تباينت ردود أفعال أهالي الوادي الجديد حول قرار المحافظة بطرح الأراضي الزراعية للبيع بالمزاد العلني لكبار رجال الأعمال والمستثمرين منهم من يري أن القرار عودة لنظام الإقطاع فمن يملك الأموال يتمكن من شراء عشرات الآلاف من أجود الأراضي الزراعية بينما الفقراء ومحدودو الدخل وصغار المزارعين وشباب الخريجين لا يملكون شراء متر واحد مما يعتبر إخلالا بمبدأ المساواة والعدالة التي ثار من أجلها المصريون خلال ثورتهم العظيمة فضلا عن أن القرار يساهم في زيادة أعداد العاطلين والباحثين عن فرص عمل شريفة خاصة خريجي الكليات والمعاهد والمدارس الزراعية والبيطرية ... ضاعف من حجم المأساة أن رجال الأعمال أنفسهم اختلفوا حول القرار الذي تضمن طرح 20 ألفاً و600 فدان بمناطق سهل بركة وعين دالة وأبو منقار والقس أبو سعيد بواحة الفرافرة فضلا عن 500 فدان بمدينة الخارجة وذلك بسبب أن المحافظة اشترطت علي المستثمرين ورجال الأعمال والشركات المتخصصة في مجال استصلاح وزراعة الأراضي أن يكون البيع وفقا لنظام حق الانتفاع السنوي لمدة 25 عاما فقط وهو ما يتنافي مع المبدأ العام أن الأرض ملك لمن يزرعها خاصة أن مشروعات استصلاح الأراضي من المشروعات باهظة التكاليف خاصة في المناطق الصحراوية والتجمعات العمرانية الجديدة والتي تحتاج إلي سنوات طويلة حتي تؤتي ثمارها المرجوة ولذا فشل المزاد الأول التي أعلنت عنه المحافظة العام الماضي ولم يتقدم مستثمر واحد للمنافسة علي الحصول علي تلك الأراضي لعدم جدواها بينما يري فريق أخر أن طرح الأراضي الزراعية للبيع بالمزاد العلني يحقق أكثر من فائدة أولها رفع سعر الأراضي بما يتناسب مع قيمتها الحقيقية فضلا عن عدم الوقوع تحت طائلة القانون خاصة أن المحافظة تلقت فتوي من مجلس الدولة انتهت إلي بطلان جميع الإجراءات التي تمت من قبل لتخصيص الأراضي للمشروعات الاستثمارية بالمحافظة بالاتفاق المباشر بين المحافظة والمستثمرين وبطلان جميع العقود التي تم إبرامها مع المستثمرين ورجال الأعمال لمخالفتها لأحكام القانون رقم89 لسنة1998 الخاص بالمناقصات والمزايدات وانتهت الفتوي إلي وجوب التصرف في أراضي ملك الدولة للمستثمرين عن طريق المزاد العلني الأمر الذي وضع القيادات التنفيذية بالمحافظة في مأزق قانوني خطير وبالتالي تم اختيار أسهل الطرق وطرح تلك الأراضي بالمزاد العلني. يقول إبراهيم أحمد محمد رئيس مجلس أدارة إحدي الشركات الزراعية أن هيئة التنمية الزراعية صاحبة الولاية لجميع الأراضي الزراعية خارج الزمام بالمحافظة كانت قد حددت سعر الفدان بالمناطق الصحراوية غير المرفقة بمبلغ 50 جنيها تشجيعا للمستثمرين ورجال الأعمال للاستثمار بهذه المناطق النائية وتعمير الأراضي الصحراوية وبالفعل جميع المشروعات الزراعية التي أقيمت منذ إنشاء مكاتب خدمة المستثمرين عام 96 تمت عن طريق التخصيص المباشر بسعر 50 جنيها للفدان وحققت تلك المشروعات نهضة زراعية كبيرة خاصة في واحتي الداخلة والفرافرة ومنطقة شرق العوينات كما أنها ساهمت في توفير عشرات الآلاف من فرص العمل الشريفة لشباب الخريجين فضلا عن إقامة العديد من الصناعات الغذائية المكملة لكن ما يحدث الآن مخالف لجميع القواعد العملية فلا يمكن لأي شركة زراعية المشاركة في تلك المزادات بتلك الأسعار الخيالية والتي لا تمت للواقع بصلة فضلا عن أن نظام حق الانتفاع لا يطبق علي المشروعات الزراعية بأي حال من الأحوال إعمالا لمبدأ الأرض لمن يزرعها مشيرا إلي أن الشركة رفضت المشاركة في المزاد السابق وترفض المشاركة في المزاد الحالي لنفس الأسباب. أضاف محمد عطية نقيب الفلاحين بالمحافظة أن نظام المزايدة علي الأراضي الزراعية لا يحقق أبسط حقوق العدالة والمساواة بين المواطنين ويمنح الفرصة للأثرياء وكبار رجال الأعمال لشراء الأرض