في مقهي صغير يجاور مقر المجلس القومي لذوي الاعاقة بسراي القبة يجتمع شباب جمعتهم الإرادة ولم تؤثر عليهم الاعاقة. فتعلو ابتسامتهم كلما زادت حدة نقاشهم. "التحدي" جلست مع عدد من الشباب علي "مقاههم" تنقل للقارئ أفكارهم حول قضاياهم.. حكاوي حياتهم اليومية.. هوياتهم الفنية في سطور هذا التحقيق. كان للصم وضعاف السمع نصيب الأسد من الحديث حيث تحدثوا لنا بلغة الاشارة شباباً وشابات عن مشاكلهم المتعددة. لغة الاشارة: بدأت الحديث "نيفين مصطفي" وتعمل بلجنة الفنون بالمجلس القومي لشئون ذوي الاعاقة موضحة أن أكثر مشاكل الصم هي التواصل مع المجتمع وتضرب المثل بنفسها فهي أم لطفلين ولا تستطيع التواصل معهما بسبب صغر سنهما وعدم معرفتهما للغة الاشارة فيكون الفيديو كول والرسومات والكتابة هي وسيلة الحوار بينهما ولكنها لا تكفي فتعميم دورات لغة الإشارة وتشجيع أهل الصم وضعاف السمع علي تعلمها أمر ضروري وتطلب أن تكون مجانية ومتاحة للجميع. تضيف أن زيادة عدد مترجمي الاشارة بالبرامج التليفزيونية يؤدي إلي تقبل المجتع للغة الاشارة وعدم شعور الصم بالاغتراب أو غيرهم بالاستغراب. مطالبة بأن تكون الترجمة في كل البرامج خصوصا الاخبارية والتوك شو بحيث لا ينعزل الصم عن الاحداث الجارية. التعليم أولا: ويلتقط طرف الحديث "رامز عباس" - أشهر أصم ناطق بمصر. مشدداً علي أهمية التركيز علي تعليم الصم وضعاف السمع فإلحاقهم بمدارس التربية الفكرية يعيق تقدمهم والأفضل إدماجهم في المدارس العادية مع اتاحة وسائل تدريس ميسرة وتدريب المعلمين علي لغة الإشارة لأن سوء معاملة الاصم في مرحلة التعليم تؤدي إلي تركه التعليم مبكراً مما يؤثر علي فرص العمل المتاحة له فيما بعد. مواهب فنية: ولأن السينما مرآة للمجتمع. كان لابد أن يطرقها الصم تعبيراً عن قضاياهم أو حتي التعبير عن وجودهم ورغبتهم في التعايش مع من حولهم لذلك أنتج مجموعة من الشباب المتحمسين فيلماً تحت عنوان "إنسان" وقدموه للمشاهدين علي اليوتيوب قائلين "عندما تشعر باليأس ليس هناك ما هو أجمل من رؤية إنسان يكسر المستحيل.. في حياة الصمت فيها هو سيد الموقف والإشارات أبلغ من أي كلام" ويمكن للقارئ مشاهدته علي الرابط التالي: http//www.youtube. com/watch?v-2U5wSoybm6A وأجمل ما في الفيلم مشاركة الصم فيه ممثلين في البطلة اية محمد ورامز عباس مساعد مخرج والتأليف والتصوير والإخراج لإسلام بلاد والبطولة لمحمد عطافي الذي يحدثنا عن التجربة التي قربته من عالم الصم. قائلا: "إنسان" فيلم قصير من أفلام الموبايل. يحكي في 7 دقائق قصة حب بين شاب يحب الموسيقي وفتاة صماء يتقرب إليها عن طريق الكتابة دون أن يعرف إعاقتها ولا تتغير مشاعره بعد معرفة الحقيقة ويدعوها لتغني منه فتغني بلغة الإشارة أغنية تقول كلماتها: إنا إنسان بروح بتطل من القلب اللي متشايش مناها تعيش وتتعايش وحواليا السكوت قضبان