الملف الأمني هو التحدي الأكبر الذي يواجه الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور وحكومة الكفاءات الوطنية المزمع تشكيلها خاصة انه المطلب الرئيسي للشعب الذي خرج إلي الشوارع مطالبا بابعاد نظام الإخوان الذي فشل في إدارة العديد من الملفات وعلي رأسها ملف الأمن ومما يزيد من صعوبة الأمر هو وجود أكثر من مائة ألف هارب من السجون عقب اقتحامها في 29 يناير 2011 معظمهم من المسجلين خطر الذين نشروا الرعب والفزع في نفوس المواطنين خلال عامين ونصف العام إلا ان الشعب استعاد ثقته في كفاءة رجال الشرطة ويؤمن بخبرتهم في القضاء علي كافة مظاهر البلطجة بالشارع المصري. الدكتورة فادية أبوشهبة استاذ القانون الجنائي ورئيس قسم المعاملة الجنائية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أكدت في دراسة بحثية لها تحت عنوان: "المعاملة الجنائية للمسجلين خطر" يوجد في مصر ما يقرب من 112 ألف مسجل خطر انه يجب أولا ان نعرف من هو المسجل خطر لنعرف مع من نتعامل ونصل لحلول منطقية لدمج تلك الفئة مع المجتمع والاستفادة منهم. المسجل خطر يصنف أمنيا حسب خطورته "أ" و"ب" و"ج" وفقا لوزارة الداخلية ومعظمهم افراد عصابات أيا كان نشاطها الاجرامي ويفرضون السيطرة علي الغير عن طريق الإرهاب أو التهديد واصبحوا يمارسون أنشطة الخطف أو التوسط في اعادة المخطوفين. والاستئجار للقتل. وجنايات السرقة والاتجار في النقد والرشوة والاختلاس والمخدرات وتهريبها. وتزييف وتزوير العملة أو طوابع البريد والدمغة والأختام. والجرائم التي ترتكب بأسلوب مبتكر أو خطير وتهريب الآثار. تشير د. فادية إلي ان الدراسة اعتمدت علي البيانات الإحصائية الصادرة عن مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية المصرية خلال عشر سنوات سابقة في قمة قمع الدولة البوليسية للنظام السابق فما بالنا الآن بعد الثورة وتردي الأوضاع الأمنية إلي ان اجمالي المسجلين الخطرين المزاولين للنشاط الاجرامي قد بلغ 92680 شخصا. أكدت نسبة كبيرة من المبحوثين ارجعوا انحرافهم للشعور بالظلم وانعدام العدالة واليأس والقلق وضعف ثقتهم في رجال الأمن. مراجعة العشوائيات أوصت د. فادية باعادة النظر في الدور التربوي للأسرة باعتبارها النواة الاجتماعية الأولي وكذلك المدرسة لتكوين الشخصية السليمة. كما ينبغي علي الدولة الاهتمام بالسكن خاصة في المناطق العشوائية للحد مستقبلا من الجريمة وذلك بإنشاء الأبنية السكنية الحديثة المزودة بمساحات خضراء ومجالات للأنشطة الترفيهية والخدمات الاجتماعية والدينية وذلك لمواجهة خطر السكن غير المناسب. ومواجهة خطر سوء الأوضاع الاقتصادية بتوفير فرص العمل الشريف المنتج لأفراد المجتمع والتوزيع العادل للثروة الوطنية ومنع استغلال طبقة لأخري بمحاربة البطالة والاهتمام بالتدريب المهني لصغار السن ولدرء خطر الاجرام يجب علي الجهاز الأمني الالتزام بمبادئ حقوق المواطنين واحترام القيم الانسانية والخلقية في المجتمع واعلاء مبادئ الحرية والعدالة وذلك سوف يؤدي إلي انحسار الموجات الاجرامية انحسار خطر تهديد الاستقرار الاجتماعي. مفرخة المجرمين تري د. فادية أن المذنب يعاقب مرتين الأولي بالقانون والثانية بنفور المجتمع منه الذين ينظرون للمجرم علي أنه وصمة عار فيفقد وظيفته ويقاطعه ولاشك ان دخول السجن ولو ليوم واحد له آثاره النفسية والصحية والاجتماعية علي المحكوم عليه ولذا يفضل فرض عقوبة الغرامة بدلا من الحبس قصير المدة فمن