كفاية جشع...حملة جديدة لمقاطعة اللحوم والبيض والفراخ..إليك الأسعار    مفاجأة في سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 في اليمن    الكرملين: مصير زيلينسكي "محسوم"    إطلاق عشرات الصواريخ من جنوبي لبنان تجاه قاعدة "ميرون" الإسرائيلية    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    أعراض سمية فيتامين د والجرعة الموصى بها    خليه في المياه.. منتجو الأسماك يتحدون حملات المقاطعة    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    انخفاض يصل ل 36%.. بشرى سارة بشأن أسعار زيوت الطعام والألبان والسمك| فيديو    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    فيديو.. سفير روسيا لدى مصر: استخدام الدولار في المعاملات التجارية أصبح خطيرا جدا    لميس الحديدى: نعمت شفيق تواجه مصيرا صعبا .. واللوبي اليهودي والمجتمع العربي"غاضبين"    نتيجة وملخص أهداف مباراة تشيلسي ضد أستون فيلا في الدوري الإنجليزي    طلب عاجل من الأهلي بشأن مباراة الترجي في نهائي إفريقيا    حجز المركز الثاني.. النصر يضمن مشاركته في السوبر السعودي    شيكابالا يستعد لمواجهة دريمز الغاني بجلسة علاجية خاصة    باريس سان جيرمان يؤجل تتويجه بلقب الدوري الفرنسي بالتعادل مع لوهافر    خلاف على قطعة أرض.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة النارية بالمنيا    مصرع عروسين ومصور في انقلاب سيارة داخل ترعة بقنا    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    الزفاف تحول إلى مأتم.. مصرع عروسين ومصور أثناء حفل زفاف في قنا    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    أستاذ استثمار: مصر تستهدف زيادة الصادرات في الصناعات الهندسية    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    كيف تختارين النظارات الشمسية هذا الصيف؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    تليفونات بنى سويف يصدر بيان حول إصابة ' ابراهيم سليمان '    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    قبل نهاية الصيف.. طربول الصناعية: طرح أول طرازين من سيارات لادا محلية الصنع بأسعار مميزة    رقم سلبي تاريخي يقع فيه محمد صلاح بعد مشادته مع كلوب    مصر تواصل الجسر الجوى لإسقاط المساعدات على شمال غزة    حزب أبناء مصر يدشن الجمعية العمومية.. ويجدد الثقة للمهندس مدحت بركات    "الإسكندرية السينمائي" يمنح وسام عروس البحر المتوسط للسوري أيمن زيدان    رامي جمال يحتفل بتصدر أغنية «بيكلموني» التريند في 3 دول عربية    عزيز الشافعي عن «أنا غلطان»: قصتها مبنية على تجربتي الشخصية (فيديو)    شرايين الحياة إلى سيناء    «القاهرة الإخبارية»: مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين أمام وزارة الدفاع فى تل أبيب    محافظ القاهرة: استمرار حملات إزالة التعديات والإشغالات بأحياء العاصمة    "مستحملش كلام أبوه".. تفاصيل سقوط شاب من أعلى منزل بالطالبية    جريمة طفل شبرا تكشف المسكوت عنه في الدارك ويب الجزء المظلم من الإنترنت    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    حبست زوجها وقدّمت تنازلات للفن وتصدرت التريند.. ما لا تعرفة عن ميار الببلاوي    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: مصر خاضت 4 معارك لتحرير سيناء.. آخرها من عامين    أمل السيد.. حكاية مؤسِّسة أول مبادرة نسائية لتمكين المرأة البدوية في مطروح    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    عاجل.. وزير الخارجية الأميركي يتوجه إلى السعودية والأردن وإسرائيل مطلع الأسبوع    النيابة تطلب تحريات إصابة سيدة إثر احتراق مسكنها في الإسكندرية    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب
email: [email protected]
نشر في الجمهورية يوم 23 - 12 - 2014

الانتحار أكثر من مجرد خبر بدأنا نقرؤه ونتداوله علي شبكات التواصل الاجتماعي. هو حياة تتوقف أحيانا بإرادة صاحبها يأسا وأحيانا رغم إرادته. وحكايات الشباب الذين اتخذوا هذا القرار نستحق التوقف عندها والنظر لها بشكل مختلف. فهناك زينب - 22 سنة - الناشطة الشابة التي تراكمت عليها الاحباطات فشنقت نفسها في غرفتها. كما شنق نفسه أشرف العامل بأحد المصانع الذي بسبب ضائقة مادية. وعندما تدلي جسده من النافذة أعاد للأذهان مشهد فرج السائق علي طريق الاسماعيلية الصحراوي. أما هند - 18 سنة- فكان وراء انتحارها محاولة لاجبارها علي الزواج. ومنذ أسبوع ألقت فتاة نفسها في النيل هربا من متحرش حسب رواية الشهود أو من أزمة نفسية كما قالت صديقاتها. كل هذه الحكايات تدفعنا لفتح ملف الانتحار في شباب ¢الجمهورية ¢ باحثين عن أسباب اعتراض الشباب علي أوضاع كثيرة. وإبداء هذا الاعتراض بالانسحاب من الحياة.
