الإنماء: هو العمل علي جعل الشيء نامياً. والنمو: الزيادة والكثرة والبيئة: هي ما يحيط بالفرد أو المجتمع ويؤثر فيهما وإنماء البيئة: هو السبب غير المباشر لتأسيس حياة الناس في الأرض. ولذلك تظاهرت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة بدعوة الناس إلي إنماء بيئتهم من أجل تمكين البقاء البشري علي الأرض. واعتبار ذلك حقاً إنسانياً طبيعيا لا فرق فيه بين مسلم وغيره. إن العقيدة الإسلامية قائمة علي أن متاع الحياة الدنيا حق مشترك بين البشر. لا يختص بفئة لمجرد انتمائها القبلي أو العقدي. ولذلك وجدنا القرآن الكريم يحدثنا عن قضية الحياة في الأرض وتعميرها. وأنها قضية إنسانية في قوله تعالي: "هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" "هود: 61" أي جعلكم أيها الناس عماراً تعمرون الأرض وتستغلونها. وقد وعد الله تعالي المصلحين بالتمكين لهم في الأرض. فقال سبحانه: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين" "الأنبياء: 105 - 106". وعندما قصر إبراهيم - عليه السلام - دعاءه بالرزق لصالح المؤمنين نزل قول الله تعالي شاملا المؤمنين وغيرهم. وذلك في قوله تعالي: "وإذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلداً آمنا وأرزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلي عذاب النار وبئس المصير" "سورة البقرة: 126". قال عباس: كان إبراهيم يحجرها علي المؤمنين دون الناس. فأنزل الله: ومن كفر أيضا أرزقهم كما أرزق المؤمنين. أأخلق خلقاً لا أرزقهم؟ أمتهم قليلا ثم اضطرهم إلي عذاب النار وبئس المصير. ثم قرأ ابن عباس قول الله تعالي: "كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً" "الإسراء: 20". كما يخبرنا القرآن الكريم بأن الله تعالي هو المتكفل بأرزاق المخلوقات من سائر دواب الأرض. صغيرهم وكبيرهم. بحريها وبريها. فقال سبحانه: "وما من دابة في الأرض إلا علي الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين" "هود: 6" وأخرج أبونعيم في الحلية عن أبي أمامة. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "إن روح القدس نفث في روعي: فإن نفسا لن تموت حتي تستكمل أجلها. وتستوعب رزقها. فاتقوا الله فأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية. فإن الله تعالي لا ينال ما عنده إلا بطاعته" وأخرج ابن ماجه بسند فيه مقال عن جابر بن عبدالله. أن النبي - صلي الله عليه وسلم قال: "أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب. فإن نفسا لن تموت حتي تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها. فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. خذوا ما حل ودعوا ما حرم". وأثني النبي. - صلي الله عليه وسلم - علي صفة إطعام الطعام. ولو كانت من فاجر. وذلك فيما أخرجه الطبراني والبزار برجال ثقات عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قيل يارسول الله. ما يمنع حبش بني المغيرة أن يأتوك إلا أنهم يخشون أن تردهم. قال: "لا خير في الحبش. إذا جاعوا سرقوا. وإن شبعوا زنوا. وإن فيهم لخلتين حسنتين: إطعام الطعام. وبأس عند البأس" فهكذا مدح النبي. صلي الله عليه وسلم. في هؤلاء القوم الفساق صفة إطعام الجائعين. وصفة البأس عند البأس. ليبين لنا أن ما يتعلق بإنماء البيئة وإصلاحها من الطعام والشجاعة والإقدام. ونحوها. إنما هو حق إنساني يشترك فيه الناس دون النظر إلي دينهم أو جنسهم.