الدكتور مصطفي أبوزيد رئيس مصلحة الميكانيكا والكهرباء مسئول عن تشغيل 1500 محطة طلمبات ري وصرف وتوفير الاحتياجات المائية للبلاد من زراعة وصناعة وشرب وملاحة نهرية.. الحوار معه ذو مذاق خاص فهو ابن المصلحة رغم انه باحث في المقام الأول إلا أنه يعشق عمله منذ أن انتقل إليها عام 2006 وتدرج في وظائفها إلي أن تولي مسئوليتها منذ عام 2012. رغم انه يمتد بصلة قرابة للوزير العالم محمود أبوزيد وزير الري الأسبق إلا أنه لم يتمتع بأية ميزة أثناء الوزارة لمدة 12 عاما.. "أبوزيد الثاني" إذا جاز لنا التعبير.. فتح خزائن أسرار المصلحة والمعوقات التي تواجهه في عمله في حواره مع "الجمهورية" مؤكدا ان مصر 25 يناير و30 يونيه تحتاج إلي جرأة. وحسم أكثر في اتخاذ القرار ورؤية من قبل المسئولين لمستقبل الشعب العظيم الذي قام بثورتين إن "صح الكلام".. أبوزيد يصرخ مطالبا بضرورة حل مشكلة 15 محطة ري وصرف متوقفة عن العمل منذ سنوات طويلة. ولم يحسم أمرها رغم الاستثمارات التي أنفقتها الدولة بسبب خلاف أو تقاعس أو قصور في اتخاذ القرار.. هو لا يدري. ولكنه يترك التقدير للقراء.. يطالب أيضا التنظيم والإدارة بتوفير درجات وظيفية لمواجهة عمليات الإحلال والتجديد التي تقوم بها المصلحة للمحطات التي يتزايد عددها نتيجة تزايد المشروعات التنموية. وتوقف الدولة لسنوات طويلة عن التعيين وتزايد عدد المحالين علي المعاش دون أن يكون لهم "بديل مدرب ومؤهل وذوو خبرة" وحماية للمحطات من التعديات من قبل الخارجين عن القانون. ورغم ذلك لم يستجب جهاز التنظيم والإدارة. ووزارة المالية لطلباته المتكررة. وبالتالي كما أشار الدكتور مصطفي فإن المحطات مهددة بالتوقف عن العمل أو التعرض للسرقات ناهيك عن تهديد الاستثمارات التي أنفقتها الدولة عليها.. وإلي تفاصيل الحوار دون رتوش: * يقال إنك بدأت في تصفية كوادر الإخوان المسلمين من أبناء المصلحة بعد ثورة 30 يونيه.. ما تعليقك؟ بهدوء شديد يجيب أبوزيد قائلا: رغم أن البداية في الحوار صعبة ومع ذلك أؤكد لك ان معيار الاختيار للوظائف القيادية أو أية حركة ترقيات أو تنقلات تتم وفقا لمعيار الكفاءة والقدرة علي العطاء بالإضافة إلي الخبرات المتراكمة في الأماكن التي ينقل إليها المهندس أو الفني أو العامل وأيضا الإداري خاصة أن هناك بعض المحطات تحتاج إلي خبرات معينة سواء القديمة أما الجديدة فإنها تحتاج إلي مهندسين ذوي مهارات خاصة ومعرفة تكنولوجية ذات طبيعة خاصة وحديثة وحاصلين علي دورات تدريبية متقدمة واذكر لي حالة واحدة فقط وأنا مستعد للتحقيق فيها. * كيف تتعامل مع 1500 محطة ري وصرف لتوفير احتياجات البلاد المائية بمختلف محافظات الجمهورية خاصة أن هناك محطات مازالت تعمل منذ انشائها في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وحتي الآن؟ لدينا برنامج خاص بعمليات الإحلال والتجديد للمحطات بشكل مستمر لا يتوقف لأن المحطة بها مكون لمعدات الميكانيكا وكهرباء وهذا المكون عمره الافتراضي لا يزيد علي 25 عاما بينما المكون المدني "المنشأ" فعمره 50 عاما وتتم عميات الإحلال للمعدات داخل المنشأ نفسه ووفقا لمعيار مدي كفاءتها وحجم استهلاكها للطاقة سواء كهرباء أو ديزل وعندما يصبح تشغيل هذه المعدات غير اقتصادي بمعني انه تصبح قطع الغيار أيضا عالية التكلفة "مرتفعة الثمن" لأنها تصنع هذه القطع للوحدات خصيصا حيث تستغرق عمليات التصنيه ما بين سنة و18 شهرا.. هنا نبدأ عمليات الإحلال والتجديد. وإن كنا في أغلب الأحيان نفضل شراء وحدات طلمبات جديدة لأنها تكون عن طريق مناقصة عامة وهذا يساعد من ناحية أخري مد العمر الافتراضي للوحدات 25 عاما أخري بينما قطع الغيار تتحكم الشركة المنتجة لها في السعر لأنها تصنع خصيصا كما قلنا من قبل. خطة الإحلال للمحطات ديناميكية يضيف قائلا إن برنامج الإحلال والتجديد وضعه مكتب استشاري عالمي بالتعاون مع الخبراء الوطنيين من المصلحة ومن الجامعات المصرية محدد فيه الأولويات ومواقف المحطات علي مستوي الجمهورية وكذلك الحالات الحرجة لبعض المحطات التي تحتاج إلي إحلال وتجديد. ويتميز هذا البرنامج بالديناميكية بمعني المرونة في اتخاذ القرار بالإحلال خاصة في ظل تزايد المساحات الزراعية المضطردة والأنشطة التنموية الأخري. وبالتالي تصبح هناك زيادة في التصرفات المائية المطلوبة ومن ثم تزيد الحاجة إلي محطات جديدة علاوة علي ان المحطات الجديدة التي يتم الإقرار بإنشائها تتميز بالتكنولوجيا الأعلي والأكثر كفاءة وتكون بالمناسبة الأقل تكلفة. علاوة علي ما يتميز به بالقدرة علي المناورة بمعني انه يتجاوب مع زيادة الطلب علي مياه الشرب التي بلغت 10 مليارات م3 سنويا وأيضا مياه الري مثال ذلك محطة الري "دراو بأسوان" لم تكن مدرجة ضمن الأولويات منذ عام 1993. ولكن خلال زيارة الوزير التفقدية الأخيرة لأسوان تقرر طرحها في مناقصة حيث انها تخدم 8 آلاف فدان. حكاية مصرف البطس بالفيوم * لكن كيف تتعامل مع الأعطال المفاجئة التي قد تتعرض لها إحدي المحطات والتي يمكن أن تسبب كارثة وتغرق الأراضي الزراعية والقري مثلما حدث في مصرف البطس بالفيوم؟ هنا يوضح أبوزيد نقطة مهمة.. وهي ان ما حدث بمصرف البطس لم يكن مسئولية المصلحة وإنما خطأ من قبل الأهالي الذين لم يلتزموا بمناوبات الري علاوة علي قيام البعض من الأهالي بغلق مناطق المصرف لإقامة مزارع سمكية مخالفة ومع ذلك تحركت معدات الطوارئ التابعة للوزارة بتكليف من الدكتور محمد عبدالمطلب وزير الري فورا إلي الموقع وبدأت في شفط المياه بالمصرف وإطلاقها ببحيرة قارون وذلك علي مدار 24 ساعة مما أدي سرعة إنهاء المشكلة خاصة مع التزام المحافظة بإزالة التعديات علي المصرف علاوة علي تشغيل محطات الطوارئ.. النقطة الثانية ان الأعطال المفاجئة قد تكون ميكانيكية. وهي يشعر بها العاملون بالمحطة بوقت كاف. وعلية يبدأ في اتخاذ الاحتياطيات المطلوبة لمنع العطل أما