ماتت مرتين.. وعادت للحياة
سهر: اكتشفت بعد التجربة أن الناس "فيهم أمل"
مراكز التأهيل النفسي "فشنك"
آخر إحصاء رسمي للظاهرة في 2009 ب 5 آلاف حالة
أماني صالح
سهر المصري - 24 سنة - فتاة جميلة.. والأهم من ذلك أنها قوية وشجاعة عندما تحدثت عن تجربتها مع الاكتئاب المزمن ومحاولة الانتحار أكثر من مرة. وكأن كلامها دروس ورسائل لمن لا يريد أن يفهم ألم الاخرين ويكتفي بالحكم من الخارج. بدأت كلامها ب ¢لست مضطرة لإخفاء مشاعري لأبدو قوية أمام الاخرين. لو أكملت في حالة الانكار لن استطيع الخروج من الأزمة التي أمر بها¢
بدأت مشكلة سهر بتربية ومعاملة والدها المتشددة التي كان دافعها الحب والخوف الشديدان علي ابنته لتنتقل العدوي إلي الفتاة الصغيرة التي أصبحت تخاف من العالم الخارجي. وشعرت بهلع عندما بدأت الاحتكاك بالناس بشكل كبير في المرحلة الجامعية واكتشفت أنها لا تجيد التعامل مع الآخرين وتعرضت لعدة صدمات نتيجة عدم قدرتها علي معرفة شخصيات الناس. فكانت النتيجة أنها فقدت الثقة بالآخرين وبدأت مرحلة العزلة وعدم الرغبة في الكلام.
تصف سهر مشاعرها في هذه الفترة قائلة: كنت أشعر أن مخي يقف أمام أي مشكلة أقابلها. ولا أملك سوي الصراخ وتكسير الأشياء وكنت أحيانا لا أشعر بما أفعله. حتي بدأت التفكير في الذهاب إلي طبيب نفسي الذي شخَّص حالتي بالاكتئاب المزمن. وبدأت رحلة العلاج بالأدوية والفضفضة. واستمر العلاج 6 شهور وشعرت بعدها بالتحسن وظننت أني شفيت وتوقفت عن العلاج. وهنا تدهورت نفسيتي من جديد. وفقدت رغبتي في العمل. شعرت أن طاقتي مستهلكة. كنت أرفض الكلام وإذا حاولت أتكلم يكون كلامي ¢تهتهة¢.
تصمت سهر قليلا قبل أن تصل لأصعب مرحلة في أزمتها عندما حاولت الانتحار. فتقول انها حاولت إنهاء حياتها مرتين وليست مرة واحدة. وتناولت شريطاً كاملاً من الأقراص المهدئة. كانت وقتها تشعر بحسد شديد لمن يموت لأنه يرتاح من الدنيا وهمومها وناسها وكلامهم. ولكن التفكير في عقاب الله كان يمنعها وكانت تقول لنفسها ¢أهرب من عذاب الدنيا إلي عذاب الاخرة. لا لازم أقاوم. ولكن في لحظة ما انهارت هذه المقاومة".
