الإعلام الآن فى عصر الإنترنت والفضائيات المتكاثرة والصحف الدوارة، أصبح من أهم العوامل التى تؤثر على فكر وثقافات المجتمع، وهذا التأثير إما أن يكون بالسلب أو الإيجاب، ويصبح الإعلام أشد خطورة وشراسة على المجتمع إذا انحرف عن المهنية التى تتطلب صدق الخبر والحيادية والبحث عن الحقيقة وعرضها بكل موضوعية للناس، والتجرد وترك الخصومة وألسنة الحداد التى توجه ضد طائفة بعينها وتشويه الحقائق، بل وطمسها ورمى الأبرياء بالتهم وكأن هؤلاء الإعلاميين ملائكة السماء ومن يقذفونهم زبانية العذاب، والطامة الكبرى أن تقف بعض مؤسسات الدولة مع هؤلاء الإعلاميين وإعطاء الضوء الأخضر لهم، والطامة الأكبر والأكبر أن نعطى نحن كشعب واحد نعيش على أرض واحدة ونتقابل ليل نهار فى الأعمال والأسواق والمدارس وفى كل مكان، الفرصة لهؤلاء المضللين أن يتلاعبوا بنا إما بتصديقهم أو إفساح المجال لهم عن طريق مشاهدة برامجهم ونقلها، وقد نسينا من قبل أن هذا الإعلام نفسه الذى كان يحارب الشعب بوقوفه مع النظام الفاسد من قبل، بل شارك فى إيقاع الضرر على هذا الشعب المسكين عندما كان يصور له الفاسدين فى صورة أهل الصلاح. إن شعب مصر الآن عليه واجبات لابد من المسارعة فى تحقيقها قبل فوات الأوان، لأن الذى سيكوى بنار الفتنة الإعلامية هو أنا وأنت، ابنى وبنتك وأخى وأختك؛ وسيخرج هؤلاء من اللعبة صاج سليم بالملايين التى يأخذونها منى ومنك ومن المال الذى يريد الفاسدون أن يغسلوه على حساب دم الشعب وهدم مؤسساته، سيأخذون كل ذلك ويفرون خارج البلاد كما فعل أحمد شفيق وإخوانه. ومواجهة هذا الإعلام الفاسد تكون بالآتي: 1- مقاطعة هؤلاء مقاطعة تامة حتى لا يجدوا من يسمعهم فيسمعوا أنفسهم. 2- تدعيم القنوات الهادفة التى تنشر الفضيلة ولو بجنيه فى اليوم أو الأسبوع أو الشهر وإن الجبال من الحصى. 3- الحذر من أن يستغضبونا فنخرج عن القيم والأخلاق الإسلامية فيصلوا إلى ما يريدون. 4- الاهتمام بنشر الفضائل والرجوع إلى الأخلاق المصرية حيث التكاتف والتعاون والحب والمودة والأخلاق المصرية الأصيلة. 5- الحذر من الشائعات؛ لأنها تدمر المجتمع. 6- مشاركة الناس بإعلام عملى أخلاقى على أرض الواقع عن طريق المعاملة الطيبة مع الناس، وعدم فتح ملف هؤلاء الإعلاميين مع عامة الناس وتوجيه الناس بالحوار الطيب إلى الموضوعات النافعة الهادفة. 7- عدم تكثير الأعداء بأن نجعل كل ما يخالفنا فى الرأى بأنه فلولى والحذر من حمل كلام الناس على السوء والأصل البراءة. 8- على ولى الأمر أن يستخدم اللين فى موضعه والحسم فى موضعه مع هؤلاء الإعلاميين، فلا يكن لينًا فيعصر ولا صلبًا فيكسر، وخير الأمور الوسط، وليكن له قدوة فى الفاروق عمر – رضى الله عنه- عندما حاول صبيغ أن يثير البلبلة الإعلامية بين الناس عن طريق إثارة الشبهات بينهم وتضليلهم بسؤالهم عن المتشابه من الآيات التى لا يعلم تأويلها إلا الله، فقابل وواجه الفاروق عمر- رضى الله عنه- إعلامه الفاسد بكل حزم حتى لا يفرق بين أمة الجسد الواحد، روى الدارمى عن سليمان بن يسار ونافع قالا قدم المدينة رجل، فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وأعد له عراجين النخل، فقال من أنت؟ قال أنا عبد الله صبيغ، قال وأنا عبد الله عمر، فضربه حتى دمى رأسه، فقال حسبك يا أمير المؤمنين قد ذهب الذى كنت أجده فى رأسى ثم نفاه إلى البصرة، وفى رواية قال: "لا تجالسوه". فكان إذا جاء إلى مجلس والناس مائة تفرقوا عنه. وفى رواية فأمر عمر فضرب مائة سوط، فلما برأ دعاه فضربه مائة أخرى ثم حمله على قتب وكتب إلى أبى موسى، وحرم على الناس مجالسته فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له أنه لا يجد فى نفسه شيئا، فكتب إلى عمر أنه صلح حاله، فكتب إليه خل بينه وبين الناس، فلم يزل صبيغ وضيعًا فى قومه بعد أن كان سيدًا فيهم.