وأنا مهما حصل إنسان منيس عاجز ولا عالة ولا يمكن حكون حالة إنا إنسان بروح وكيان ومن حقي أكون موجود يقول محمد إن الفيلم يشارك حاليا في مهرجان سينما أفلام الموبايل وأن سبب حماسه للفيلم اقتحامه لعالم الصم والبكم من خلال أشخاص منهم يعبرون عن رغبتهم في الاندماج في المجتمع والتواصل مع الآخرين مؤكداً أنه استمتع بالتعامل مع ممثلة موهوبة منهم.. تواصل معاها بإحساس الممثل وخرج العمل بعد بروفات بسيطة بشكل ممتع بطلة الفيلم شابة جميلة وخجولة هي آية محمد "24 سنة" وبلغة الاشارة قالت لنا: التجربة الفنية أتاحت لي التعبير عن فتاة بسيطة من الصم وحقها في الحب والحياة بل والموسيقي مؤكدة أن مشاكل الصم أكبر من حصرها في فيلم. فعدد الصم وضعاف السمع في مصر يقارب من 5 ملايين شخص نشعر بالتهميش في المجتمع المصري وخاصة في التعليم الجامعي.. حيث لا يمكننا الالتحاق بالجامعات الحكومية مطلقا والجامعات الخاصة والتعليم المفتوح بمبالغ طائلة هي البوابة الوحيدة للصم والبكم في استكمال دراستهم.. كما نواجه مشكلة في التواصل بيننا وبين مجتمعنا وأعاني في التواصل بيني وبين اسرتي جميعا أصحاء ولم يتعلموا لغة الاشارة ولكنهم في المقابل كان لديهم الوعي لتعليمي نطق الحروف فاستطعت ببعض الجهد افهامهم ما أريد ولكن تظل الكتابة هي وسيلة التواصل الأهم في البيت ولكن احيانا أقوم بها كالواجب بلا مشاعر. رحلة عذاب ورغم أن أغلب الحضور كانوا من الصم إلا أن معاناة أصحاب الاعاقة الحركية كان لها نصيب من الحديث. حيث عبرت عنهم سعيدة علي "موظفة" وتعاني من شلل الاطفال وتحكي رحلة العذاب اليومية من منزلها بدار السلام إلي عملها حيث تضطر إلي صعود الكوبري مرتين وتتعرض لخطر السيارات فضلا عن سلالم المترو المرهقة. تعتبر "سعيدة" المواصلات في مصر أكبر عائق يقابل ذوي الاعاقة: فلا الطرق تعرف التخطيط ولا المواصلات تطبق التسهيلات اللي يحتاجها أصحاب الاعاقات الحركية فضلا عن المصاعد غير الموجودة وإن وجدت لا تعمل وهكذا يكون خروج المعاق حركيا إلي الشارع مشقة وخطورة معاً. وتتمني "سعيدة" ألا يكون ضمان حقوق المعاقين في الدستور هو نهاية المطاف فالأهم التطبيق وشعور ذوي الاعاقة بأنهم لا يقلون عن الاصحاء سواء في الخدمات أو فرص العمل. توضح سعيدة أن الاعاقة لا تعوق صاحبها بل اذا استطاع مصادقتها تتحول لطاقة عطاء مضاعفة ورغبة في تحدي الظروف وثبات الذات فهي مثلا تعمل في وظيفتين منها مراقبة جودة بأحد مصانع الملابس والأخري بالمجلس القومي لذوي الاعاقة وتمارس الرياضة بل وتشارك في بطولات فتفوقت في بطولة الجمهورية لرفع الاثقال وزن 95ك كما تمارس السباحة بانتظام وتتعلم لغة الاشارة للاقتراب من عالم الصم مؤكدة أنهم لا يحبون العزلة كما يظن الناس بل يرغبون في الاندماج في المجتمع ولكن مازال البحث عن لغة مشتركة يشعرون من خلالها برغبة المجتمع في التواصل معهم.