منذ 85 عاما أنشأت كلية العلوم جامعة الإسكندرية وتحديدا في عام 1928 مختبرا علميا علي ساحل البحر الاحمر لجمع العينات واجراء الابحاث العلمية البحرية وأطلق عليها محطة الاحياء البحرية بالغردقة وتم اختيار موقعه بواسطة فريق من هيئة التدريس بعد أن أقلع علي متن المركبين "قولة وسفاريا" بإمتداد الساحل المصري للبحر الاحمر وتبين أن الطرف الجانبي لخليج السويس وبالتحديد عند مدينة الغردقة هو أنسب المواقع لبعده نسبيا عن الانشطة البشرية الكثيفة وقتها وكذلك لمواجهته للعديد من الجزر ذات البيئات البيلوجية المتنوعة. في عام 1930 أهدي معهد الملك فؤاد بالإسكندرية مكتبته وتجهيزاته المعملية للمحطة وفي عام 1945 أصبحت المحطة معهدا مستقلا بذاته يحمل اسم المعهد الملكي لعلوم البحار بجامعة فؤاد الأول ولمدة 40 عاما تولي إدارته العالم الكبير دكتور حامد جوهر والذي حوله لصرح بحثي وعلمي علي مستوي الشرق الأوسط وفي عام 1954 أعيدت المحطة إلي تبعية كلية العلوم بجامعة الإسكندرية ثم انفصلت مرة أخري عام 1963 لتصبح جزءا من المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد التابع لرئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا كمحطة بحثية تابعة لفرع السويس وظل كذلك حتي عام 1990 حيث أصبحت المحطة فرعا مستقلا بذاته تحت اسم المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد فرع البحر الاحمر والذي يضم حاليا 11 استاذا واستاذاً مساعداً و16 معيدا و55 باحثا. تفتح "الجمهورية" ملف دور معهد علوم البحار بالغردقة وأهم الأبحاث وكيفية استغلالها والمعوقات التي تواجهه وما يجب أن تقدمه له الدولة من دعم من خلال حوار شامل مع دكتور محمد عبدالوهاب.. مدير المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالغردقة.. سألناه.. عن أهم ما يحتويه المعهد قال إنه يضم 7 مختبرات عند رأس الجسر الممتد إلي البحر علي بعد 200 متر من الشاطئ مزودة بالماء العذب والتجهيزات العلمية اللازمة للعمل البحثي وتبلغ مساحتها حوالي 200 متر مربع كما توجد أربعة أحواض خرسانية مفتوحة علي البحر مباشرة تسمح بابقاء عدد من الحيوانات حية من أجل اجراء التجارب وتشغيل المختبرات بالإضافة إلي المكتبة ومساحتها 180 متراً وتعد واحدة من أكبر المكتبات المتخصصة بما تحوية من مجلدات وكتب ومجلات ونشرات وتقارير الرحلات الاقيانو غرافيه عن البحر الاحمر والمنطقة الهندباسيفيكية. وتستقبل 25 من المجلات الدورية المتخصصة في علوم البحار وتتبادل المنشورات مع ما يقرب من 350 معهدا وجامعة في العالم. وتضم أكبر واعرق الكتب وهو كتابين "وصف مصر". يوجد بها معرض الاكواريوم وبه 26 حوضا زجاجيا متنوعة الاحجام في شكل دائري بها عينات متنوعة من أسماك البحر الاحمر والتي تضم مجموعات من الشعاب المرجانية والقوابع وبعض الاسماك الغريبة وتحنيط للكائنات البحرية النادرة ومنها عروس البحر والسلاحف.. التي تتميز بها بيئة البحر الاحمر. كما يضم مجموعة من العينات البيلوجية والجيولوجية من البحر الاحمر والمحيط الهندي والتي جمعت بواسطة الباخرة "مباحث" وتلك العينات محفوظة بالمتحف وتستخدم كمرجعية للمنطقة وهي ثروة علمية للعلماء والطلاب والدارسين. بسؤاله عن دور المعهد والانشطة التي يقوم بها في المنطقة؟ أكد دكتور محمد عبد الوهاب أن المعهد يقوم بإعداد ابحاث ودراسات عن الكيمياء البحرية والفيزياء البحرية والجولوجية البحرية والاستزراع السمكي والنباتات البحرية وتغذية الاسماك ودراسة ديناميكا الشواطئ وتقييم التلوث البحري. ويعمل علي المساهمة في تقديم حلول للمشكلات البيئية البحرية وإعداد تقارير التقييم البيئي للمشروعات السياحية علي ساحل البحر الاحمر وفض المنازعات في المشاكل التي تمس البيئة البحرية بين جهاز شئون البيئة واصحاب المنشآت السياحية حيث يعتبر المعهد جهة استشارية أساسية في القضايا والنزاعات الدولية الخاصة بالبيئة البحرية بالبحر الاحمر. حول مجالات التعاون والشراكة مع باقي المؤسسات العلمية بداخل وخارج مصر كنوع من تبادل الخبرات العلمية؟ أكد مدير المعهد إن هناك تعاوناً بين المعهد والجامعات العربية في تقييم الأعمال البحثية بكليات علوم البحار بها وتدريب الكوادر الفنية علي أعمال التحنيط والتلوين وحفظ العينات البحرية المختلفة ويقوم المعهد بتنظيم دورات بحثة لعدد من الدول العربية وللمعهد خطط استراتيجية بحثية تمتد علي طول البحر الاحمر. وهناك تعاون بين المعهد وجميع الجامعات البحرية وتبادل وتعاون بالمعاهد البحرية بالدول العربية وعدد من الدول الأوروبية. عن دور المعهد في خدمة المجتمع المحلي بالمحافظة؟ قال دكتور عبد الوهاب.. إنه بالتعاون مع مركز النيل "مجمع الإعلام" بالبحر الاحمر يتم عقد ندوات ومحاضرات توعية لطلاب المدارس ويتم اصطحابهم في مراكب بحثية لتطبيق ما تم إلقاؤه عليهم بشكل عملي ويتم مخاطبتنا من مجالس المدن لاستشارتنا في أمور ومشكلات فنية تخص البيئة. كما أن هناك تعاوناً مع هيئة الثروة السمكية والمحميات الطبيعية والبيئة حيث تم عمل مشروع لتقييم المخزون السمكي وتوصية بمواسم الصيدوكيفية التعامل مع الصيد بالجر والشانشيلا. عن احدث الابحاث التي أجريت في المعهد في العام الأخير؟ قال المعهد يشهد خروج ثلاثة ابحاث سنويا وكان آخرها بحث عن استخلاص مركبات من بعض الكائنات البحرية والطحالب والشعاب المرجانية لاستخداها كأدوية لأمراض السرطانات بأنواعها.. مشيرا إلي أن نتائج هذه الابحاث يتم اختبارها علي فئران التجارب للتأكد من مدي فعاليتها وتقييم نسبة الشفاء ثم تطبق علي عينات من المرضي المتطوعين ليتم إعلان نتائج الابحاث رسمي.. ولكن للأسف معظم هذه النتائج التي يصل إليها الباحثين حبيسة أدراج المسئولين ولا تخرج للنور. عن أهم المعوقات التي تواجه المعهد إدارة وباحثين وتتسبب في تراجع دوره العلمي؟ أكد دكتور محمد عبد الوهاب مدير معهد علوم البحار بالغردقة إنه كما سبق وذكرت ليس هناك اهتمام باخراج ما يقدمه الباحثون من نتائج ابحاثهم العلمية للنور والتي الكثير منها غذا تم تطبيقه سيحقق طفرة كبري في مجال البحث العلمي في مصر وسنعتمد علي أنفسنا في إنتاج الأدوية وحل مشكلاتنا البيئية وغيرها. علي سبيل المثال إذا قلنا إن أحد الباحثين توصل لدواء لعلاج أحد الأمراض المستعصية.. بشكل لايترك أثار جانبية مثل العلاج بالاشعاع والكيماوي.. لا يجد شركة تتكفل بنفقات إنتاج هذا الدواء وبالتالي إمكاناته الشخصية لا تسمح فلابد من تبني إحدي شركات الأدوية لنتائج بحثية وإنتاج هذا الدواء.. أو أن يقدم له دعم من الدولة وفي جميع الحالات لا يحدث ذلك. ويضيف مدير المعهد قائلا.. إنه بجانب ذلك نجد هناك عقبات أخري خاصة في استخراج التصاريح والموافقات الأمنية لخروج المراكب البحثية لعمل ما تريده من عمليات بحث داخل المياه الاقليمية والتي اصبحت بعد ثورة 25 يناير في غاية الصعوبة وكذلك السماح ببناء توسعات ومعامل بالمعهد ولكن جاري التنسيق مع المحافظة ومجلس المدينة وعمليات القوات المسلحة للحصول علي الموافقات. لذا نطالب بالاهتمام بما يقدمه المعهد من أبحاث علمية وتقديم الدعم المالي ليتم تطبيقها وتصبح واقعاً ملموساً.. وان تكون هناك جرأة من الشركات وتتبني مثل هذه التجارب والأبحاث وتخرجها للنور.. وان تكون هناك تسهيلات والبعد عن الروتين في عمليات استخراج تصاريح الخروج لعمل ابحاث في مراكب بحثية بالبحر.