جلست أمامي سيدة في أواخر العقد الثالث من العمر.. ظننتها من شدة حيائها وتعثرها في الكلام.. أنها مازالت فتاة لم تتزوج.. لكنها بادرتني بقولها إنها سيدة متزوجة بل وتعول ثلاثة أطفال صغار أكبرهم في السنة الثانية بالمرحلة الابتدائية.. وأضافت.. نشأت في بيت بسيط وما أن وصلت إلي نهاية العاشرة من عمري حتي توفي أبي - يرحمه الله فأغلقت أمي علي نفسها باب شقتنا وأخذت علي عاتقها أن تصل بي إلي بر الأمان.. وما أن أكملت الليسانس حتي طرق الباب ابن الحلال وكان يعمل في الخليج.. ساعتها اعتقدت أمي أن "طاقة القدر" فتحت لنا وأن الخير الوفير سيعم وأن سنوات الكفاح والعذاب لا رجعة فيها علي الاطلاق. المهم.. تم الزواج.. وذهبت إلي مسكن الزوجية.. وعشت شهرين جميلين كأي "عروسة".. ثم بدأ زوجي الاستعداد للسفر.. وبعد أيام قليلة وجدت نفسي وحيدة في شقتي مع بشائر "حمل" تتحرك في أحشائي! المهم.. سافر زوجي الحبيب.. وبعد ثلاثة أشهر بالتمام والكمال.. أرسل إلي مبلغا زهيدا من المال لا يكفي للطعام لأن "الكفيل" غضب عليه وترك العمل وهو يعمل باليومية في بعض الأشياء غير المربحة حتي يوفر قوت يومه.. ورزقني الله بالطفل الأول وزوجي في الغربة ووقفت أمي بجانبي طوال شهور الحمل وأثناء الولادة ولم تشعرني بالاحتياج ولا العوز.. في ظل الضائقة المالية التي يعانيها زوجي.. ومر عامان وعاد زوجي ووضع بذرة الطفل الثاني في أحشائي ثم مكث شهرا وسافر وظلت الضائقة المالية كما هي والنفقات تزيد وما يرسله غير منتظم ولا يكفي وأنا أبحث عن عمل بلا جدوي.. وعن منفذ للإنفاق علي الطفلين فلا أجد. جاء يوم علي لم تشرق له شمس عندما دلتني إحدي الجارات علي بائع موبايلات يبيعها بالأجل ثم يشتريها بنصف السعر في نفس الوقت لمن "ضربهم السلك" مثلي ويحتاجون إلي المال بأي وسيلة.. وهنا بدأت مأساتي فقد ضاقت بي الظروف وأعيتني الحيل وما يرسله زوجي في ظل أوضاعه المتقلبة لا يكفي بل إنه عاد إلينا حتي نحصل علي ثمرة الطفل الثالث.. في الوقت الذي غلت فيه الأسعار بل اشتعلت وتركني أواجه الأمواج العاتية وحدي وأنا أشفق عليه من الغربة والوحدة ولا أريد أن "أنغص" عليه غربته خاصة والعمر يمضي بعد أن تخطي "هو" الأربعين ولم يعد صالحا للعمل في شيء هنا في مصر.. فإما العمل بالخارج بمصائبه وإما البطالة هنا والخياران كلاهما مر.. لا أطيل عليكم والكلام مازال علي لسان السيدة وفاء زاد الحمل ودخلت دوامة إدمان شراء الموبايلات وبيعها بنصف ثمنها فتراكمت علي الأقساط والديون حتي زادت علي 60 ألف جنيه ولما تعثرت في السداد.. بدأ صاحب المال يطاردني.. وأخشي ما أخشاه أن تنتشر الفضيحة ويعلم زوجي بما جري فيصب غضبه عليّ ويكون الطلاق هو مصيري المحتوم لأضيع أنا وأطفالي بعد سنوات المعاناة.. ولقد لجأت إليكم وكلي أمل في الله سبحانه وتعالي.ثم في قلوب قرائك.. بأن أحدهم سيمد يد المساعدة والعون لي قبل أن تحدث الكارثة ويهدم بيتي الصغير ويحطم مستقبل أطفالي الذين لا ذنب لهم سوي أن أمهم "قليلة الحيلة".. لم تحسن التصرف ولم تستطع مواجهة قسوة الحياة وصعوبتها. ** وأنا أقول للسيدة "وفاء".. إن أصدقاء الباب الخيرين لن يتأخروا عنها بإذن الله وأضيف بأن كل بيانات هذه السيدة صحيحة بل إن ما كتبته هنا هو أقل القليل من معاناتها حرصا علي كرامتها من ناحية وعدم ذكر تفاصيل أكثر.. حتي لا تنكشف شخصيتها الحقيقية أمام أهلها وزوجها من ناحية أخري.. وأخيرا فإنني أنتظر منكم أن تخففوا كرب "وفاء" بجزء من زكاة أموالكم أو من بعض صدقاتكم خفف الله عنكم كرب يوم القيامة.