقراء أسبابه مادية وأحيانا أخلاقية. أما انتحار الأغنياء غالبا لأسباب عاطفية مثل فقدان عزيز أو مادية مثلا الخسائر الكبيرة او الافلاس. وهنا أمراض نفسية كالاكتئاب والشيزوفرانيا تدفع المريض لمحاولة الانتحار.
ولأن ليس كل الانتحار يعد موتا. وهناك أشخاص يعيشون في حالة انتحار مؤجل. تقول د.سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. فتقول إن الانتحار العادي معروف. ولكن الانتحار المعنوي فهو خروج عن نطاق النشاط وتحقيق الطموحات والأمل وصولا إلي ذروة اليأس والتحول إلي العزلة. وهي خطوة قد تسبق خطوة الانتحار الحقيقي. والانتحار المعنوي له صور متعددة مثل الادمان والتطرف والارهاب لان الشخص يشعر أن حياته لا قيمة لها. ووصول الفرد لهذه الحالة يتوقف علي الشخصية وقوته الداخلية والمرجعية التعليمية والثقافية التي تخلق بدائل عند وقوع المشكلة. ليكون قادرا علي التكيف ورسم حياة جديدة. ويلعب التدين دورا مهما في حماية الشخص من الانزلاق للانتحار بأي صورة.
الشباب: الحياة صعبة.. لكن الانتحار أصعب
اتهم الشباب الفقر والبطالة وضعف الشخصية وعدم القدرة علي مواجهة ضغوط الحياة بالوقوف وراء حالات الانتحار الأخيرة. مؤكدين أن الأزمة ليست نفسية بقدر ما هي أزمة مجتمع يعاني منذ سنوات طويلة من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة. ولذلك لجأ البعض للانتحار هروبا من هذه الضغوط وفي نفس الوقت لإثارة شفقة المجتمع تجاه مشاكلهم.
حيث قال محمد ناصر "مهندس" ان معظم من يلجأون إلي الانتحار هم ضحايا ظروف اجتماعية قاسية وسط ضغوط الحياة. فإقدام 15 شخصا علي الانتحار في أسبوع واحد لا يعني أن الانتحار أصبح ظاهرة. مشيرا إلي أن مصر من أقل دول العالم في معدلات الانتحار. ومتهما وسائل الإعلام بتضخيم الأمر.
أكد حامد محمد - محاسب - أن قضايا مثل العنف المنزلي والزواج المبكر والبطالة والتربية الخاطئة وعدم القدرة علي تحمل المسؤولية تسهم في انتشار ظاهرة الانتحار. فأصحاب محاولات الانتحار مرضي نفسيون أهملت الأسرة والمجتمع رعايتهم. فيجب أن تراقب العائلات تصرفات وسلوك الأبناء والبنات ومعرفة مدي استجابتهم لمتغيرات الحياة. إضافة إلي دور المدرسة والجامعة التي يجب أن تضم مرشدين نفسيين حقيقيين.
ويضيف حسام مصطفي أنه لا أحد سوف يحاول إنهاء حياته بيديه إلا إذا فقد الأمل تماما في أن يعيش حياة آدمية. فتراكم أوضاع سيئة وصعبة لسنوات طويلة أنتجت نفسيات ضعيفة لدي البعض خاصة في غياب الأسرة أو انشغالها عن ابنائها الذين يتعرضون للحياة ولا يستطيعون التعامل معها أو احتمالها. أما الذين ينتحرون بسبب مشكلة مع خطيبته أو أمه فهذه تعد نزوات غضب ولكن لنفس الأسباب يحاولون الهروب منها بالانتحار.
وتضيف غادة سعيد - طالبة بكلية آداب - أن الفشل في الارتباط أو الزواج لا يمكن أن يكون سببا في الانتحار. فكلنا نمر بأزمات نفسية وعاطفية ونتعرض لضغوط كبيرة. ولكن أمام فكرة الانتحار تظهر قيمة الأمل في الحياة التي تلعب دورا كبيرا في مقاومة كل هذه الضغوط والأزمات الصعبة. فإذا مات الأمل ووصلنا لدرجة اليأس عندها تبدأ مشكلة التفكير في الانتحار.
تري هدير إبراهيم - طالبة بكلية طب - أن علينا تفهم مشاعر الذين حاولوا الانتحار. فهم لم ينجحوا في التأقلم مع الحياة ولم يجدوا من يساعدهم علي ذلك. ولو كانت ظروفنا المجتمعية والاقتصادية أفضل ووجد هؤلاء نفسهم وسط الناس ما أقدموا علي فكرة التخلص من حياتهم. ومع الانتحار ليس الحل الأمثل لمواجهة مشاكلنا.
وتختلف معهم إيمان أحمد التي تري أن الانتحار لا علاقة له بالأوضاع الاقتصادية. فلو نظرنا لخارج مصر سوف نجد أن السويد أعلي الدول في معدلات الانتحار رغم أنها بلد أوروبي لا يعاني أهله من أي مشاكل اقتصادية أو اجتماعية. وفي نفس الوقت الدول الأفريقية الفقيرة والتي تعاني من اضطرابات سياسية خطيرة لا تحدث فيها حالات انتحار إلا نادراً. فالمشكلة نفسية وترتبط بالشخصية نفسها ومدي إيمانها بالله.
