يقول المثل الشعبي "اللي يعمل إيده مغرفة يصبر على ضرب الحلل"، هذا بالضبط ما لم تصبر عليه جماعة الإخوان ونظامها الذي بات يملأ الأرض سبًا وضجيجًا عبر الفضائيات وشبكات التواصل متهمين الإعلام والصحف بالفساد والتضليل، رغم أن صحفهم وقنواتهم التي أصبحت تعد بالعشرات، تمارس التشويه والتضليل ليلاً نهارًا دون رقيب أو حسيب. المسئول الذي يخاف الصحافة والإعلام مثل قائد الطائرة الذي يعاني من "فوبيا المرتفعات"، فلا يمكن أن تنجح في القيادة وأنت تلعن الهواء والسماء والسحب التي تعترض طريقك أثناء القيادة، الإعلام كالإناء الفارغ الذي ينتظر من يملأه، فإن لم تملأه بالحقيقة فسيملأه غيرك لا محالة، وفي هذه الحالة تكون أنت، -لا غيرك- المسئول. أعترف بأن الإعلام هذه الأيام يقترف كثيرًا من الخطايا بسبب قلة الاحترافية وجنوح بعض مشاهير الإعلاميين عن معايير المهنة وأخلاقيات العمل الصحفي والإعلامي، إلا أن ذلك لا يبرر بتاتا عدم التعاطي معهم، أو التفرغ لسبّهم وتشويههم وإشاعة أخبار عن تلقيهم تمويلاً خارجيًا وعمالتهم لمؤسسات صهيونية على سبيل المثال، بل وتكريس الوقت لمهاجمتهم ومحاولة غلق القنوات التي يعملون بها، ولكن يجب على المسئول التفرغ لإنجاز مطلب شعبي وتلبية طموح شعب ثار ضد تردي أوضاعه المعيشية وانتزاعًا لحريته وكرامته، ووقتها لن تلقى آراء الإعلاميين وتوجهاتهم الخاصة آذانا لدى المشاهدين. أيها المسئول، بل أيتها الجماعة.. لا تحولوا ثورة هذا الشعب إلى ثورة بوليسية ضد منتقديكم ومعارضيكم، بأن يتم ضبط وإحضار الإعلاميين ومهاجمة الصحفيين أثناء تأدية عملهم أو التهديد بملاحقة الصحف والقنوات، أفهم أن يقوم نظام لا يدعي الديمقراطية بممارسة نشاطه ضد الإعلاميين المعارضين، لكن أن يدّعي الديمقراطية ثم يزجّ بالناس في السجون فهذه طامة كبرى. النظام الإخواني يتشدق بأنه أول من أرسى مبادئ المدنية في مصر، لكنه في الحقيقة مسئول عن القمع والاغتيال المعنوي الذي بات يلاحق العديد من الشخصيات العامة بل والتيارات السياسية والأحزاب، ويا لسهولة توريط الآخرين بإهانة الدين أو العمالة إذا أراد نظام ما استئصال شأفة معارضيه.. وهذا ما تم مع الإعلامي الساخر باسم يوسف حين اتهم بأنه يزدري الدين!! المزيد من أعمدة عبد الفتاح بدوى