الممكن ان يرتكب شخص عادي جنحة ويحكم عليه بالحبس لمدة شهر فيخالط المجرمين والمسجلين خطر الآخرين وبالتالي نخرج للمجتمع مجرماً آخر من "مدرسة السجن" ولهذا يجب أن يأتي في قانون الاجراءات الجنائية الجديدة انهاء المنازعة بالصلح أو التصالح امام القضاء. وتؤكد علي انه يجب الفصل بين المجرمين علي اساس نوع العقوبة أو الجريمة. يجب تفعيل دور إدارة الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم من السجون وتوفير فرص عمل لهم بالاضافة لتعاون رجال الأعمال أو أصحاب المصانع والشركات والدولة ليحددوا نسبة لتعيين خريجي السجون مثل المعوقين حتي لا يضطروا للعودة لارتكاب الجرائم مرة أخري بالاضافة للتنبيه علي الخطر القادم وهم "أطفال الشوارع" القنبلة الموقوتة التي انفجر منها جزء عقب ثورة يناير فمن رأيناهم يحرقون المجمع العلمي وغيره ويرفعون أيديهم بالنصر هم لا يمثلون للمجتمع سوي طبقة متدنية فهم إن لم تلتفت اليهم الدولة واعدادهم وصلت مليوناً ونصف المليون وسوف يصبحوا هم أيضا "مسجلي خطر المستقبل". انتشار الجريمة يقول اللواء جمال دحروج وكيل الإدارة العامة لشرطة الأحوال المدنية سابقا: بعد إلغاء قانون الطوارئ الذي كان يعد الحل الأمني للقضاء علي الجريمة والذي يحقق الأمن بالشارع المصري ظهرت البلطجة في الشارع المصري بهذا الشكل المخيف. كيف تستطيع الجهات الشرطية احكام القبض علي المسجلين يوميا ترتكب جرائم منهم علي مسمع ومرأي الجميع وبوجود شهود. ولكن لا يستطيع الضباط القاء القبض عليهم إلا بعد صدور إذن النيابة أي يجب هنا ان يقتاد للقسم من خلال محضر وجميع الناس اصبحت الآن ترتعد من المسجلين والمجرمين وترغب في الابتعاد عنهم ولا يقومون بتحرير محاضر لهم مما زاد من شكوتهم وارتكاب العديد من الجرائم وكثير من المسجلين خرجوا في الفترة الحالية من السجون وبالفعل رجعوا لمزاولة الجريمة وكونوا تشكيلات عصابية لسرقة السيارات والمحلات والمتاجر ولكن لا يقعون في قبضة الشرطة. وتفاقمت المشكلة مع الانفلات الامني الذي شجعهم علي الجريمة. ظهرت ايضا علينا فئة من المسجلين الذين ليس لديهم كارت اتهام أو ملفات وهم الصبية الصغار الخارجين من العشوائيات التي تصدر تلك الفئة من المجرمين لا يوجد من يردعهم سواء من الشرطة أو ايداعهم المؤسسات العقابية للصغار منهم وتتزايد تلك الفئة وتتزايد معها معدلات الجريمة. طبقا لإحدي احصائيات الأمن العام فقد وصلت معدلات الجريمة في مصر إلي 140% عن العامين السابقين ورغم الكثير من القضايا الهامة تم التوصل إليها من خلال الحاسب إلا أن الحاسب وحده لا يكفي. علي سبيل المثال مشكلة البدو والصحراء الغربية ومرسي مطروح والصعيد أغلب المواطنين هناك لا يقومون باستخراج بطاقات شخصية ويتزوجون بالكلمة فعند ارتكاب الجرائم لا يقيد في الحاسب. أيضا في العشوائيات مثل عزبة أبوقرن وخير الله ومنشية ناصر شباب صاعد بها يزاولون كافة انواع الجرائم وهم غير مسجلين وليس لديهم تحقيق شخصية. اللواء حسام سويلم الخبير الأمني يؤكد ان معظمهم غير مسجلين بقاعدة البيانات بعد اختلال منظومة الأمن تزايدت معدلات الجريمة بشكل واضح وبعد حرق الأقسام وضرب الضباط الآن والقاء الشتائم عليهم بالشوارع وداخل الأقسام. وبعد الافراج عن اكثر من 3000 مجرم ومسجل خطر ماذا تتوقع ان يسود الأمن والأمان في ظل تلك المنظومة لذلك يجب بتغليظ العقوبة وردع كل من يقدم علي ترويع المواطنين وتهديد أمنهم وسلامتهم القوانين مقصورة علي انواع