** أزعم أن مؤيدي الشريعة عموماً. ومؤيدي الشرعية علي وجه الخصوص سوف ينطلقون في أعقاب صلاة الجمعة - اليوم - في مظاهرة ضخمة للإعلان عن تأييدهم للشرعية. وتصديهم لمن يفكر في المساس بالشريعة. وفي المقابل يعد دعاة التظاهر يوم الثلاثين من يونيو العدة للإجهاز علي النظام الشرعي وتقويضه بحجة أن الإخوان المسلمين قد فشلوا في إدارة البلاد. والحقيقة أن حكم الشرع أكثر مصداقية من القانون. وأن الإخوان لن يستطيعوا أن يفرضوا قوانينهم علي جموع الشعب. فقد تذوق الشعب المصري طعم الحرية ولن يستطيع كائن من كان أن يحرمه منها بعد ثورة يناير المجيدة. ولكن علي الطرف الآخر الذين يرتدون عباءة تمرد أن ينتبهوا إلي الخطر المحدق بالوطن. فالإخوان فصيل مصري وطني لا ينكره إلا كل مغرض وجاحد. وإذا كانت القوي السياسية المسماة بالليبرالية والعلمانية وما شابه قد رصدت موقفين لعضوين بحزب النور أساءا بشكل أو بآخر للإسلام السياسي. فإن هذه القوي ذاتها عليها أن تعترف بدور الإخوان المسلمين الهام والمؤثر في نجاح ثورة يناير. فقد شهد بذلك العديد من رموز المعارضة من إعلاميين وكتاب ورجال أعمال إلي جانب سياسي مخضرم خرج من رحم النظام السابق مثل الدكتور مصطفي الفقي وجميعها شهادات موثقة بالصوت والصورة لساويرس وعمرو أديب وبلال فضل وغيرهم. ومن ثم تصبح دعوات تمرد ومن يدور في فلكها دعوات مغرضة. فلم أسمع عن إخواني مختلس أو إخواني خائن أو إخواني يستثمر أمواله لنشر الفوضي في البلاد أو إخواني يتحالف مع شياطين الإنس ضد شرع الله. وعلي الذين ينصبون محاكم التفتيش للإخوان أن يراجعوا مواقفهم ويعلوا مصالح مصر فوق الجميع. وواقع الحال أن الإسلام السياسي في مصر قد اقترب أو كاد من فرض سياج منيع للزود عن الشريعة ولن يسمح بحال من الأحوال بسقوط الشرعية. وكما أكد السلفيون في حزب النور. فإن شرعية الرئيس خط أحمر. ** وما بين الشرعية والشريعة أتوقف أمام دعوة اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية يوم الثلاثاء - الفائت - حيث وجه الوزير الدعوة إلي مؤيدي الإسلام السياسي بعدم النزول يوم الثلاثين من يونيو الجاري. وأكد في دعوته علي حياد وزارة الداخلية وأنها لن تحمي مقار الأحزاب. وعلي الأحزاب أن تحمي مقارها. وفي الوقت ذاته بدت دعوة الوزير تتحقق علي الأرض في أعقاب حركة المحافظين الجديدة في اليوم السابق لدعوته حيث خرج عشرات المتمردين في خمس محافظات لمنع المحافظين الجدد من القيام بمهام عملهم لأنهم ينتمون إلي جماعة الإخوان. كما بدت بشائر التظاهرات السلمية المزعومة واضحة في محافظة الفيوم عندما تصدي المتمردون لجماعات الإسلام السياسي التي خرجت في مسيرات سلمية رافضة لدعاوي الانتخابات الرئاسية المبكرة ومتمسكة بشرعية الرئيس. وبناء عليه فإني اختلف مع دعوة وزير الداخلية واعتبرها بمثابة ضوء أخضر للمتمردين علي الشرعية لبث الفوضي وإشعال الحرائق في مقار الأحزاب الإسلامية والإصرار علي إسقاط هيبة الدولة. واطمئن وزير الداخلية أن الوضع تحت السيطرة بحول الله وقوته لأن مصر الأرض والشعب والتاريخ سوف تظل حجر عثرة تتحطم عليه مخططات المتمردين في الداخل والخارج. وعلي الشعب المصري الصامد المثابر أن يتوحد في مواجهة المتربصين به من فئات ضالة تنصهر في الثورة المضادة وتنفق المليارات لتحقيق ردة مستحيلة علي الإسلام. فلم تعد القضية قضية المأجورين الذين يتحركون تحت مظلة جبهة الخراب ويسيرون علي خطي الإعلام الفاجر. بل هي قضية التمكين لدين الله وقد أصبحنا علي بعد خطوات منها.. هكذا يخبرنا رب العالمين في سورة يوسف - 40 -: "إن الحكم إلا لله".. إن الحكم إلا لله.. إن الحكم إلا لله. ** آخر الكلام: ليست حرباً أهلية ولن تكون. فمصر المحروسة كتلة واحدة لا تتجزء. وسوف يتعانق الهلال مع الصليب إلي يوم الدين. وعلي شبابنا الوطني أن يعلي المصالح العليا لمصر وأن يكتشف حقيقة المتمردين قبل فوات الأوان. فالشباب وحده هو القادر علي قيادة سفينة الوطن إلي بر الأمان عبر التداول السلمي للسلطة ونبذ العنف. وعلي شبابنا المغرر به أن يدرك أن مستقبله مرتبط بزوال النظام السابق. وما أدراك ما النظام السابق. فالأرقام لا تكذب. وللتاريخ فقد خلف عصر المخلوع خمسة ملايين سكان عشوائيات. وثلاثة ملايين مرضي بالكبد والفشل الكلوي. ومليونين مرضي بالسرطان. وأربعة ملايين يسكنون المقابر. وسبعة ملايين عاطل وتسعة ملايين عانس. إضافة إلي خمسة تريليونات سرقات واختلاسات بشهادة الاتحاد الأورروبي. والتريليون لمن لا يعرف يساوي ألف مليار من العملات. جنيه كان أو دولاراً.. هذا قليل من كثير في سجل جرائم النظام السابق. ناهيك عن التبعية السياسية والاستبداد والإقصاء والتهميش وإهدار إنسانية الإنسان وكبت حرياته. ناهيك عن تفشي الأمية في مختلف محافظات الصعيد وبحري حيث تجاوز عدد الأميين ثلاثين مليون أمي لا يجيدون القراءة والكتابة.. أليست هذه أسباب كافية لكي نحتمي بالدستور والقانون ونلوذ بالشرعية ونتصدي لكل من يريد اغتيال الديمقراطية ونخرج اليوم وغدا بلافتة رئيسية تطالب فقط بتحديد موعد عاجل للانتخابات البرلمانية حتي تكتمل مؤسسات الدولة ونعبر المرحلة الانتقالية علي وجه السرعة. ويومها سوف يتحقق المثل الشائع: "الميه تكدّب الغطاس".. وعندئذ سوف يكشف الصندوق عن الصالح من الطالح.