وتسقيعها والاتجار بها علي الرغم من رفض رجال الأعمال لنظام حق الانتفاع الذي يتم تطبيقه لأول مرة في مصر مشيرا إلي أن الأولوية يجب أن تكون لشباب الخرجين وصغار المزارعين والفقراء ومحدودي الدخل والمضارين من قانون العلاقة بين المالك والمستأجر فضلا عن النقابات والجمعيات الزراعية في الحصول علي تلك الأراضي بالمجان كما كان يحدث من قبل أثناء حكم الزعيم جمال عبد الناصر الذي منح كل فقير 7 أفدنة ومنزلاً ريفيا بالمناطق العمرانية الجديدة بغرب الموهوب والفرافرة والزيات وقري التهجير بالخارجة وباريس ونجح هؤلاء الفقراء في تحويل الرمال الصفراء بتلك الواحات إلي جنة خضراء بعدما تحولوا من أجراء لدي الغير إلي ملاك لأول مرة في حياتهم. طالب بضرورة إلغاء نظام المزادات وتقنين وضع تلك الأراضي وإعادة تخصيصها بالمجان لأبناء المحافظة والمحافظات المجاورة تشجيعا للإقامة بالوادي الجديد وجذبا لشباب وادي النيل المكتظ بسكانه لتعمير كل شبر من أرض مصر. قال فاروق النشواني خبير التنمية المحلية لابد من إعادة هيكلة البنية التشريعية في مصر وإصدار حزمة من التيسيرات لجذب المستثمرين ورجال الأعمال لاستثمار أموالهم في تنمية المناطق الصحراوية والنائية وفي مقدمتها تخصيص الأرض بالمجان للجادين والإعفاء من الضرائب وإقامة البنية الأساسية التي تشمل المرافق العامة والطرق والكهرباء ووسائل الاتصالات و النقل في مقابل توفير فرص عمل لشباب الخريجين لكن للأسف نظام المزايدات وحق الانتفاع المتبع حاليا هو طارد للاستثمار وغير جاذب والخاسر الأول ومشروع تنمية الوادي الجديد وإهدار الملايين من الأراضي أملاك الدولة وتحويلها إلي ارض بور في ظل هروب رجال الأعمال والمستثمرين الجادين مشيرا إلي أن الأولوية يجب أن تكون لصغار المزارعين ثم المستثمرين. من جانبه أكد عربي حسين إبراهيم مدير عام الشئون المالية بالمحافظة أن المحافظة مضطرة لبيع الأراضي بالمزادات لأن القانون يمنع تخصيصها بالأمر المباشر ولم يمنح الحق للمحافظ أو لمكتب خدمة المستثمرين في إصدار قرارات التخصيص سواء عن طريق البيع أو حق الانتفاع خاصة أن المحافظة بعثت بمذكرة عاجلة إلي لجنة الفتوي والتشريع بمجلس الدولة لمراجعة بعض العقود التي أبرمتها مع المستثمرين والتأكد من سلامة الإجراءات القانونية التي تمت من قبل وكانت المفاجأة أن مجلس الدولة أكد مخالفتها للقانون مما وضع القيادات التنفيذية بالمحافظة في مأزق قانوني خطير تجاه المستثمرين. أشار كمال فؤاد منسق حزب الكرامة بالمحافظة إلي أن هناك عقبات أخري تقف حجر عثرة أمام المشروعات الاستثمارية بالمحافظة في مقدمتها أن أراضي المحافظة تدار بالريموت كنترول من القاهرة والسبب أن القيادات التنفيذية بالمحافظة لا تملك حق التصرف في تلك الأراضي لأنها ببساطة ملك لخمس وزارات مركزية وفي مقدمتها وزارة الزراعة ممثلة في الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية والتي تملك 50% من أراضي المحافظة المنزرعة حاليا والقابلة للاستصلاح والزراعة مستقبلا ووزارة الإسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ووزارة السياحة ممثلة في هيئة التنمية السياحية فضلا عن الآثار والطيران المدني والقوات المسلحة أما المحافظة صاحبة الحق الأصيل في ملكية هذه الأراضي لا تملك حق المنع أو المنح ودورها يقتصر علي حراستها ومتابعتها الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا من مجلس الوزراء لإعادة الحق لأصحابه إذا كانت هناك جدية لتنشيط الاستثمار بنصف مساحة مصر خاصة أن المستثمر الذي يتقدم للحصول علي قطعة أرض لإقامة مشروع عليها يصطدم بالعديد من الإجراءات الروتينية المعقدة وفي مقدمتها موافقة تلك الوزارات المركزية هذا بالإضافة إلي تنازع الاختصاصات بين أكثر من جهة.