في الوقت الذي دخلت فيه مصر مرحلة الفقر المائي بسبب السدود التي بدأت دول منابع النيل إقامتها نفقد سنويا كميات هائلة من مياه النيل قدرتها الدراسات الحديثة بثلاثة مليارات متر مكعب بسبب تكاثر نبات ورد النيل علي جانبي نهر النيل والترع والمصارف مما أدي إلي حرمان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية من الري وفي نفس الوقت تتلف سنويا المحاصيل بسبب التخلص من مياه الصرف الصناعي غير المعالج في المجاري المائية مباشرة مما يغير نوعية المياه ويجعلها غير صالحة للتكرير أو الاستخدام بسبب احتوائها علي المعادن السامة الثقيلة. عبدالمجيد حسن "مزارع" بمنشأة القناطر يقول: ورد النيل نبات ضار لأنه يتكاثر بسرعة فائقة ويغلق مضخات الري ويمتص كميات كبيرة من الأوكسجين المذاب في الماء مما يغير من طعم الماء ويجعل رائحته كريهة. يضيف منصور أحمد من البحيرة: بسبب إهمال المسئولين بوزارة الري في إحضار "الكراكات" لتطهير نهايات الترع من ورد النيل والحشائش حرمت الأراضي الزراعية من المياه لري محصول بنجر السكر الذي تعرض لتلفيات وخسائر فادحة تحملها المزارع البسيط. ويشكو عيد عبدالرحمن من الجيزة من انتشار الذباب والبعوض علي جانبي النهر بسبب تكاثر ورد النيل والتباطؤ في إزالته. الثروة السمكية خلف مرزوق "صياد" بمحافظة كفر الشيخ يشير إلي أن نمو ورد النيل يضر صائدي الأسماك فهو مأوي لتكاثر أنواع عديدة من الذباب والبعوض والقواقع التي تعتبر الوسيط الناقل لمرض البلهارسيا فضلا عن أنه يشكل بيئة مناسبة لإيواء الثعابين. ويوضح أحمد يحيي "باحث زراعي" ان نبات ورد النيل من الحشائش التي تنمو بصورة كبيرة في المياه العذبة وفي الأشهر ذات الحرارة العالية ويتكون من مجموعة جذرية تحت سطح الماء ومجموعة خضرية تطفو فوق سطح الماء ويستهلك كميات كبيرة من المياه تقدر بحوالي لتر من الماء يوميا للنبات الواحد. أما حسام خليل رئيس الجمعية التعاونية لصائدي الاسماك بعزبة البرج فيقول: إزالة ورد النيل مسئولية وزارة الري نظرا لخطورته فهو يؤثر علي نوعية المياه ويقلل محتواها من الأوكسجين وكذلك نوعية الاسماك المتواجدة في محيطه بالسلب. الدكتور محمد النواوي الاستاذ بكلية الزراعة جامعة عين شمس يقول: تلجأ مصر لمكافحة ورد النيل بالطرق البيولوجية والميكانيكية معا والطرق الميكانيكية أفضل وأرخص لأنها لا تضر المياه ولا البيئة ويمكن الاستفادة من ورد النيل بإدخاله في منظومة الأعلاف المتكاملة المستخدمة في تسمين العجول أو تغذية ماشية اللبن. أحمد حسين يشير لجانب آخر من منظومة فاقد المياه وبالذات المصانع التي تصرف في النيل مباشرة كمصنع الحوامدية لتكرير السكر الذي يحوي بداخله مصنع للكيماويات والتقطير والعطور والحلوي جميعها تلقي بمخلفاتها عن طريق مواسير ممتدة لنهر النيل للبيئة. حسنين الدسوقي فلاح أكد أن المياه الخارجة من ماسورة شركة السكر مليئة بمخلفات المصنع الذي أوهمنا المسئولون أنها مياه نقية ولكنني كفلاح أجد المخلفات أثناء ري أرضي الواقعة في الجهة المقابلة لشركة السكر وقد قام وزير البيئة بجولة مفاجئة للمنطقة منذ 8 شهور وشاهد مظاهر المخلفات من شركة السكر وأمر بتحرير محاضر دون جدوي. أما أحمد إسماعيل صياد من الحوامدية يقول إن المنطقة المحيطة بالصرف الصناعي الخاص بسكر الحوامدية خالية تماما من الاسماك مما يؤكد أن المياه القادمة من الشركة بها مخلفات كيماوية وخطيرة علي نهر النيل الذي يعد مصدر رزق لكثير من الصيادين. الصرف في النيل مصدر مسئول بإدارة التفتيش البيئي يؤكد أن مخالفات شركة سكر الحوامدية والصناعات التكميلية لا تزال مستمرة حيث تقوم الشركة بصرف النفايات الصناعية السائلة علي نهر النيل وان تلك المخلفات شديدة الخطورة والسمية لانها تضم مواد كيميائية وعناصر ثقيلة بتركيزات أعلي من المسموح بها عالميا ومحليا. وفجر قنبلة من العيار الثقيل قائلاً: إن محطة معالجة مياه الشرب تقع بمكان مجاور لأنابيب الصرف وقد تم تحليل عينات من مياه الشرب في المدينة بواسطة المعامل الحكومية وتبين تلوث مياه الشرب بالعناصر نفسها وأكد الاطباء أن استخدام هذه المياه لفترات طويلة يسبب الفشل الكلوي والسرطان وأمراض الكبد وقد تم تحليل عينات من الأسماك أيضا التي تعيش في نطاق الشركة وتبين احتوائها علي مواد شديدة السمية تسبب تشوه الأجنة والتخلف العقلي للأطفال. ورغم أن وزارة البيئة طالبت مصنع سكر الحوامدية باتخاذ الإجراءات لنقل الصرف الصناعي للشركة إلي محطة الصرف الصحي بمنطقة أثر النبي بمصر القديمة بواسطة الصنادل النهرية لحين ربط الصرف بعد معالجته بشبكة الصرف الصحي للمدينة التي تم افتتاحها مؤخرا إلا أن ذلك لم يحدث.