اقرأ. فإن أول ما أنزل من القرآن "اقرأ". اقرأ باسم ربك الأكرم. اقرأ وتدبر.. ولا تتحير. فالقراءة نور قبس من ضياء وشعاع يهدي إلي طريق الخروج من المأزق الذي نحن فيه. اقرأ. اقرأ.. ولا تقرأ أية كلمة ضالة. أو تقود إلي ضلال وطريق بلا ظلال.. خاصة في هذه اللحظات الحاسمة الفاصلة ولذلك ومع القراءة لابد أن تتأمل كيف ولماذا وصلنا إلي هنا إلي ما نحن فيه اليوم؟ هل لديك جواب؟ فهل تعرف خطوة البداية؟ إذن ويمين الله سنقترب من النهاية. التي هي أيضا بداية. لما سيأتي وهر قريب أو وشيك بشرط أن نقرأ جيدا ونستوعب جيدا ونخطو معا في طريق من نور الكلمة فيه هي البداية وفي البدء كان الكلمة فاقرأ وتدبر فنحن انت وأنا نعيش وسط طوفان من الكلمات ومن الرموز والعلامات وهي جميعا ليست كلام ساكت بل لكل كلمة مغزي ومعني ودلالة ووضوح كامل لا تحتمل تفسيرات متعددة أو ملتوية ففي لحظات الحسم الفاصلة لابد أن تكون الكلمة قاطعة حادة كنصل السكين وإلا فلا "بلاها" ان أحدا مهما أوتي من قوة وسلطان. لا يستطيع أن يفرض علي آخر أن يقول ما لا يريد قوله قد يمنعه من أن يقول ما يريد ولكن لا يستطيع مهما أوتي من قوة وسلطان أن يجبره علي ما لا يريد ان هذا هو تاريخ الكلمة المقاومة منذ بدء الخليقة إلي أن يطوي الله الأرض وما عليها طي السجل للكتب.. اذن يبقي السؤال ماذا نقرأ؟ لاشك انك مثلي قرأت بيان الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة قوات الشعب المصري المسلحة. سيف الشعب ودرعه وسور حمايته وضمان أمنه القومي.. البعض قرأ البيان علي انه انذار ثم اختلف كثيرون حول الهدف انذار لمن؟ ولماذا؟ هنا يكفي حقا وصدقا. قولا وفعلا من القلادة ما يحيط بالعنق والقلادة في عنق الشعب واضحة واضحة صريحة صريحة. بديعة "لسنا في معزل عن المخاطر التي تهدد البلاد" ألا يكفي هذا؟ فما بالنا وهناك المزيد والمزيد مما يستوعبه كل من يلقي السمع وهو بصير "ان القوات المسلحة علي وعي كامل بكل ما يدور في الشأن العام الداخلي دون المشاركة أو التدخل لأنها تعمل بتجرد وحياد كامل وولاء رجالها لمصر وشعبها العظيم". أحسنت وأجدت أيها القائد. فهل لديك من مزيد؟ نعم وها هو واضح ساطع: "إرادة الشعب المصري هي التي تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاعة ونحن مسئولون مسئولية كاملة عن حمايتها ولا يمكن أن نسمح بالتعدي علي إرادة الشعب" وكأنه هنا يقول بل هو يقول: اذا الشعب أراد فلابد أن يستجيب الجيش. أما جوهر البيان وخلاصة الخلاصة فهي قول قائد جيش مصر "ليس من المروءة أن نصمت أمام ترويع أهلنا المصريين والموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر في وجود جيشه" ولنا أن نلاحظ التعبيرات ذات المغزي والمعني "أهلنا المصريين و"شعب مصر".. مع ان السياق كان يمكن أن يكتفي بالحديث عن أهلنا دون توصيف وعن الشعب دون اضافته إلي مصر ولكن التوصيف والاضافة هنا عمقا المعني وأعطياه المزيد من الوضوح تحديدا لمهام جيش شعب مصر وقواته المسلحة التي تجنبت في الفترة السابقة الدخول في معترك السياسة إلا ان مسئوليتها الوطنية والتاريخية والأخلاقية تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع والاقتتال الداخلي أو التخوين أو التجريم أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة. وليس لدي المرء ما يضيف سوي أن يتذكر قول الشاعر: اذا قالت حزام فصدقوها.. فإن القول ما قالت حزام.. ولعمري ما ضاقت بلاد بأهلها..!! وللقائد العام الشكر. المثني ليس علي