النوم في اللغة يعني الهدوء والسكون. وهو اسم مصدر للفعل: نام. تقول: نامت السوق. أي كسدت. وتقول: نامت الريح. أي سكنت. وتقول: نام البحر. أي هدأ. والنوم في اصطلاح الفقهاء - كما ذكره ابن عابدين في حاشيته - فترة طبعية تحدث للإنسان بلا اختيار منه. تمنع الحواس الظاهرة والباطنة عن العمل مع سلامتها. وتمنع استعمال العقل مع قيامه. فيعجز الملكف عن أداء الحقوق. والنوم من آيات الله المعجزات. ومن نعمه الباهرات يقول الله سبحانه في معرض ذكر بعض آياته في خلقه: "ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون" "الروم: 23" أي ومن آياته الدالة علي عظمة وكمال قدرته.. "مناكم بالليل والنهار". أي ما جعل الله من صفة النوم في الليل والنهار. وما يحصل به من راحة وسكون وذهاب للتعب بما يستحق التأمل. ويستوجب الإقرار بعظمة الخالق جل وعلا. ومن آياته أيضا: "ابتغاؤكم من فضله". أي سعيكم لتحصيل فضل الله ورزقه بالانتشار والأخذ بالأسباب عن طريق الحركة والسفر. وهذا ضد النوم الذي فيه السكون. ولهذا قال سبحانه: "إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون" أي يعون ويدركون. أخرج الطبراني عن زيد بن ثابت. قال: أصابني أرق من الليل. فشكوت ذلك إلي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال: "قل: اللهم غارت النجوم. وهدأت العيون. وأنت حي قيوم. يا حي يا قيوم أنم عيني وأهدئ ليلي". قال زيد بن ثابت: فقلتها فذهب عني الأرق. وفي معني آية النوم بالليل والنهار. وآية السعي وابتغاء الرزق والفضل يقول تعالي في سورة القصص "الآيات 71:73": "قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون. قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون. ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون". ويسن عند إرادة النوم وعند الاستيقاظ منه ذكر الله عز وجل. والدعاء ببعض ما ورد. ومنه ما أخرجه أبوداود بإسناد حسن عن حفصة. أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمني تحت خده ثم يقول: "اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك. ثلاث مرات". وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي هريرة. أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: "إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصنفة إزاره ثلاث مرات. فإنه لا يدري ما خلفه عليه بعد. فإذا اضطجع فليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه. فإن أمسكت نفسي فارحمها. وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. فإذا استيقظ فليقل: الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد عليّ روحي وأذن لي بذكره". والصنفة للإزار. بكسر النون. أي طرفه.