* حذرني الفيلسوف الهندي بيدبا مؤلف كتاب كليلة ودمنة والذي يتناول قصص الحيوانات والبهائم من مجرد الاقتراب أو حتي التفكير في استغلال مدخراتي البسيطة لإقامة مشروع للصناعات الصغيرة في بعض المدن الجديدة خاصة إذا لم أكن مستغنياً عن عقلي وخوفاً من أن يتم الدفع بي في النهاية للتحول إلي التطرف بكافة أشكاله!! ** أسرعت لأعرف منه التفاصيل باشتياق والأسباب التي يدفعني بها للابتعاد عن المشاركة في عمل وطني يستهدف دفع عجلة الإنتاج مع نحو 999 وحدة صناعية مقامة فقط بمدينة مثل القاهرة الجديدة.. تمتص الآلاف من الأيدي العاطلة وتعالج مشكلة البطالة بدون إضافة أعباء علي الدولة في التعيينات وبخاصة أنها حريصة في تأكيداتها علي مساندة ودعم مشروعات الصناعات الصغيرة للشباب باعتبار أنها تدر دخلا يومي يصب في شريان الحياة الاقتصادية للبلاد. * صدمني بمفاجأته عندما أوضح لي أن الشباب الذي سبقني لهذه المشاريع والذي يحظي باهتمام الرئيس تواجهه العديد من المشكلات بالمناطق الصناعية بهذه المدن الجديدة بداية من عدم اكتمال المرافق بشكل قد يكون متعمداً حيث لم تصل الكهرباء للعديد من هذه المصانع رغم أن غرف المحولات ربما تكون موجودة لكنها منهوبة والكابلات ملقاه فوق سطح الأرض ومعرضة للتلف والسرقة والأغرب أن من ينجح في توصيل الكهرباء بعداد إنشائي لماكينات مصنعه يفاجئ بمباحث الكهرباء تحرر له محضراً علي هذا الإنجاز بجانب المغالاة في تقدير قيمة المقايسات وعدم استرداد التأمين الإنشائي للعداد!! * ويستطرد الفيلسوف بيدبا في حديثه القهري لاثنائي عن التفكير في مشروع للصناعات الصغيرة خاصة أن العقبات تأتي من التنفيذيين وليس من الكبار الذين يحملون هموم البلاد مؤكداً أنني سأجد غيابا في عمليات رصف الشوارع وإذا ما تمت يتم إعدادها بطريقة عشوائية ولا توجد مستشفيات أو مطافيا قريبة من المصانع وربما تتكرر مسألة انقطاع المياه مع الإهمال في بيارات الصرف الصحي وغالباً شبكات التليفونات مقطوعة وفي النهاية يسعي التنفيذيون لإقناع الكبار بأن كله تمام!! ** قلت له.. كله يهون طالما مفيش تعقيدات إدارية.. أجابني في الحال بصدمة علي غير المعتاد.. ستجد أمامك مشكلة كمان.. في عدم وضوح تبعية المنطقة الصناعية ما بين هيئة التنمية الصناعية وجهاز المدينة كمان!! ** اقترحت عليه لحل المشكلة الروتينية بمنح رخصة تشغيل مؤقتة بحيث يتم مراجعتها بصفة دورية للتحقيق من صحة موقف المصنع وإنشاء مكتب تابع لجهة واحدة بالمنطقة الصناعية ومنح المستثمر الجاد تسهيلات ملائمة تتناسب مع جهده لزيادة مواردنا من النقد الأجنبي الوافد للبلاد. * قال لي.. طيب وتعمل إيه في التعقيد الإداري الخاص بنقل الملكية وتحمل رسوم استخراج الرخصة.. أوضحت له أنه يمكن اعتماد واحترام العقود التي تم بموجبها انتقال ملكية الأرض.. وربنا يهون علينا فساد بعض التنفيذيين وشبكتهم المعروفة للخروج بالبلاد إلي بر الأمان لأنهم الأساس في تراجعنا من زمان!! ** سألته.. ولو تعثرت.. هل يمكنني الاقتراب من قروض البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.. وقبل أن استيقظ من الكابوس والحلم القاسي أجابني بدون تحفظ.. عليك أن تحترس من قرصتهم.. لأنهم سيوجهونك لمشاريعهم وشركاتهم ومصانعهم وسيحاولون إخضاعك لسيطرتهم.. نظراً لأن الديون هم بالليل ومذلة بالنهار!!