هذه الأقوال بل علي ما تعبر عنه من أفعال ومواقف ومع بيان السيسي في الندوة الاستراتيجية ومنه ننتقل إلي بيانين لا يقلان أهمية. هما بيانا أزهرنا الشريف وشيخه الجليل الطيب.. ولكل منهما أهميته في هذه اللحظات الحاسمة الفاصلة التي تحتاج حاجة شديدة إلي وضع النقاط علي الحروف بكل وضوح وقوة عزم حتي لا يطمع من في قلبه مرض وحتي يدرك من لم يدرك بعد ان لكل شيء حدا لا يجوز بأية حال تجاوزه أو تخطيه أو القفز فوقه. في بيانه الأول أكد أزهرنا الشريف كعبة اعتدالنا وحامي حمي وسطيتنا من التطرف البدوي أكد لن ادعي ومن يحتاج إلي تأكيد ممن يتمسحون بالثورة انه أول مؤسسة رسمية وصفت الذين قتلوا في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير بالشهداء خلافا لما ادعاه كذبا وافتراء هذا المدعي من ان من مات في ميدان التحرير ليس شهيدا. وأكد أيضا بيان أزهرنا الشريف ان شيخه الامام الأكبر الجليل الطيب لم يدع إلي الخروج علي رئيس الجمهورية المنتخب وانه في ظروف احتقان متوتر وحشد متبادل وكل مصري يشفق مما قد يحل بنا من فتن وخسائر أعلن فضيلته حرمة الخروج المسلح وذكر الناس بأن السفهاء في الماضي ممن لا يبحثون عن الحق وتدفعهم السفاهة والحماقة خرجوا علي الخلفاء الراشدين ولكن شيخنا الجليل الطيب قرر في الوقت نفسه ما يجمع عليه فقهاء الاسلام من النهي عن تكفير الخارجين بالقوة وهم البغاة العصاة الذين يجب التصدي لهم وان المعارضة السلمية لا خلاف بين المسلمين في جوازها أو مشروعيتها بل هو ما تكفله الآن القوانين والدساتير فماذا تريده أن يقول؟ هل يغير أحكام الشرع لأن فهما مريضا وعقلا سقيما يفهم من هذا الكلام الدقيق المحكم انه تحريض علي الخروج ودعوة إليه. ونفي أزهرنا الشريف في بيانه الدقيق معني المحكم صياغة. صحة ما تردد حول عقده مؤتمرا موسعا لتأييد فتوي الخروج علي الحاكم في المظاهرات وذكر الجميع بوجوب توخي الدقة في نقل الأخبار. فقد أصبح غياب الدقة في نقل الأخبار وتطاول الصغار علي الكبار من أهل الفقه والعلم ومن هم قدوة حسنة لنا. أصبح هذا آفة من آفات ما ابتلينا به بعد ثورتنا المجيدة التي أصبحت أضيع من الأيتام علي موائد اللئام ولذا وجب علي أزهرنا الشريف أن يتصدي لمن يحتاجون إلي أن يقال لهم "تأدب يا ولد" وقد قالها البيان بصياغة العلماء ودقة الفقهاء في مواجهة من زادهم قليل في العلم والفقه. ولما وقعت كارثة أبو النمرس التي قتل فيها أربعة من المصريين الشيعة أسرع الأزهر الشريف إلي اعلان مسئوليته العلمية والدينية والوطنية والأخلاقية وأصدر بيانا أكد فيه حرمة الدماء وبين ان الاسلام ومصر والمصريين لا يعرفون القتل بسبب العقيدة أو المذهب أو الفكر وان تلك الأحداث غريبة عليهم ويراد بها النيل من استقرار الوطن في هذه اللحظات الحرجة وتجرنا إلي فتن لابد أن ننتبه لها جميعا حكومة وشعبا ويذكر الأزهر بالحديث الشريف الذي يؤكد ان المسلمين إذا التقيا بسيفيهما. فالقتل والمقتول في النار.. وفي الختام طالب بيان أزهرنا الشريف "الجهات المعنية" بضرورة التحقيق الفوري في هذه الأحداث وإنزال أشد العقوبات بمن يثبت جرمه وبضرورة اعلاء سيادة القانون وترسيخ دولة القانون بالاحتكام إلي العدالة في كل ما يثار من نزاع. هذه الكلمات الثلاث كلمتا أزهرنا الشريف وكلمة القائد العام لقواتنا المسلحة هي وبحق بيان تاريخي ليس من هذه الجهة أو تلك بل من المصريين وإليهم في مرحلة دقيقة وموقف صعب يفرض علي المصريين كافة الإخلاص في القول والعمل. واسلمي يا مصر.