الأعطال الكهربائية فهي مفاجئة.. هنا أوضح أن هناك معامل هندسية بكل إدارة مركزية مسئولة بشكل مباشر عن هذه النوعية من الأعطال وتتعامل معها بشكل فوري خاصة وانها قد تكون اهتزازات أو زيادة الجهد الكهربي وغالبا يحدث ذلك في المحطات القديمة وهو ما يشعر به المهندس أو فني المحطة ويتعامل معها علي الفور. أما الجديدة فيمكن عمل الحمايات اللازمة لها أثناء مراحل التركيب وذلك لتوافر التكنولوجيات الحديثة التي تتعامل معها. 24 مليون جنيه للتشخيص المبكر للأعطال ومنع توقف المحطات يؤكد رئيس المصلحة انه تم تحديث معدات المعامل الهندسية بشراء أجهزة حديثة كمرحلة أولي ب 24 مليون جنيه وهي تساعد في تشخيص الأعطال والكشف عنها مبكرا والتعامل معها بمعني أن مهندس المحطة يقيس الاهتزازات للوحدة وتشخيص العطل قبل أن يحدث ويحدد شكل التعامل معه لأن قياس الاهتزازات يحدد موقف كل مكون من مكونات الوحدة وكفاءته.. مثل فكرة رسم القلب للإنسان الذي يتم بناء عليه تحديد إذا كان الإنسان يحتاج إلي دعامة أو تغيير صمام وأين موقعه؟ وبالتالي أصبحنا لا نحتاج إلي مخازن لقطع غيار بالمخازن والتي تحتاج إلي أراض ومساحات بالإضافة إلي التوقع بالعمر الافتراضي لقطعة الغيار وتحديدها بوقت كاف لأن هناك رصداً دورياً للاهتزازات ويتم تسجيله في دفتر عمليات تشغيل المحطة. الصيانة التنبؤية يضيف أبوزيد ان هذا التنبؤ يساعد علي إطالة عمر قطع الغيار لان المعتاد من قبل كان يتم فيه تغيير قطه الغيار داخل الطلمبة مرة واحدة طالما تم فتحها بينما الوضع الجديد أصبح أكثر تحديدا ودقة وهو ما نطلق عليه فيما بينا بالصيانة التنبؤية لأن الأجهزة الحديثة تساعد علي تحليل طاقة وحدة الطلمبات ويتم تسجيلها مما يشكل قاعدة بيانات متكاملة عن كل وحدة داخل المحطة خاصة انه يمكن مراقبة الاهتزازات علي مدار الأسبوع دون الحاجة إلي بقاء المهندس أو الفني بجوار الطلمبة وأيضا تساعد أجهزة القياس الجديدة علي شراء قطع الغيار المناسبة دون الحاجة إلي توفير احتياطي كبير لهذه القطع بالمخازن. الجديد أفضل وأرخص من القديم * تتحدث عن التكنولوجيا الجديدة وأن الأفضل شراء طلمبات جديدة بدلا من القديمة ما هو موقف أبناء المصلحة من ذلك؟ هنا يشير الدكتور أبوزيد إلي أنه تم تدريب أكثر من 60 مهندسا للتعامل مع أجهزة الصيانة التنبؤية علي مستوي المصلحة من الوجهين القبلي والبحري وكذلك عدد كبير من الفنيين للتعامل مع هذه التقنيات التي تحدد عناصر أقوي والضعف في مكونات هذه الوحدات لافتا إلي تم تخصيص 12 مليون جنيه من ميزانية المصلحة لشراء أجهزة إضافية كما يتم تنظيم دورات تدريبية لإعادة تأهيل الكوادر البشرية علي التعامل مع التقنيات الجديدة في مجال إدارة وتشغيل المحطات مع الحرص أن تكون من مختلف المحافظات حتي يحدث تواصل بين المهندسين بمختلف المحافظات ويتبادلوا الخبرات والمعلومات وأيضا الاحتياجات في حالة حدوث أية طوارئ أو مشكلة