فتحت قضية الفنان أحمد عز والفنانة زينة ملف قضايا إثبات النسب المتداولة في المحاكم منذ سنوات والتي وصلت ل 20 ألف قضية حالياً لم يتم الفصل فيها مما أدي لتفاقم المشكلة وتسبب في تشريد 35 ألف طفل لا حول لهم ولا قوة ومنعهم من الالتحاق بالمدارس لعدم وجود شهادات ميلاد. الخبراء والباحثون أكدوا ان انتشار قضايا إثبات النسب يرجع الي الزواج العرفي المنتشر في كل الأوساط وليس في الجامعات فقط وذلك في ظل ارتفاع نسبة العنوسة والثورة التكنولوجية وغياب دورالأسرة التي دفعت الشباب والفتيات لاقامة علاقة غير شرعية. في البداية تروي "س. م" مأساتها قائلة إنها جاءت لمحكمة الأسرة ومعها طفلتها ووالدتها بسبب المحنة التي تمر بها حالياً بعد ان وافقت منذ البداية علي الزواج عرفياً من أحد رجال الأعمال وكان متزوجاً ولديه أبناء وطلب منها ان يكون الزواج عرفياً حتي لا تعلم زوجته ويحدث له مشاكل نتيجة ذلك وعاشت معه لمدة عام وعندما علم أنها حامل قام بسرقة ورقة الزواج العرفي من غرفة نومها وهرب وعندما أنجبت طفلتها وذهبت له أنكر نسب الطفلة ولم تستطع عمل شهادة ميلاد لها أو إعطاءها التطعيمات اللازمة لها بالاضافة الي عدم قدرتها علي تحمل نفقات الطفلة وتتمني ألا تستغرق القضية وقتاً طويل بالمحكمة حتي لا يضيع حق الطفلة في نسبها لأبيها. وتضيف "بسمة" إبراهيم" طالبة جامعية ان إحدي زميلاتها بالجامعة تزوجت من أحد أصدقائها عرفياً واتفقوا علي عدم الانجاب وأخذ الاحتياط ولكنها حملت وعلمت والدتها واتجهت لأهل الشاب وعرضت عليهم المشكلة والمحنة التي تمر ابنتها بها ولكنهم شجعوا ابنهم علي انكار جريمته وانجبت صديقتها ابن مجهول النسب يرفض والده الاعتراف به. ويوضح صفوت مندور "محام" متخصص في قضايا الأحوال الشخصية واثبات النسب وجود مئات الالاف من القضايا المماثلة تنظرها المحاكم حالياً لاثبات نسب أطفال لا ذنب لهم في المأزق الذي وضعهم فيه آباؤهم الذين تنكروا لاثباتهم. يضيف ان السبب الرئيسي وراء تأخير نظر القضايا يعود الي طلب القضاة إجراء تحاليل الحامض النووي DNA الذي يعطي نتيجة صحيحة بنسبة كبيرة جداً وأصبح يعتمد عليه بصورة كبيرة لاثبات النسب في تلك القضايا. وتوضح الدكتورة سامية الجندي أستاذ علم النفس والاجتماع ان قضايا اثبات النسب تزايدت بصورة لم يسبق لها مثيل وانعدام الشهامة والرجولة بعد ممارسة علاقات غير سليمة ينتج عنها أطفال أبرياء مجهولو النسب. تشير الي ان العوامل التي أدت لزيادة عدد قضايا مجهول النسب ترجع إلي تأخر سن الزواج. ارتفاع نسبة العنوسة عند البنات بجانب زيادتها وانتشار المواقع الاباحية بالوسائل التكنولوجية المختلفة بالاضافة الي ارتفاع معدلات الطلاق في السنة الأولي للزواج والذي ينتج عنه جيل من المراهقات الصغار بالاضافة الي انعدام الحوار داخل الأسر والصمت الزواجي وانخفاض مستويات التعليم وزيادة البطالة وانحراف سلوكيات الشباب مما يؤدي في النهاية لتوافر الأرض الخصبة للعلاقات الجنسية غير الشرعية وينتج عن ذلك أطفال يلازمهم لقب "ابن حرام" في كل مكان ويؤثر علي سلوكياتهم وينحرفون ويتجهون للأفعال العدوانية وهو ما شاهدناه في استغلال الأطفال مجهولي النسب وأطفال الملاجيء كدروع بشرية في المظاهرات والمشاجرات وأعمال العنف التي شاهدناها مؤخراً. وتؤكد الدكتورة "نادية رضوان" أستاذ علم الاجتماع ان قضايا إثبات النسب في المحاكم تخطت عشرات الالاف ففي عام 2005 عندما تفجرت دعوي اثبات نسب "هند الحناوي" ضد أحمد الفيشاوي والتي انتهت باثبات نسب الطفلة له كان وقتها عدد القضايا إثبات النسب 14 ألف قضية وصلت حالياً ل 20 ألف نتيجة زيادة الزواج العرفي ونقص الامكانيات وزيادة البطالة بالاضافة الي قدوم السوريات الي مصر والزواج العرفي منهن لتتفاقم المشكلة أكثر وأكثر وينتج أبناء مجهولو النسب يدفعون الثمن فيمابعد.. وتتردد أمهاتهم علي المحاكم لاثبات نسبهم للشخص الذي تدعي أنه