القيء في اللغة مصدر قاء. يقال: قاء الرجل ما أكله قيأ من باب باع. ثم أطلق المصدر علي الطعام المقذوف وتقيأ: تكلف القيء والقيء في اصطلاح الفقهاء: هو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة. ويختلف حكم القيء في الصوم بحسب صفتي العمد وغيره. كما سنوضحه فيما يلي: أو لا حكم صوم من ذرعه أي غلبه القيء: لا خلاف عند أكثر الفقهاء علي أن الصائم إذا ذرعه القيء لم يبطل صومه. سواء أكان الخارج من القيء قليلا أم كثيرا. استدلالا بحديث أبي هريرة الذي أخرجه ابن حبان والترمذي وحسنه. وغيرهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء. ومن استقاء عمداً فليقض". وقال ربيعة الرأي ورواية عن الحسن البصري: إن القيء مفطر. سواء أكان عمدا أو اضطرار. قال ابن المنذر: وهذا فيمن ذرعه القيء لا يبطل صومه هو قول كل من يحفظ عنه العلم ربه أقول. وقال ابن رشد: الجمهور علي أن من ذرعه القيد ليس بمفطر. إلا ربيعة فإنه قال: إنه مفطر. وحجة من ذهب إلي الفطر بمطلق القيء ولو اضطرارا: عموم حديث أبي الدرداء الذي أخرجه ابن حبان الترمذي وأحمد وغيرهم "إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قاء فأفطر". وكذلك ما أخرجه الترمذي بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري. وابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار. عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة. والقيء. والاحتلام". ثانيا حكم من تعمد القيء. ذهب أكثر أهل العلم إلي أنه مفطر. لحديث أبي هريرة السابق. فيمن ذرعه القيء. وذهب أبويوسف من الحنفية ورواية عند الحنابلة. إلي أن القيء عمدا إن كان أقل من ملء الفم فلا يفسد الصوم. لعدم الخروج حكما. وإن كان أكثر من ذلك أفسد الصوم وروي عن ابن مسعود وابن عباس وطاوس والهادي ورواية عن الإمام مالك. قالوا: إن القيء لا يفطر مطلقا. عمدا أو ذرعا. وذلك لتعارض الادلة الواردة في ذلك. والاعتماد علي البراءة الاصلية وسبب اختلاف الفقهاء في مسألة فطر الصائم بالقيء: يرجع كما يقول ابن رشد إلي ما يتوهم من التعارض بين الأحاديث الواردة في هذه المسألة. واختلافهم أيضا في تصحيحها. ذلك أنه ورد في هذا الباب حديثان. أحدهما: حديث أبي الدرداء أن رسول الله. صلي الله عليه وسلم. "قاء فأفطر" قال معدان: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فقلت له: إن أبا الدرداء حدثني. "إن رسول الله قاء فأفطر". قال: صدق. أنا صببت له وضوءه. وحديذث ثوبان هذا صححه الترمذي. والآخر: حديث أبي هريرة خرجه الترمذي وأبوداود أيضا. إن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء. وإن استقاء فعليه القضاء". وروي موقوفا عن ابن عمر. فمن لم يصح عنده الاثران كلاهما. قال: ليس فيه فطر أصلا. ومن أخذ بظاهر حديث ثوبان ورجحه علي حديث أبي هريرة أوجب الفطر من القيء بإطلاق. ولم يفرق بين أن يستقيء أو لا يستقيء ومن جمع بين الحديثين وقال حديث ثوبان مجمل وحديث أبي هريرة مفسر والواجب حمل المجمل علي المفسر فرق بين القيء والاستقاءة. وهو الذي عليه الجمهور.