الكاتب المسرحي الكبير "السيد حافظ" واحد من أهم كتاب المسرح المصري له رأي في حال المسرح الان وكان لنا معه هذا الحوار: * هل المسرح العربي يعاني من غياب الجمهور وكيف تقرأ المشهد المسرحي؟! ** قال : المسرح العربي الان يعاني من أزمة حقيقية.. البطل الان الاحداث السياسية.. والتليفزيون التوك شو المسلسلات شكرا ايضا الجمهور يتابع لحظة بلحظة الاحداث السياسية. أنت تحتاج الي مسرح الجريدة الذي كان في أمريكا أثناء الحرب الفيتنامية.. كل يوم أحداث جديدة. الممثل يقرأ الاخبار والتعليق بالموسيقي ورأي الجمهور والمشاركة.. أنت هنا لا تملك الصبر علي الابداع لاتملك الفنان الملتزم أنت هنا امام الفنان الارزقي "النحتايا والسبوبة" والمخرج ليس له سلطة علي الممثل ولا علي الادارة.. والادارة في مصر الان والدول العربية اصبحت شطارة وليست عبقرية.. أنت أمام منظومة معطلة قدراتها وحدات قدراها علي التعامل مع الواقع والفهم ثم أنت أمام جيل من الفنانين لديه حلم ولكن ليس لديه مشروع وفكر ممنهج الحلم جميل ولكن لابد من ان يدخل الي حيز المشروع والمنهج.. أمية وجهل تحاصر الفنان فما بالك بالفنان الجاهل بأصول مهنته وحرفيتها وافكاره ضحلة. لكن للحق يقال ان هناك قلة نادرة من الشباب كانت واعية تجاربها المسرحية ماتت أثناء ولادتها.. انك تعاني من حالة انفصام في الواقع بين الفنان وبين المثقف المفكر. * ما العلاقة البينية بين المسرح المصري والمشهد السياسي؟ ** قال السيد حافظ: المسرح المصري بداياته كانت أكثر ثورية من الان فمنذ الحملة الفرنسية وظهور المسرح علي ارض مصر؟ وكان المسرح في ايام الاحتلال الانجليزي كان اكثر ثورية. كان مسرح المقاومة وفي نكسة 67 كان المسرح مقاومة.. أفسدنا المسرح وهدفه في الستينيات كان لخدمة النظام.. كان جمال عبدالناصر ملهم الجماهير وحلم الفقراء للخروج من بوابة الفقر.. وكان الكتاب يلهثون الي ارضائه بأي شكل حتي أتت النكسة لم يستطع احد ان يمنع الكتاب المسرحيين من التنفس بجدية وبقوة في مواجهة فساد الدولة. أولها هزيمة الجيش المنكرة واحتلال سيناء والسويس والاسماعيلية وانهيار الحلم. كان الكتاب يشعرون بالخزي لما كتبوا أولهم عبدالرحمن الشرقاوي والفريد فرج وانفجرت مسرحيات ناقده مثل "انت اللي قتلت الوحش" لعلي سالم و"المسامير" لسعد وهبه ونبيل بدران في البعض يأكلونها والعة.. كان تيارا غاضبا تحت عين ومرأي من السلطة وجاء الانفتاح والانفشاخ الاقتصادي والسياسي فظهر مسرح القطاع الخاص والبرجوازيه الجديدة والرأسمالية الطفيلية.. كل ما حولنا اصبح نكتة. مسرحيات تجارية مسفة مثل "حزمني يا".. التذكره ب250 جنيها والنجم المسرحي اجري200 ألف جنيه وانضم الكتاب الكبار والصغار بحثا عن المال ثم تخريب المسرح بقصد او بدون قصد.. كل الاشياء صارت باهتة ونحن اصبحنا اصحاب المسرح الجاد نلهث ايضا او نشعر بالتقصير او قلة الموهبة. كيف لا نفعل مثلهم ونحشد الجماهير ونكسب الالاف.. كنا نظن اننا اقل موهبة وانتشر تيار مسرحيات الفيديو في اسبوع تتم البروفات والتصوير كان وراء هذا التيار منتج عربي حسن النية يريد ان يكسب ومن المعروف ان الاتجار في الفن مربح اكثر من المخدرات. كنا نحاول ان نكسب الجمهور وحين اكتشف الجمهور لعبة القطاع الخاص اغلق القطاع الخاص ابوابه وظل عادل إمام يقدم عملا كل خمس سنوات مرتين في الاسبوع او ثلاثة من باب العشق للمسرح وظل محمد صبحي يتمسك بالمسرح من باب الفشل في السينما فكان مكسباً للمسرح وجاء مهرجان المسرح التجريبي.. النية جميلة وطيبة ولكن ليس بالنوايا ندخل الجنة وكان القطاع العام يلهث وراء القطاع الخاص فلم يحمل القيمة ولم يكسب جمهورا وظل شبه مسرح اما مسرح الثقافة الجماهيرية كان خط الدفاع الاخير عن المسرح ومع هذا لم يسلم؟ فقد تولت ادارات مختلفة عليه من كتائب الاعدام المسرحي للموهوبين وتحول كل الموظفين الي مؤلفين مسرحيين وشعراء ونقاد وهرج ومرج. * عشت خارج مصر لسنوات كيف تري العلاقة بين المسرح المصري والمسرح العربي؟ ** قال الكاتب الكبير السيد حافظ: كانت هناك علاقة قديمة بين المسرح المصريوالعربي والسبب الرائد زكي طليمات وانشأ المعهد العالي للفنون المسرحية في تونسوالكويت وكذلك زيارة الفرق المسرحية لفاطمة رشدي ويوسف وهبي للدول العربية ومع مرور الوقت اصبحت العلاقة في حالة شد وجذب.. أذكر ان عادل إمام عندما زار السودان كانت تذكرة السفر تساوي مرتباً عاماً للموظف السوداني والجمهور ينام امام المسرح وكذلك سعيد صالح.. في العراق المسرح كان بالضرب وكذلك فرقة الثقافة الجماهيرية في بغداد عرض اليهودي التائه ليسري الجندي وعباس احمد حفلتين في اليوم وصراخ في الصالة وكانت بطولة صلاح الدمرداش نجم فرقة بورسعيد المسرحية.. ثم فجأة خابت الحركة المسرحية في مصر اذا كان هناك مهرجان ارسلت مصر أسوأ إنتاجها وأذكر مقال في تونس في قرطاج عن مسرحية لسمير العصفوري عن اعمال بيرم التونسي كتبوا هل هذا وجه المسرح المصري ام قفاه.. وظلت الادارة العبيطة في مصر ترسل أسوأ الفرق المسيحية بمجاملة لفلان أو علان فصار الانطباع لدي العرب ان المسرح المصري معاق ذهنيا أو شاخ نحن الامة المصرية نقتل الابداع الجيد ونحبذ الانتاج السيئ فنيا والدليل: "السح الدح امبو باعت خمسين مليون شريط وفيلم اسماعيلية رايح جاي علشان اغنية "كماننا" كسب 47 مليونا ومسرحية "حزمني يا" كانت تكسب بوميا ربع مليون جنيه.. نحن اذن لدينا مشكلة عقلية في الاختيار والقديم لانفسنا. * أين مسرح السيد حافظ؟ ** قال السيد حافظ : سؤال موجع انا الان في الدراسات العليا أكثر من أربعين رسالة جامعية عن مسرحياتي بين اجازة بكالوريوس ودبلوم وماجستير ودكتوراه الان فن المسرح المصري لايوجد لا السيد حافظ ولا غيره سوي مجموعة شباب في قعدة بانجو تأليف جماعي أو واحد منهم شوية ايفهات مسرحية شكرا او مسرحية يأخذها احدهم يسمي مخرج ثم يقوم بحذف وكتابتها مرة اخري ويقولك موت المؤلف وتري أعمالا عجيبة.. أنت أمام مشكلة أمية القراءة المسرحية لا مخرجين جدد ولاممثلين بتعرف تقرأ والله احنا مشكلة.. أنا غير موجود في الساحة الان.. نعم ولكن نحن في الخفاء في زمن الغباء. * كيف تري المسرح في الوطن العربي؟ ** قال : المسرح في الوطن العربي مسرح مناسبات.. كل مهرجان نستعد له كي نوزع الاموال والمكافآت والرحلات ونتحدث ونثرثر.. هناك تقرير بحثي: ان ما يقدم في الدول العربية في سنة يساوي ما يقدم في مصر في يوم واحد ولكن الكويت الان تحاول ان تحمي شعلة المسرح من الانطفاء بعمل مهرجانات مسرحية متنوعة علي المستوي الداخلي والخليجي والعربي. وأضاف حافظ : المبدع الحقيقي حاربوه في العالم العربي بتهم الجنون والشذوذ والجاسوسية. * كيف يتم تطوير المسرح العربي؟ ** قال الكاتب الكبير السيد حافظ: هذا زمننا. زمن الثمانينات زمننا هو زمن الهزيمة. الفكر. الضحك. والثراء الطارئ ونهاب غلاء النفط الطارئ.. سيقع هؤلاء "الطارئون" والانصاف والمدعون. هل تتخيل ان ثريا عربيا يهوي كتابة القصة يقيم حفلات للدكتور يوسف ادريس يتكلف مليون دولار هذا المليون كانت تكفي لانشاء دار نشر في اوربا لتدعيم الفكر العربي. إنني اتوقع ان تصبح الكلمة صلبة وخشنة وجزله والفكر واضحا وقاطعا وعميا غائرا. اتوقع ان تكون الحرب الفكرية شرسة بيننا وبين هؤلاء المخنثين أدبيا وفكريا الذين يمارسون العادة السرية بالكلمات والصحف الانيقة الفاخرة.. ان زمننا رائع سيشهد تصفية حاسمة لمرحلتين.