ويتفق معها حامد انور في أن نقص الإيمان سبب رئيسي قد يدفع شابا في مقتبل العمر أو رجلا متزوجا وله أسرة لإنهاء حياته لمجرد أنه يمر بأزمة مالية حتي لو كادت أن تدفع به إلي السجن الذي سوف يكون أكرم للإنسان من أن ¢يموت كافرا¢. فالفقر لا يمكن أن يكون ¢شماعة¢ كل مشاكلنا.
"هنلونها".. بلدنا بالألوان الطبيعية
أحمد متولي
بعد تحول لون القاهرة إلي اللون الرمادي بسبب عوادم السيارات والأتربة قرر مجموعة من طلبة كلية الفنون الجميلة تغيير ذلك اللون الذي ينعكس علي وجوه الناس. وتلوين القاهرة بالفرحة والبهجة. حيث ان الفن والثقافة أساس تغيير الشعوب. إنهم شباب حملة ¢ هنلونها¢.
تقول كريستين ظريف منسقة الحملة إن الفكرة بدأت منذ حوالي 3 أشهر عندما أرادوا في الكلية تغيير اللون الرمادي الكئيب الي الوان مبهجة لبث روح الأمل والتفاؤل بين الناس. والتأكيد علي أن كل فرد يجب أن يقوم بدوره. وبالنسبة لطلبة الفنون الجميلة دورهم نحو بلدهم هو تجميلها وتلوينها.
تضيف: في البداية فكرنا أن نقوم بتلوين أكثر مكان حيوي بالقاهرة فوقع الاختيارعلي ميدان عبد المنعم رياض. فحصلنا علي تصريح من عميد الكلية وذهبنا الي رئيس حي غرب للحصول علي تصريح لتلوين سلالم كوبري أكتوبر بميدان عبدالمنعم رياض. وبالفعل رحب بالفكرة وعرض علينا المساعدة. وأرسل عمال النظافة لتحضير المكان ووفر سلالم للمجموعة التي لونت أكثر من مكان في الحي. ثم توجهنا الي حي المعادي واثناء التلوين فوجئنا برئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب يقف بيننا ويشجعنا علي مجهودنا.
وعن مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي تقول كريستين إن مجموعة ¢هنلونها¢ حضرت لقاء الرئيس ضمن شباب ¢المبادرات المجتمعية¢ وكان اللقاء مثمرا استغرق 4 ساعات. وعرضنا خلال اللقاء مبادرة لتطوير 50 قرية في الصعيد صحيا وتعليميا وثقافيا وفنيا وفي جميع المجالات. وكان المخطط أن نقوم بالانتهاء من تطوير تلك القري خلال عام. ولكن الرئيس طلب إنهاء ذلك خلال 6 أشهر وسوف يقدم الدعم اللازم لذلك.
وتضيف أن من أهداف الحملة أيضا تذكير الشارع بأن هناك ألوانا آخري يمكن استخدامها بدلا من الألوان الباهتة الكئيبة التي نستخدمها في الملابس وديكورات المنازل وحني ألوان السيارات. فهناك ألوان مبهجة تبعث التفاؤل والأمل. ودورنا أن نجعل الناس يلمسون هذا الجمال والارتقاء بالحس الجمالي لديهم. كما نخطط للاتجاه إلي الأماكن السياحية حتي نشعر السائح أن البلد لايزال بها شباب يقدر قيمة الفن.
وعن الأماكن التي تم تلوينها حتي الآن تقول آية علي أحد أعضاء الحملة إنهم قاموا بتلوين منازل كوبري اكتوبر من التحرير ومسبيرو والأعمدة تحت الكوبري وشارع الجزيرة وشارع 9 بالمعادي ومسرح البالون. وتعتمد الحملة علي الجهود الذاتية لأعضاء الفريق المكون من 40 عضو. وفي البداية ساهمت إحدي شركات الدهانات ببعض الخامات ثم اعتذرت عن الاستمرار لنعتمد علي أنفسنا في هذه المسألة.
ونظرة الناس لفتاة تقوم بالتلوين في الشارع تختلف من شخص لآخر. فتقول أية: اقوم بشيء ايجابي حتي تصبح الأماكن أجمل من أجل الناس. ومهما كانت التعليقات التي أواجهها أرد بابتسامة. فمنهم من يقول ¢انتي بتشتغلي نقاشة وآخر يقول ¢يعني هو السلم ده الي هيغير الدنيا¢ و¢هي كده كده يومين وهتبوظ تاني¢. ولكن في المقابل هناك من يشجعنا ويعرض علينا المساعدة. ويكفينا دعاء سيدة أو رجل كبير. وبعد المجهود الشاق الذي نبذله عندما نري سعادة الناس في المكان بعد تغيره كليا يزول كل التعب والإرهاق.
يقول محمد نعمة الله أحد أعضاء الحملة هنلونها إن المحطة القادمة للحملة سوف تكون في اتجاه مستشفي 57357 حتي نضفي بهجة علي المكان مما يخفف من آلام الأطفال. ونسعي لأن يشاركونا في الرسم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.