أرسل لي صديقي ياسر عزت الشاذلي مدير مركز معلومات الغرفة التجارية بالشرقية وهو شاب طموح. يعمل في إدارة متخصصة في البحث عن حلول المشاكل والهموم الاقتصادية في مصر. ويتم نشرها ليستفيذ منها الجميع. وقد أرسل "رحلة في عقلية مدير ياباني". "ماتسوتاكي.. اذهب ونظف حمامات المحطة!" كان ذلك أول أمر يتلقاه الشاب الياباني من مديره في بداية أيام العمل في شركة القطارات اليابانية بعد التخرج في جامعة يابانية عريقة في قسم الهندسة. أذعن الشاب للأمر وبعد الانتهاء. استدعاه مديره ليسأله كيف كانت مشاعره بعد تنظيف الحمامات؟.. أجاب ماتسوتاكي: "سررت بتنفيذ أوامراك يا سيدي.. لكنني وبصراحة لم أكن مرتاحا خلال أداء المهمة".. تبسم المدير قائلا: "يا بني ان هناك من يقوم بهذا العمل يوميا من موظفي الشركة بدونهم لا يمكن للعمل أن ينجح وهدفي أعلمك أهمية احترام كل فرد وكل جهد في المؤسسة مهما كان صغيرا!!". أصبح هذا الشاب رئيسا لتلك الشركة لاحقا. ويعمل حاليا نائبا لرئيس المجلس الياباني الاقتصادي الأعلي "كيدانرين". أما أبو الإدارة اليابانية السيد ماتسوشيتا كونوسكي مؤسس أكبر شركات الأجهزة اليابانية. فقد اخطأ سائقه الطريق مرة. مما أدي لتأخره ساعة كاملة عن موعده مع مؤسسة أخري. كان ماتسوشيتا حازما وصارما ولا يسمح بالأخطاء ولا يتهاون فيها. فأصدر في اليوم التالي قرارا وزعه علي جميع أقسام الشركة بخصم مرتب شهر كامل من مخصصاته في الشركة بسبب تأخره وتحمل هو المسئولية بكل شجاعة. ولا يتحمل السائق الذي اخطأ الطريق. فقد اعتبرها مسئوليته إذا لم يخصص نظاما للتأكيد من الطرق وتوعية سائقه.. هكذا تكون القيادة والإدارة وتحمل المسئولية والحسم مع كل كبير وصغير. ومن أهم السمات التي تميز الإدارة اليابانية أن مطبخ القرارات هو الإدارة التنفيذية وليس الإدارة العليا مما يسمح بمشاركة مختلف أفراد المؤسسة. في صناعة القرارات وتأهيلهم لتولي المناصب القيادية في المستقبل. ونجاح المدير يرتبط بمدي قدرته علي اعداد كادر من مديري وقيادات المستقبل. ففي اليابان من العرف انه إذا دخلت مكتب مدير مدرسة أو جامعة فستجد صورا لجميع المديرين السابقين ليستشعر المدير الجديد عظم المسئولية وبأنه يكمل مسيرة من قبله وان علاقته بهذه المؤسسة يوما من الأيام ستكون ما ترك من اثر وعمل. مجرد صورة معلقة في جدار المبني والجميع سواسية والكل حريص يوميا علي أن يترك مكتبه وكتابة جميع الملاحظات بوضوح "لا أترك المكتب كل يوم إلا وقد تأكدت من ان أي مدير جديد يستطيع من صباح الغد أن يبدأ مهامه بكل سهولة ولن يتأثر عمل الشركة لو وافتني المنية لأي سبب ولم أتمكن من الحضور".. هكذا تكون النهضة والتقدم الاقتصادي لأي دولة.. بالتخطيط والعمل والإدارة الجيدة.. فالتقدم أفعال لا أقوال.