تقول ¢مفيش حد بيحس باللي جوه مريض لاكتئاب. لو حكيت لحد همومك حيقولك مفيش حد خالي من الهموم وحيزايد عليك. بس احساس صعب أنك ممكن تصحي الصبح سعيد وفجأة الدنيا تقلب ضلمة. كلمة تقلب يومه وطاقته بتخلص بسرعة علي طول نايم وهربان¢
وبعد أزمة الانتحار عادت سهر للعلاج مرة أخري. وتشكلت بداخلها قناعة بأن الله ¢عاوزني أعيش¢ لتحقق شيئا ما قد يكون لنفسها أو لغيرها. وكانت نصيحة الطبيب هي ¢عبري عن نفسك¢. فشجعها علي أن تكتب وتتجاوز مرحلة مظلمة تعلمت منها ألا تترك نفسها للسقوط. بل لابد أن تنهض من جديد.
وعن الدعم الأسري في هذه الأزمة تقول سهر إن أمها كانت أول من صارحتها بمشاعرها واكتئابها. ووجدتها تشجعها علي الذهاب للطبيب وفهمت منه كيف تتعامل معها. أما شقيقها يحاول دوما الحفاظ عليها وحمايتها من أي مضايقة. تفهم الأم وحماية الأخ قوة كبيرة لمواجهة العالم الذي لا تجد فيه مثل هذه المشاعر الإيجابية. فالأصدقاء لا يتفهمون الأمر كثيراً ولا مجال للإثقال عليهم بالشكوي.
تغيرت سهر وتحاول الآن التمسك بالأمل. فتضحك للناس و¢تصبّح¢ عليهم بصوت عالي. تأخذ الطاقة الإيجابية من الآخرين. تفعل ما تريده ولا تحرم نفسها. وفوق كل ذلك تسامح وتحب نفسها. ففي الماضي كانت تعاقب نفسها لو أخطأ أحد في حقها. وتعيش في دوامة من لوم النفس. ولكن الآن وصلت لمرحلة مساعدة الآخرين والاستماع لمشاكلهم وإبداء رأيها. لتكتشف بداخلها طاقة كبيرة من الحب بدأت تمنحها للناس الذين مازالوا يشعرون ويحترمون الناس. وبدأت تضع لنفسها أهدافا في المستقبل. فبدأت كتابة خواطرها ومشاعرها علي الفيسبوك وتتدرب لتصبح مذيعة وتحول ضعفها إلي قوة وموهبتها إلي عطاء.
يعتبر المركز القومي للسموم بقصر العيني المحطة الأولي التي يمر عليها المنتحر فور اكتشاف الواقعة. فيتم انقاذ الحالات التي يتم اكتشافها مبكرا. وتغادر الطواريء بعد ساعات أو تضطر للبقاء أيام لتلقي العلاج. ويتعامل المركز مع حوالي 10 آلاف حالة سنويا بين انتحار أو تسمم غير مقصود. وتؤكد د. أمل الصفطي رئيس قسم الطب المهني والبيئي ومدير المركز القومي للسموم بكلية الطب جامعة القاهرة أن الانتحار لم يتحول إلي ظاهرة. ولكن هناك مؤشرات واضحة تؤهله لذلك. فمن اللافت للنظر أن يشهد شهر سبتمبر 12 حالة انتحار منها طفلة في الثالثة عشرة من عمرها في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بيوم محاربة الانتحار. مشيرة إلي أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء توقف عن إصدار بيانات حول حالات الانتحار منذ عام 2009 الذي شهد 100 ألف حالة نجح منها 5 آلاف في التخلص من حياتهم.
واضافت أن هناك مواسم للانتحار مثل دخول المدارس وفترة الامتحانات وعقب إعلان نتائج الإمتحانات. وبعض حالات الانتحار لا تكون بهدف التخلص من الحياة بقدر ما يكون للفت الانظار لأسباب سياسية أو عاطفية. ويظهر في الطريقة والجرعة. وهو ما نسميه انتحار فشنك. وبعد انقاذ الحالات تجري محاضر رسمية.
