قد يكون مفهوم التواصل بين السلطة والمجتمع من المفاهيم الغائبة في الحياة السياسية المصرية وأعتقد اننا نحتاج لبناء وتأسيس هذا المفهوم علي مستويات عدة وبأشكال مختلفة وكنت قد ذكرت في مقال سابق عن تجربتي خلال عملي سفيرا لمصر في برلين عندما وجدت طالبا وطالبة يحضران لقاء لي مع الرئيس الألماني وعندما سألته عنهما قال انهما أرسلا له خطابا يطلبان فيه قضاء يوم عمل معه في مكتبه حتي يطلعا علي كيف يقضي الرئيس يومه. بالطبع لا أطمع في هذا. فهو كثير بالنسبة للمجتمع المصري ولكني أذكر هذا لأنه في اعتقادي ان الأسوار قد أزيلت في مصر فعليا ولكنها مازالت داخلنا نفسيا وكل مسئول عندما يتولي منصبه يبني هذه الأسوار داخله ولا يستطيع أن يتحرر منها. ولقد عاصرنا تجربة جديدة يقوم بها السيد المستشار الاعلامي للسيد الرئيس حين يقوم بزيارات للأحزاب السياسية للتعرف علي الآراء المختلفة في مصر والتي تتعلق بخارطة المستقبل. ان الفكرة جيدة جدا ولكننا لا نستطيع انتاجها بالشكل الذي يحقق الغرض منها. وفي أغلب الأحيان تتحول الأمور إلي مشهد إعلامي لا يحقق اسهاما فعليا في الحياة السياسية ويمكننا الادعاء بأن الدافع السياسي لم يختلف كثيرا عن النظام السابق وعن النظام الأسبق. الغريب ان الأشخاص تتغير لكن معالجة الأمور واحدة في إطار من الشخصنة والاستلطاف أحيانا وعدم دقة الفاعليات في أحيان أخري. أما الظاهرة الأخري فهي بداية جديدة لبعض الشخصيات التي كانت بعيدة عن الساحة الاعلامية ستطل علينا مرة أخري بعد أن غسلت انتماءاتها السابقة مع قوي خارجية لا تضمر الخير لوطننا العزيز من فترة طويلة وكانت هذه الشخصيات الاعلامية مندثرة بالتواجد في بعض الدول الأوروبية التي كشفت عن وجهها الحقيقي منذ ثورة 30 يونيو. ولا نتعجب إذا رأيناهم في أجهزة الاعلام المصرية حاملين معهم آراء مسمومة تمثل فكرا مريضا يجب أن يواجه بكل الحسم. قد يقول البعض اننا نعيش عصر الحرية والديمقراطية ولا يجب منع أحد واتفق تماما مع هذا الرأي ولكن يجب أن يعلموا اننا ندرك حقيقتهم ولا نقع فريسة لجملهم المنمقة وتحليلاتهم السياسية الخرقاء. مصر قوية ولديها حس سياسي مرهف يلفظ مثل هذه الشخصيات بهدوء حتي لا يتنامي لديهم الوهم بأنهم عائدون وان الأرض خصبة لعمالتهم. أيها السادة نعيش معا لحظات التمتع بالحرية التي طالما سعي إليها شعب مصر العظيم وناضل من أجلها بل وأسقط نظامين طلبا لوفورها بعدما عاني كثيرا من وطأة تلك الأنظمة التي أودت بكرامته. سلام يا مصر