أجمع الفقهاء علي أن للحج ثلاث كيفيات أو صور. هي: الإفراد والقران والتمتع. ويجوز للحاج أن يتخير منها الوجه الذي يناسبه. لأن كل كيفية من هذه الكيفيات الثلاث لها أحكام تختلف باختلاف قوة الحاج وضعفه. وفقره وغناه. ورفقته لزوجة أو عدم رفقته لزوجة ولا فضل لكيفية علي غيرها من هذه الثلاث. بل الأفضل هو اختيار كل حاج ما يناسبه. فقد أخرج الشيخان من حديث عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم. عام حجة الوداع. فمنا من أهل بعمرة. ومنا من أهل بحجة وعمرة. ومنا من أهل بالحج. هذا وقد اختلفت الروايات الصحيحة في تعيين الكيفية التي حج بها النبي. صلي الله عليه وسلم. حجة الوداع. فمنها ما يثبت أنه أفرد الحج. ومنها ما يثبت أنه تمتع بالعمرة إلي الحج. ومنها ما يثبت أنه قرن الحج بالعمرة ونحن نعد اختلاف هذه الروايات في كيفية حجة النبي. صلي الله عليه وسلم مع اهتمام المسلمين بها إعجازاً إلهياً حتي لا يشق المسلمون من بعده علي أنفسهم. إذ لو اتفقت الروايات علي كيفية معينة لالتزم المسلمون بها حتي لو تعارضت مع الأنسب لهم. ونوجز أحكام كيفيات الحج الثلاث لبيان التفاوت فيها. وبما يستلزم أن يكون الاختيار من بينها راجعاً إلي ظروف وأوضاع الحاج وليس إلي المفتي. "1" الكيفية الأولي: الإفراد. وفيه ينوي الحاج فرض الحج فقط عند إحرامه. ثم يأتي بأعمال الحج وحده ويتميز الحج بصفة الإفراد بأنه لا يوجب هدياً إلا أنه يلزم صاحبه ببقائه علي إحرامه منذ دخوله الميقات حتي طواف الإفاضة بعد الوقوف بعرفة. وله بعد انتهاء مناسك الحج أن يأتي بعمرة إن شاء. "2" الكيفية الثانية: التمتع. وفيه ينوي الحاج نسك العمرة عند إحرامه في أشهر الحج. ثم يأتي بأعمال العمرة التي تنتهي في ساعة أوساعتين تقريباً. ويمكث بمكة بعدها حلالاً. وله أن يعيش مع زوجه حياة طبيعية لأنه تحلل من الإحرام بعد العمرة. ويظل هكذا حلالاً حتي ليلة يوم عرفة أو صباح يوم عرفة. فيحرم للحج من بيته الذي يسكن فيه بمكة ويتميز الحج بهذه الصفة بأنه لا يطيل مدة الإحرام علي الحاج. وأيضا بأنه يقدم العمرة علي الحج. فيساعده علي الانصراف من مكة عاجلاً بعد الحج إلا أنه يوجب هدياً لقوله تعالي: "فمن تمتع بالعمرة إلي الحج فما استيسر من الهدي" "البقرة: 196". "3" الكيفية الثالثة: القران. وفيه ينوي الحاج العمرة والحج معاً. فيأتي بهما في نسك واحد ويتميز الحج بهذه الصفة بأنه يخفف عن الحاج طوافاً وسعياً عند الجمهور. لأنه يطوف طوافاً واحداً ويسعي سعياً واحداً ويجزئه ذلك عن الحج والعمرة. ويري الحنفية: أن القارن عليه طوافان. طواف للحج وطواف للعمرة. وعليه سعيان سعي للحج وسعي للعمرة. وتكون استفادته من نية القران تحصيل ثواب النسكين معاً بنية واحدة.