بمحافظة ما. محطات إضافية لمواجهة زيادة الأراضي الزراعية يوضح رئيس المصلحة نقطة مهمة قائلا: أحيانا نلجأ إلي إنشاء محطات إضافية ملحقة بالمحطات القديمة نتيجة التوسع في الزمامات مثلما حدث بإنشاء محطة إضافية صرف جنوب سهل الحسينية الجديدة نتيجة تهالك وحدات المحطة القديمة التي تخدم من زمامها 80% مزارع سمكية منها العديد مخالف وأيضا محطة "السرو الأسفل الجديدة" بتكلفة 45 مليون جنيه التي انشئت لإعادة استخدام جزء من المياه بترعة السلام وتحسين مستوي الصرف الزراعي بمساحة 68 ألف فدان خاصة بعد التوسع في إنشاء المزارع السمكية بالاضافة إلي محطة حفير شهاب الدين الإضافية بتكلفة وصلت أكثر من 45 مليون جنيه وهي تقضي علي مشاكل الصرف الزراعي بمنطقة بلطيم وتخدم 900 ألف فدان وسوف يفتتحها الوزير قريبا وغالبا ما تكون هذه المحطات الإضافية لمواجهة زيادة التصرفات المائية المطلوبة عن قدرة المحطات القائمة. محطة توشكي العملاقة * لكن ماذا عن محطة الرفع العملاقة بتوشكي. ووحداتها ال 21 في ظل عدم زراعة كافة المساحات المخصصة بالمشروع؟ يقول الدكتور مصطفي: حاليا تصل مساحات الأراضي المنزرعة حوالي 40 ألف فدان بينما المحطة مصممة لزراعة 400 ألف فدان والمساحات الحالية تحتاج تشغيل عدد بسيط من الوحدات يوميا ولكننا وضعنا برنامج تشغيل للوحدات ال 21 بالتتابع بحيث نضمن تشغيل كافة الوحدات دوريا لضمان الحفاظ علي كفاءتها لحين استكمال زراعة باقي المساحات وبالمناسبة نجحنا بالاتفاق مع الهيئة العربية للتصنيع في توفير قطع الغيار الالكترونية حيث تصل تكلفة بعض قطع الغيار عند استيرادها نحو 650 ألف جنيه بينما الهيئة قامت بتصنيعها بحوالي 120 ألف جنيه فقط وهو ما يوفر من ميزانية الصيانة وفي نفس الوقت توفير العملة الأجنبية وذلك من خلال البروتوكول الموقع بين المصلحة والهيئة كما يتم توفير السيارات التي تحتاجها المصلحة من مصنع قادر التابع للهيئة. معهد الفلزات خفض أسعار قطع الغيار 30% * ما هي حكاية بروتوكولات التعاون التي تقوم بها المصلحة؟ يجيب رئيس المصلحة قائلا: استطعنا مؤخرا توقيع بروتوكول تعاون مع معهد التبين لبحوث الفلزات لتصنيع قطع الغيار التي تحتاجها وحدات الطلمبات المختلفة وساهم هذا التعاون في خفض تكلفة شراء قطع الغيار إلي "30%" خاصة ان المعهد قام بتصميم الاصطمبات الخاصة بقطع الغيار وتصنيعها بالمعهد كما بدأنا في توريد خردة المحطات لإعادة تصنيعها مرة أخري بدلا من بيعها بالكيلو كما كان يحدث من قبل بالإضافة إلي السرعة في توريد هذه القطع وعدم تحكم المورد في السعر أيضا ندرس حاليا توقيع بروتوكول تعاون مع شركة الغزل والنسيج بالمحلة الكبري لاستغلال الورش الميكانيكية التابعة لها وخبرات العاملين بالإضافة إلي المسبك التابع لها. وذلك لتصنيع قطع الغيار التي نحتاجها بدلا من استيرادها كل هذا يساعد علي تنويع مصادر المنتج وتشغيل طاقات الدولة المعطلة وتخفيض الإنفاق.