وتضيف أن كثيرين يأتون للمركز بين الحياة والموت. ونفاجأ بأنه ليس منطقيا أن يقدم شخص علي مستوي عال اجتماعيا أو علميا أو دراسيا علي الانتحار. فأحد طلاب الطب اصطدم بضغوط الكلية فقطع شرايين يده. ونجح زملاؤه في إنقاذه. وبعد التوجه للطبيب النفسي تعلم أن يحول هذه الضغوط إلي حافز للنجاح. وأصبح طبيبا ناجحا. أما طالب الهندسة العشريني كان يتمني أن يكون مخترعا. ولكن لديه شعور بأن الناس تحاربه. فتناول جرعة زائدة من الأقراص المنومة ليهرب منهم. وهناك كاتبة ناجحة في الثلاثينات من العمر تشعر بالوحدة بسبب سفر زوجها للخارج طوال العام. فاصيبت باكتئاب وتناولت جرعة زائدة من المسكنات. وكاد الأمر يتطور. ولكن دخول العلاج النفسي علي الخط أثر كثيرا علي حياتها.
وحول التعامل الطبي مع الحالات تقول د. أمل أن البداية تكون بالسؤال عن الأدوية أو المبيدات بالمنزل. ويجري فحص الضغط وحرارة لجسم. ثم تقدم الاسعافات الأولية وإجراء غسيل معدة عند تناول الحبوب أو الجرعات الزائدة من الأدوية أو السموم أو المبيدات. وفي الغالب ننجح في إنقاذ حالات الانتحار بالعقاقير أو السم عند وصول الحالة خلال 2-4 ساعات. وتعالج 70% منها في الاستقبال. أما الحالات المتأخرة قد تستغرق من يومين إلي 10 أيام.
وتنصح الأسر بمراقبة الأبناء بوعي واهتمام والانتباه إلي علامات الخطر سواء تراجع الدرجات الدراسية او الادمان أو نوعية الأصحاب مع ملاحظة إذا كان يعاني الشخص من مرض نفسي والتأكيد أن المرض النفسي ليس علاجه الفضفضة فقط قد يتطلب العقاقير التي يصفها الطبيب المتخصص. كما أن الأسرة عليها التعامل مع الأبناء في فترة المراهقة بحكمة وعدم تخويفهم من الثانوية العامة والقضاء علي هوس كليات القمة الذي يودي بأعصاب وربما حياة الطلاب.
يري د.أحمد الهلباوي الطبيب النفسي أن الانتحار نوعان. الأول مقصود وإرادي والثاني بالخطأ أو دون وعي مثل تناول السموم. ويقع النوع الأول نتيجة خلل ووصول الانسان إلي اليأس لأسباب مختلفة. فانتحار الفقراء أسبابه مادية وأحيانا أخلاقية. أما انتحار الأغنياء غالبا لأسباب عاطفية مثل فقدان عزيز أو مادية مثلا الخسائر الكبيرة او الافلاس. وهنا أمراض نفسية كالاكتئاب والشيزوفرانيا تدفع المريض لمحاولة الانتحار.
ولأن ليس كل الانتحار يعد موتا. وهناك أشخاص يعيشون في حالة انتحار مؤجل. تقول د.سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. فتقول إن الانتحار العادي معروف. ولكن الانتحار المعنوي فهو خروج عن نطاق النشاط وتحقيق الطموحات والأمل وصولا إلي ذروة اليأس والتحول إلي العزلة. وهي خطوة قد تسبق خطوة الانتحار الحقيقي. والانتحار المعنوي له صور متعددة مثل الادمان والتطرف والارهاب لان الشخص يشعر أن حياته لا قيمة لها. ووصول الفرد لهذه الحالة يتوقف علي الشخصية وقوته الداخلية والمرجعية التعليمية والثقافية التي تخلق بدائل عند وقوع المشكلة. ليكون قادرا علي التكيف ورسم حياة جديدة. ويلعب التدين دورا مهما في حماية الشخص من الانزلاق للانتحار بأي صورة.
الشباب: الحياة صعبة.. لكن الانتحار أصعب
اتهم الشباب الفقر والبطالة وضعف الشخصية وعدم القدرة علي مواجهة ضغوط الحياة بالوقوف وراء حالات الانتحار الأخيرة. مؤكدين أن الأزمة ليست نفسية بقدر ما هي أزمة مجتمع يعاني منذ سنوات طويلة من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة. ولذلك لجأ البعض للانتحار هروبا من هذه الضغوط وفي نفس الوقت لإثارة شفقة المجتمع تجاه مشاكلهم.