والدهم. وعن الأثر النفسي والاجتماعي لهذه القضايا علي الأطفال نقول ان إثبات النسب علي الطفل يكون مدمراً في أغلب الأحيان ويفرز طفلا غير سوي نفسياً لأن هذه المشكلة تعتبر "عار" وتؤدي إلي الشعور بالدونية والعقد النفسية نتيجة عدم اعتراف المجتمع به. توضح أنه في حالة صدور حكم باثبات النسب يظل الطفل يشعر بالخزي وتلاحقه القضية طوال عمره مما يؤثر عليه في كل مراحل حياته. وتوضح الدكتورة إنشاد عزالدين أستاذ علم الاجتماع بآداب المنوفية ان قضايا إثبات النسب هي نتاج طبيعي لانتشار الزواج العرفي والذي يضيع حق كل من الزوجة والطفل ويحتاج إثبات النسب الي مشوار طويل من التقاضي لحين إثبات صحة الزواج.. فنتيجة للانحلال الأخلاقي وأساليب التنشئة الخاطئة ونقص الامكانيات مع ارتفاع تكاليف الزواج الرسمي والطلبات الباهظة التي يطلبها الآباء من المتقدم للزواج من ابنتهم أدي ذلك الي عزوف العديد من الشباب عن الاقدام علي الزواج الرسمي واللجوء للعرفي من الفتيات لأنه رخيص التكاليف ولا ينتج عنه مسئولية ويشبع رغباته الجنسية بأقل التكاليف ويترك الضحية ويهرب وعند مطالبته بنسب الطفل الناتج عن هذه العلاقة غير السوية يرفض وينكر اثبات نسبه كما ان زواج القاصرات يلجأ اليه بعض الفقراء لتزويج بناتهم من العرب مقابل مبلغ مادي كبير لبضعة أسابيع أو شهور ويتركها ويسافر وينتج عنه أبناء مجهولو النسب وتتردد الزوجة علي محاكم الأسرة لاثبات نسب الطفل لأبيه وتظل القضايا في المحاكم سنوات لهروب الأب وتنصح عزالدين بالابتعاد عن أي وسيلة غير رسمية للزواج وان تتم التوعية عبر الأسرة والآباء ووسائل الاعلام لخطورة الزواج العرفي والعلاقات غيرالشرعية حتي لا يدفع الثمن أبناء ليس لهم ذنب في ان يعيشوا طوال حياتهم مجهولي النسب ويلازمهم العار عندما تسألهم عن أسمائهم بالكامل لا يعرفون الاجابة ويحرمون من الالتحاق بالمدارس لعدم وجود شهادات ميلاد فهذه مسألة ينبغي التوعية بها حتي لا يزيد أعداد ضحايا العلاقات غير الشرعية. وتوضح الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الاسلامية بجامعة الأزهر ان الاسلام تضمن ضوابط لحماية طفل الزنا أو الطفل الذي ينكر نسبه ولا تتعارض القاعدة الفقهية للفصل في قضايا النسب مع التطور العلمي لقوله تعالي "كل يوم هو في شأن" بالاضافة لقول الرسول صلي الله عليه وسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر" وكان ذلك قبل 1400 سنة وأضافت ان الرسول عليه الصلاة والسلام اعتمد أساليب أخري لاثبات النسب منها ما يعرف ب "القيافة" ويقوم القائف في عهد الجاهلية بالمقارنة بين أعضاء جسم الطفل والزوج الذي تدعي المرزة انه والد الطفل لاثبات قولها وأصبح لدينا الآن علمية دقيقة بنسبة ما يزيد علي 98% الا وهي تحليل DNA حتي لا يضيع طفل نتيجة الغدر والخيانة ويصبح لقيطاً أو طفل شوارع وعلي الأسرة الاهتمام بتربية أبنائهم والتفرغ لهم وعدم الانشغال بأمور الدنيا حتي لا يرتكبوا الأفعال الخاطئة وتضيع حقوقهم. ويؤكد الدكتور محمد النجار عضو مجمع البحوث الاسلامية وجود ممارسات غير شرعية لا تمت للدين بصلة ينتج عنها أبناء مجهولو النسب ومن أجلهم تذوق الأم الأمرين وتتردد علي المحامين والمحاكم لاثبات نسب أبنائها. ويطالب النجار بتدريس الدروس الدينية لأطفالنا لبث الروح الأخلاقية بنفوسهم ولينشئوا بطريقة صحيحة غير منحلة بالاضافة الي تفرغ الأباء لتربية أبنائهم وعدم الانشغال بجمع المال فقط حتي لا يقع أبناؤهم فريسة للزواج العرفي تحت دافع الحب لاشباع رغباتهم الجنسية ويعرفوا معني بناء الأسرة وتحمل المسئولية بمعناها الصحيح حتي لا تضيع القيم الأخلاقية وينهار المجتمع. ويوضح ان أساس الزواج هو الاشهار وليس الخفاء الذي ينتج عنه أبناء معدومو النسب تقوم الأم إما بالقائهم أمام أبواب المساجد أو الملاجيء أو تتردد علي المحاكم لاثبات نسبهم وتكون النتيجة الفضيحة والتشهير لكل منهم.