على طريقة «ودنك منين يا جحا» تتعامل الحكومة مع أزمة توصيل الغاز للمناطق الصناعية رغم أن دعمها لتوصيل الغاز للمصانع سيوفر عليها ملايين الجنيهات التى تدفعها سنويًا لدعم السولار والمازوت الذى تعتمد عليه هذه المصانع حتى الآن. المستثمرون من جانبهم يرفضون تحميلهم تكاليف توصيل الشبكات الخارجية للغاز ويطالبون حكومة الثورة بالتخلص من بيروقراطية النظام السابق، مؤكدين أن استمرار هذه الممارسات المعوقة للاستثمار سيزيد الأزمة تعقيدًا، ويهدد بوقف الأنشطة الصناعية فى مجالات حيوية كالصناعات الغذائية والنسيجية.. فالمحلة الكبرى وحدها يعمل بها نحو 80 ألف عامل فى 62 مصبغة.. كما يعانى من نفس المشكلة أكثر من 1000 مصنع فى منطقة برج العرب بالإسكندرية.. «أكتوبر» ناقشت المشكلة مع أطرافها الأساسيين فى سياق التحقيق التالى.. يقول السيد سلامة أحد صغار المستثمرين إن الشفافية معدومة بين الحكومة والمستثمر حيث أعلنت حكومة ما بعد الثورة اعطاء الأولوية لدعم المشروعات الصناعية. إلا أن تكاليف المرافق العامة ما زالت موجودة ومرتفعة سواء فى الكهرباء أو الغاز وفى تحديد مواعيد تسلم الموافقات من الجهات الرقابية، فضلاً عن عدم الاعتراف بقرارات فروع الجهات الحكومية المختلفة والرجوع إلى القاهرة فى كل صغيرة وكبيرة وهو ما يؤكد استمرار المركزية فى اتخاذ القرارات التى تتغنى الحكومة بالقضاء عليها بعد ثورة 25 يناير. وانتقد فتحى مرسى رئيس جمعية مستثمرى البحيرة إجراءات اتخاذ القرارات وتنفيذ خطاب الضمان للمشروعات الصناعية بالإضافة إلى تحصيل الرسوم المبالغ فيها دون سند قانونى أو شرعى. لافتا إلى أن إصدار التراخيص الصناعية أمر أصبح غاية فى الصعوبة، كما أن المصانع الصغيرة التى يعمل معظمها فى الصناعات النسيجية والغذائية باتت مهددة جميعها بالتوقف والغلق بسبب المشكلات التى تواجهها سواء من شركات الكهرباء أوالتى تواجهها من مخطط توصيل الغاز و الصرف الصحى أو الهيئة العامة للتنمية الصناعية. المرافق العامة/U/ من جانبه يشير ممدوح محمد محمود رئيس شركة أسمنت قنا إلى أن الأوضاع الاقتصاديه الحالية لا تسمح بتحميل اى صاحب عمل أو مصنع أى أعباء للمرافق العامة خاصة فى ظل الوعود الحكومية الأخيرة بدعم الصناعة الوطنية. وطالب محمود بضرورة أن يكون هناك تنسيق بين القائمين على اتخاذ القرارات أو الرجوع فيها الى أهل الخبرة حتى لا يحدث تذبذب فى الحياه العامة ويترك خلفه آثارًا سلبية تضر بالصالح العام. وقال د. حسين جمعة رئيس الجمعية المصرية للحفاظ على الثروة العقارية: إن تحميل أى أعباء فى المرافق العامة سواء فى الغاز أو الطاقة على المصانع خاصة العاملة فى مجال البناء والتشييد فى الفترة الحالية التى تعانى منها البلاد من الركود سوف تؤدى الى أضرار كثيرة منها على سبيل المثال طرد العمالة ورفع الأسعار على المستهلك ونحن لا نسعى الى ذلك خلال الفترة القادمة. وقال المهندس محمد السيد رئيس لجنة الطاقة باتحاد المستثمرين: إن هناك دراسة أعدتها اللجنة لوضع حلول لتمويل توصيل شبكات الغاز الطبيعى إلى المصانع بالتعاون مع البنك الأهلى المصرى الذى أبدى استعداده لتمويل المشروع على أن يتم تحديد الجهة التى ستكون مسئولة عن الاقتراض وسداد أقساط القرض. الدعم الحكومى/U/ وقال محمد المرشدى رئيس جمعية مستثمرى العبور: إن مشكلة الغاز تتمثل فى أن الدولة أعطت لشركات البترول حق الامتياز فى تحديد المناطق الصناعية التى تعمل بالغاز الطبيعى، موضحا انه من المفروض أن تقوم الحكومة بتسليم الأراضى للمستثمرين بها كافة المرافق كما هو معمول به فى العديد من دول العالم. وطالب المرشدى بضرورة إعفاء المصانع