حيث قال محمد ناصر "مهندس" ان معظم من يلجأون إلي الانتحار هم ضحايا ظروف اجتماعية قاسية وسط ضغوط الحياة. فإقدام 15 شخصا علي الانتحار في أسبوع واحد لا يعني أن الانتحار أصبح ظاهرة. مشيرا إلي أن مصر من أقل دول العالم في معدلات الانتحار. ومتهما وسائل الإعلام بتضخيم الأمر.
أكد حامد محمد - محاسب - أن قضايا مثل العنف المنزلي والزواج المبكر والبطالة والتربية الخاطئة وعدم القدرة علي تحمل المسؤولية تسهم في انتشار ظاهرة الانتحار. فأصحاب محاولات الانتحار مرضي نفسيون أهملت الأسرة والمجتمع رعايتهم. فيجب أن تراقب العائلات تصرفات وسلوك الأبناء والبنات ومعرفة مدي استجابتهم لمتغيرات الحياة. إضافة إلي دور المدرسة والجامعة التي يجب أن تضم مرشدين نفسيين حقيقيين.
ويضيف حسام مصطفي أنه لا أحد سوف يحاول إنهاء حياته بيديه إلا إذا فقد الأمل تماما في أن يعيش حياة آدمية. فتراكم أوضاع سيئة وصعبة لسنوات طويلة أنتجت نفسيات ضعيفة لدي البعض خاصة في غياب الأسرة أو انشغالها عن ابنائها الذين يتعرضون للحياة ولا يستطيعون التعامل معها أو احتمالها. أما الذين ينتحرون بسبب مشكلة مع خطيبته أو أمه فهذه تعد نزوات غضب ولكن لنفس الأسباب يحاولون الهروب منها بالانتحار.
وتضيف غادة سعيد - طالبة بكلية آداب - أن الفشل في الارتباط أو الزواج لا يمكن أن يكون سببا في الانتحار. فكلنا نمر بأزمات نفسية وعاطفية ونتعرض لضغوط كبيرة. ولكن أمام فكرة الانتحار تظهر قيمة الأمل في الحياة التي تلعب دورا كبيرا في مقاومة كل هذه الضغوط والأزمات الصعبة. فإذا مات الأمل ووصلنا لدرجة اليأس عندها تبدأ مشكلة التفكير في الانتحار.
تري هدير إبراهيم - طالبة بكلية طب - أن علينا تفهم مشاعر الذين حاولوا الانتحار. فهم لم ينجحوا في التأقلم مع الحياة ولم يجدوا من يساعدهم علي ذلك. ولو كانت ظروفنا المجتمعية والاقتصادية أفضل ووجد هؤلاء نفسهم وسط الناس ما أقدموا علي فكرة التخلص من حياتهم. ومع الانتحار ليس الحل الأمثل لمواجهة مشاكلنا.
وتختلف معهم إيمان أحمد التي تري أن الانتحار لا علاقة له بالأوضاع الاقتصادية. فلو نظرنا لخارج مصر سوف نجد أن السويد أعلي الدول في معدلات الانتحار رغم أنها بلد أوروبي لا يعاني أهله من أي مشاكل اقتصادية أو اجتماعية. وفي نفس الوقت الدول الأفريقية الفقيرة والتي تعاني من اضطرابات سياسية خطيرة لا تحدث فيها حالات انتحار إلا نادراً. فالمشكلة نفسية وترتبط بالشخصية نفسها ومدي إيمانها بالله.
ويتفق معها حامد انور في أن نقص الإيمان سبب رئيسي قد يدفع شابا في مقتبل العمر أو رجلا متزوجا وله أسرة لإنهاء حياته لمجرد أنه يمر بأزمة مالية حتي لو كادت أن تدفع به إلي السجن الذي سوف يكون أكرم للإنسان من أن ¢يموت كافرا¢. فالفقر لا يمكن أن يكون ¢شماعة¢ كل مشاكلنا.
"هنلونها".. بلدنا بالألوان الطبيعية
أحمد متولي
بعد تحول لون القاهرة إلي اللون الرمادي بسبب عوادم السيارات والأتربة قرر مجموعة من طلبة كلية الفنون الجميلة تغيير ذلك اللون الذي ينعكس علي وجوه الناس. وتلوين القاهرة بالفرحة والبهجة. حيث ان الفن والثقافة أساس تغيير الشعوب. إنهم شباب حملة ¢ هنلونها¢.
