زعيمنا.. حبيبنا..قائدنا عندي خطاب عاجل إليك من أرض مصر الطيبة من الملايين التي تيمها هواك من الملايين التي تريد أن تراك عندي خطاب عاجل إليك لكنني لا أجد الكلام الصبر لا صبر له والنوم لا ينام كانت هذه كلمات الشاعر الكبير نزار قباني في يوم وداع الرئيس والزعيم الراحل جمال عبدالناصر بصوت سيدة الغناء العربي أم كلثوم الذي كان يبكي في رسالة الوداع هذه بألحان وموسيقي العملاق الموسيقار الراحل رياض السنباطي في ملحمة غنائية رثائية عميقة يوم الوداع المهيب للقائد والزعيم والمعلم الذي غيبته السماء فجأة وترددت الأغنية مع جنازته المهيبة في أول أكتوبر بعد رحيله بثلاثة أيام.. ومن بعدها تلاشي هذا التسجيل الغنائي النادر ولم يدركه إلا قليلون من المهتمين وعشاق الغناء الوطني.. حتي شاءت الظروف أن ينطلق هذا العمل الغنائي التاريخي مع احتفالنا بذكري عبدالناصر هذا العام. قد لمس هذا التسجيل النادر مشاعر الجماهير المصرية التي استمعت إليه هذه الأيام بعد 43 عاماً من غياب هذا الزعيم الوطني لم يظهر فيها زعيما آخر في قامة ومقام وشعبية عبدالناصر الذي كان منحازاً للفقراء والبسطاء والمهمشين والفلاحين والعمال وللقرار السيادي الوطني الذي يجابه أعتي القوي الاستعمارية في العالم دون خوف أو تردد أو هوي.. لقد فجرت هذه الأغنية الباكية مشاعر مصرية صادقة مازالت تحلم أن يعود إليها زعيم من جديد له نفس الخصال الوطنية والمشاعر الصادقة نحو المصريين بكافة أطيافهم ومشاربهم.. يحقق العدل ويفرض سيادة القانون. ويعلي المصلحة العليا للوطن فوق المصالح والاعتبارات. *** كثيرة كانت الأغاني الوطنية الصادقة التي شدي بها كل فناني مصر في زمن عبدالناصر يتغنون بعزيمة وكفاح الثورة والثوار.. وعزم وإرادة الأمة التي تتطلع إلي حياة كريمة وكانت كلمات تلك الأغاني كما قال الأستاذ هيكل في حواره الأخير مع لميس الحديدي هي أخبار وأحداث شعب يتفاعل مع قائده في مسيرة بناء ونهضة حقيقية يشيدها في مشروعات عملاقة ومصانع ومزارع ومعامل ومواطنين شرفاء يؤدون واجبهم في كل مكان. كان الجميع يعلي شأن الوطن كل في عمله.. كان التعليم هو الركيزة الأساسية التي تشد المجتمع بعيداً عن الجهل والأمية والتخلف.. وكان الدين الصحيح وحصته في المدرسة وفي المسجد وفي ظل الأزهر وإذاعة القرآن الكريم وأحاديث الصباح لكبار الأئمة هي الحصن للعلم الذي يواكبه إيمان فطري لا يعرف المتاجرة بالدين من أجل السياسة والوصول إلي الحكم. *** بالتأكيد الزمان غير الزمان.. ومن الصعوبة بمكان أن يتكرر الأشخاص. وهذا لا يريده المصريون العقلاء المستفيدون الذين يدركون أن زمن الزعامة الفردية قد ولي. وأن الشعب لن يساهم مرة أخري في صناعة الحاكم الفرد. الدولة الآن هي دولة مؤسسات تقوم علي الدستور وسيادة القانون. ولكن علي الرغم من ذلك لا يمكن أن نصادر مشاعر المواطنين الصادقة التي هي مثل البوصلة تعرف لمن تميل من القادة والسياسيين الذين يخلصون للشعب وينحازون للوطن بعيداً عن أحلام وهمية أو إقليمية. وأظن أنالناس لازالوا يحلمون بالقائد والزعيم.. ولكنه الزعيم العصري الذي يملك القدرة علي إدارة دفة الدولة وفق الدستور والقانون. ويحقق لها العزة والكرامة بين الأمم والشعوب. واستشعر أن المصريين يتغنون بمثل هذا الزعيم في مجالهم الخاصة والعامة دون حاجة إلي فنانين كبار في حجم وقامة أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم. الجماهير مازال لديها القدرة علي الحلم.. ولا يملك أحد أن يصادر أحلامها.. ولندع الأيام تكشف مدي صدق إحساسها وعميق فكرها دون مزايدة أو وصاية أو نفاق.