من دفع تكاليف توصيل شبكات الغاز الخارجية فى المناطق الصناعية وتوصيل الغاز الى مداخل المصانع مشيرا الى أن التشغيل بالغاز الطبيعى يوفر على الدولة الدعم المقرر. وأضاف أنه فى حالة إدخال الغاز الطبيعى لتلك المصانع بدلا من المازوت والسولار سوف يوفر فى تكلفة الاستهلاك. بينما يؤكد محمد النبراوى صاحب مصبغة أن المصابغ الموجودة بالمنطقة الصناعية بالمحلة الكبرى تستهلك كميات كبيرة من السولار المدعم بما قيمته حوالى 20 مليون جنيه. وانه فى حالة توصيل الغاز الطبيعى لهذه المصابغ سيتم توفير هذا الدعم المادى الكبير الذى تتحمله الدولة كل ستة شهور. وطالب النبراوى بتقديم تسهيلات من جانب الدولة لتوصيل الغاز للمصابغ بنظام الأقساط طويلة الأجل لمساعدة أصحاب المصابغ على تحمل تكاليف توصيل الغاز الطبيعى الباهظة والعمل على إنهاء هذه المشكلة بشكل نهائى. ومن جهة أخرى، قال سيف الإسلام عبد الفتاح رئيس الشركة المصرية تاون جاس إن المصانع سوف توفر 800 ألف جنيه سنوياً قيمة توصيل الغاز إليها خلال عام، فرق السعر بين الغاز الطبيعى والسولار والمازوت، ستحصل على المليون وحدة حرارية من الغاز ب 2.15 دولار، مقارنة بارتفاع أسعار المازوت والسولار، لافتاً إلى أن مصاريف التركيب شاملة كافة الخامات من الشبكات الخارجية والتركيبات ومحطات الغاز والعدادات.وذلك فى إطار خطة وزارة البترول لتوصيل الغاز الطبيعى للمنشآت الصناعية، وخاصة قمائن الطوب، تستهدف من خلالها خفض نسبة الانبعاثات، بالإضافة إلى الحد من استيراد السولار والمازوت والبوتاجاز لتخفيف الأعباء المالية على خزانة الدولة. وقال د. صلاح الدين الدسوقى - مدير المركز المصرى للدراسات التنموية - إن الحاصل فى هذه الآونة ما هو إلا وسيلة تعويضية تلجأ إليها الدولة لتعويض الخسائر التى تتعرض لها قطاعات عامة بسبب الإدارات الفاشلة المتعاقبة، ومن ثم لا يجدون غير زيادة الأسعار لتكون أنسب الحلول وهم على قناعة بأن المستثمروالمستهلك لن يتخلى عنهم، لسبب بسيط وهو أن هذه الخدمات تحتكرها الدولة، ولا ينافسها أحد فى ذلك. ويشدد د. الدسوقى على أن قراءة الواقع تدلل على أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، بل المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة ارتفاع أسعار بعض الخدمات الأخرى، باعتبار أنها البديل الأنسب لقطاعات عريضة من المستهلكين. مناخ الأعمال/U/ وأكد الدكتور محمود عيسى وزير الصناعة والتجارة الخارجية أن سياسة الوزارة حاليا تقوم على مشاركة حقيقية بين الوزارة ومجتمع الأعمال وذلك للوصول الى قرارات تحقق الصالح العام مع الحفاظ على حقوق ومصالح المنتجين والتجار. وأضاف: أن الحكومة حريصة على تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لقطاع الصناعة وتشجيع المنتجين على زيادة العمل والإنتاج، مشيراً إلى انه سيتم تقديم تيسيرات تستهدف فى المقام الأول تحسين مناخ الأعمال وضخ المزيد من الاستثمارات فى السوق المصرى بما يضمن زيادة معدلات الإنتاج والنمو إلى جانب توفير المزيد من فرص العمل. وقال الوزير إن الاحتجاجات والاحتقانات التى تشهدها بعض المصانع والمؤسسات الانتاجية أدت الى توقف الإنتاج وإغلاق نسبة كبيرة من مصانع الغزل والنسيج التى تعد من أهم الصناعات المعول عليها القيام بدور كبير فىالنهوض بالصناعة المصرية. وأشار الوزير إلى تأثير انعدام الاستقرار وتردى الأوضاع الأمنية فلا استثمار بدون استقرار. كما انه لا توجد تنمية بدون تسهيل القرارات الحكومية أمام المشروعات الصناعية وإزالة كافة المعوقات أمامها ويتمنى أن تشهد الصناعة المصرية تطورا حقيقيا فى عهد حكومة الثورة.