زرت معرضا للفنون التشكيلية بأحد الفنادق الكبري بالجيزة شارك فيه نحو أربعين رساما ونحاتا ولم يأخذ حقه من الدعاية وخذلني قلة عدد الزائرين ربما لأن المعرض في فندق كبير ويخشي العامة والبسطاء دخوله وكان يجب إقامته في إحدي القاعات العامة حتي تتاح الفرصة لأكبر عدد من الزائرين. عموما المعرض ضم لوحات فنية تنتمي ولمدارس مختلفة ولا أدعي أنني أفهم في الفن التجريدي أو المدرسة الوحشية أو التأثيرية أو التنقيطية ولا أفهم في الكتلة والفراغ لكنني أعجب بلوحات المدرسة الكلاسيكية القديمة التي تعبر عن الواقع وهي أشبه بالصورة الفوتوغرافية لكنها مرسومة مع اختيار زوايا أفضل من الصورة ويضاف إليها أشياء غير موجودة في الواقع. وبرغم أن لوحات الفنان إبراهيم الطنبولي شدتني بتنوع أشكالها التي تجمع أكثر من مدرسة فنية اختلطت كلها بشخصيته هو وألوانه. لكنني وقفت طويلا أمام لوحات الفنان السكندري خالد هنو الذي عاد بفنه إلي المدرسة الكلاسيكية القديمة وهو تصوير المكان بريشته إلي جانب البورتريهات الشخصية أو من الخيال. بهرتني لوحات خالد هنو الكثيرة وأذكر منها لوحات كوبري ستانلي وهي 133سم عرض * 90سم ارتفاع وتكاد تنطق وكأنني أقف علي الكوبري وأري السيارات المختلفة والحنطور والناس يسيرون علي الكوبري تحت الأمطار نهارا والإضاءة تنبعث من الأعمدة التي أبدع في صنعها وتركيبها الفنان محمد غرياني عضو مجلس الشوري السابق وهو المتميز والمتخصص في فنون أعمدة الكهرباء وهو الذي أضاء ميداني التحرير وباب الحديد "رمسيس" وشارع مجلس الشعب وحدائق مجلسي الشعب والشوري. ولأنه اسكندراني عاشق للإسكندرية وعاشق لشتاء الإسكندرية الذي تلمع بعد هطوله الشوارع فإنه أبدع في رسم لوحة بعنوان محطة الرمل في الشتاء ويقف الترام والركاب وتمر السيارات وتهطل الأمطار وكأنها صورة فوتوغرافية بديعة الألوان. وقريبا منها لوحة أخري بعنوان "محطة مصر في الشتاء" ومحطة مصر في الإسكندرية هي آخر محطة لقطار السكة الحديد واللوحة تبين الترام والمارة وبعض الباعة وكلهم يسيرون تحت الأمطار. وقفت طويلا أمام لوحة "منظر من رشيد" لبعض بيوت الفلاحين والعشش الفقيرة من إحدي قري رشيد بالبحيرة تكاد تنطق وتتكلم. هناك أيضا لوحات عازف التشيللو وبورتريه لفتاة وبورتريه لفلاح. أجمل لوحات المعرض بلا شك لوحة "مجموعة من الريفيات يغسلن" وهي عبارة عن ترعة بها مياه راكدة يجلس علي شطها بعض الريفيات يغسلن الملابس والأواني.. ومن بعيد تأتي فلاحة تحمل حلة علي رأسها.. وفي مقدمة الصورة جاموسة تأكل علي شط الترعة.. وأعجبتني كذلك لوحة "حارة خوش قدم" وهي حارة حوش آدم التي يسكن فيها أحمد فؤاد نجم وعبر عنها خالد هنو بحائط لمبني يسير إلي جوارن رجل عجوز يتوكأ علي عصا.. ولوحة راعي الغنم وغيرها. الحقيقة أن الفنان خالد هنو بهرني برسومه ولوحاته التعبيرية الكلاسيكية التي تمثل الطبيعة وتجعلك تقف أمام اللوحة طويلا تتأمل الفن والجمال وتوزيع الألوان والإضاءة ويكاد من أن اللوحة أن يحدثك ويتكلم معك!! إنها لوحة تستحق الاقتناء ويستحق مبدعها خالد هنو التقدير والتحية والتشجيع!