معينة من الجرائم ولا تفرض العقوبات المناسبة. الدستور الجديد د. حمدي طلبه استاذ علم الاجتماع الجنائي بجامعة الزقازيق يري أن الحل الأمثل للقضاء علي تزايد معدلات الجريمة والبلطجة والمسجل الخطر هو اصلاح البناء الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والسياسي تلك الأبعاد تحتاج إلي اعادة صياغة. وتفعيل العقوبات ومن حسن الحظ اننا بصدد دستور جديد عليه وضع التشريعات والقواعد التي تفعل العقوبة لأن وظيفة العقوبة الردع والمنع حتي تتناقص معدلات الجريمة. لكن للأسف المسجل أو البلطجي يلقي القبض عليه اليوم ويفرج عنه في اليوم الثاني للخطأ في اجراءات الضبط أو أي شيء آخر يشجع اقرانه علي الانضمام إليه ولن يكون الحل وحده عن طريق دور الشرطة والقضاة يجب أن تتعاون كل فصائل المجتمع لهذه الظاهرة وان يكون للاعلام دور آخر في تسليط الأضواء. لكن بعض الناس تشجع البلطجية والمسجلين علي القيام بأعمال مثل استخدامهم في الانتخابات. يجب ان تعاد النظرة في المجتمع بأشمله للتعامل مع تلك الفئات. ان كان الجهاز الأمني قد أصابه القصور وتزايدت المعدلات بنسبة 140% بعد الثورة يجب هيكلة الجهاز وان ترجع هيبة الجهاز وان يكون القانون علي مسافة متساوية من كل الناس. الترهل الأمني د. هدي زكريا استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الزقازيق تقول: كثر عدد مرتكبي الجريمة سواء كانوا مسجلين أو اشخاصاً لم يتم تسجيلهم بقاعدة البيانات الجنائية لترهل وضعف المؤسسة القانونية الشرطية والتي اصبحت غير معنية بمهمتها الاساسية في حماية المجتمع من الخارجين علي القانون وتركزت مهمتها في الدفاع والحرص الشديد علي النظام الحاكم ومن يعملون بالمناصب العليا. المسجل خطر الآن يظهر في شاشات التلفاز ويقوم المذيعون باستضافته علي انه نجم ويعلن عن نفسه دون خوف وهذا ما رأيناه في أحد البرامج عن مسجلين خطرين تم استضافتهم واعلنوا توبتهم وتوجهوا إلي محافظ السويس من أجل بدء حياة كريمة بعمل جديد. كان العمل المنتظر لهم عامل نظافة وظهر مرة أخري المسجلين في شاشة التلفاز محدثين محافظ السويس ومعلنين رجعوهم لعالم الجريمة حيث أنه الافضل والأكثر عائداً. ضابط المباحث الآن كالطالب الذي يذاكر في كتاب والكتاب هو قاعدة المعلومات التي يسجل فيه المعلومات الجنائية عن مرتكبي الحوادث ويقوم بالتطبيق وان لم يجد في الكتاب شيء سوف يغلق القضية. لا للطوارئ يقول المستشار القانوني حسام حسن: قانون الطوارئ ليس له أي ضمانات تذكر لحقوق الانسان وان رجوع قانون الطوارئ يعطي الفرصة للبطش بحقوق الانسان دون أي قيود حيث يعطي الصلاحية المطلقة للسلطة التنفيذية. بعد ان تبين ان النصوص القائمة في القانون الحالي لم تعد كافية لمواجهة ظاهرة البلطجة في الشارع المصري فنحن الآن بصدد دستور جديد يجب ان تفعل فيه العقوبات وتغلظ عن مرتكبي الجرائم. ويتصدي للبلطجية من خلال اعادة صياغة قانون للبلطجة للتصدي للخارجين علي القانون دون اللجوء لقانون الطوارئ. يقترح ان يتم اتباع سياسة ثقافية واعلامية تحث الجماهير علي المشاركة في التصدي لظاهرة البلطجة وعدم الركون للسلبية وايجاد صورة من التنظيمات التي ينصهر فيها دور الأسرة والدين ورجال الأمن في الوقاية من ظاهرة البلطجة والعنف بوجه عام. وان يتم عقد لقاءات وندوات يشترك فيها الشباب داخل النوادي ومراكز الشباب للوقاية من البلطجة وظاهرة العنف علي أن يتم ذلك بأسلوب متميز ويجمع بين الترغيب والترشيد.