تقول كريستين ظريف منسقة الحملة إن الفكرة بدأت منذ حوالي 3 أشهر عندما أرادوا في الكلية تغيير اللون الرمادي الكئيب الي الوان مبهجة لبث روح الأمل والتفاؤل بين الناس. والتأكيد علي أن كل فرد يجب أن يقوم بدوره. وبالنسبة لطلبة الفنون الجميلة دورهم نحو بلدهم هو تجميلها وتلوينها.
تضيف: في البداية فكرنا أن نقوم بتلوين أكثر مكان حيوي بالقاهرة فوقع الاختيارعلي ميدان عبد المنعم رياض. فحصلنا علي تصريح من عميد الكلية وذهبنا الي رئيس حي غرب للحصول علي تصريح لتلوين سلالم كوبري أكتوبر بميدان عبدالمنعم رياض. وبالفعل رحب بالفكرة وعرض علينا المساعدة. وأرسل عمال النظافة لتحضير المكان ووفر سلالم للمجموعة التي لونت أكثر من مكان في الحي. ثم توجهنا الي حي المعادي واثناء التلوين فوجئنا برئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب يقف بيننا ويشجعنا علي مجهودنا.
وعن مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي تقول كريستين إن مجموعة ¢هنلونها¢ حضرت لقاء الرئيس ضمن شباب ¢المبادرات المجتمعية¢ وكان اللقاء مثمرا استغرق 4 ساعات. وعرضنا خلال اللقاء مبادرة لتطوير 50 قرية في الصعيد صحيا وتعليميا وثقافيا وفنيا وفي جميع المجالات. وكان المخطط أن نقوم بالانتهاء من تطوير تلك القري خلال عام. ولكن الرئيس طلب إنهاء ذلك خلال 6 أشهر وسوف يقدم الدعم اللازم لذلك.
وتضيف أن من أهداف الحملة أيضا تذكير الشارع بأن هناك ألوانا آخري يمكن استخدامها بدلا من الألوان الباهتة الكئيبة التي نستخدمها في الملابس وديكورات المنازل وحني ألوان السيارات. فهناك ألوان مبهجة تبعث التفاؤل والأمل. ودورنا أن نجعل الناس يلمسون هذا الجمال والارتقاء بالحس الجمالي لديهم. كما نخطط للاتجاه إلي الأماكن السياحية حتي نشعر السائح أن البلد لايزال بها شباب يقدر قيمة الفن.
وعن الأماكن التي تم تلوينها حتي الآن تقول آية علي أحد أعضاء الحملة إنهم قاموا بتلوين منازل كوبري اكتوبر من التحرير ومسبيرو والأعمدة تحت الكوبري وشارع الجزيرة وشارع 9 بالمعادي ومسرح البالون. وتعتمد الحملة علي الجهود الذاتية لأعضاء الفريق المكون من 40 عضو. وفي البداية ساهمت إحدي شركات الدهانات ببعض الخامات ثم اعتذرت عن الاستمرار لنعتمد علي أنفسنا في هذه المسألة.
ونظرة الناس لفتاة تقوم بالتلوين في الشارع تختلف من شخص لآخر. فتقول أية: اقوم بشيء ايجابي حتي تصبح الأماكن أجمل من أجل الناس. ومهما كانت التعليقات التي أواجهها أرد بابتسامة. فمنهم من يقول ¢انتي بتشتغلي نقاشة وآخر يقول ¢يعني هو السلم ده الي هيغير الدنيا¢ و¢هي كده كده يومين وهتبوظ تاني¢. ولكن في المقابل هناك من يشجعنا ويعرض علينا المساعدة. ويكفينا دعاء سيدة أو رجل كبير. وبعد المجهود الشاق الذي نبذله عندما نري سعادة الناس في المكان بعد تغيره كليا يزول كل التعب والإرهاق.
يقول محمد نعمة الله أحد أعضاء الحملة هنلونها إن المحطة القادمة للحملة سوف تكون في اتجاه مستشفي 57357 حتي نضفي بهجة علي المكان مما يخفف من آلام الأطفال. ونسعي لأن يشاركونا في الرسم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.