أخيرا سينهار جبل الديون ويهل نسيم الحرية ويعود الدفء الأسري وتنتهي المحنة التي تعيشها الغارمات اللاتي دفعن سنوات من أعمارهن خلف القضبان. بعد شراء سلع منزلية معمرة بالتقسيط الذي خرب بيوتهن. ولأن مؤسسة مصر الخير قادت المبادرة لسداد ديون عدد من هؤلاء الغارمات فقد سارعنا في تحقيقات الأهرام بنشر هذه المبادرة الكريمة, ومع أننا لم نطلب من أهل الخير من القراء التبرع لسداد ديون المزيد من هؤلاء الغارمات فقد بادر عدد من القراء بالاتصال للمشاركة في هذه المبادرة الانسانية وبلغت تبرعات بعضهم50 ألف جنيه ساهمت في فك قيد8 حالات من هؤلاء الغارمات.. ولأن نهر الخير عندما يتدفق لايستطيع أحد أن يوقفه فإننا نفتح الباب لأهل الخير لتقديم تبرعاتهم وحرصا علي أن تصل هذه التبرعات إلي مستحقيها فقد خصصت الأهرام رقم حساب خاص لقبولها وانفاقها بالتنسيق مع وزارة الداخلية قطاع مصلحة السجون علي أن نوالي نشر الحالات المحتاجة لهذه التبرعات. فقد كان هنا للاهرام وقفة وقد عودتنا دائما عليها فقد تمت المراسلة بين أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام والسيد اللواء عاطف شريف مساعد وزير الداخلية رئيس قطاع السجون للوصول الي صيغة قانونية لفك أسر عدد من هؤلاء الضحايا بشكل قانوني بعد رد ديونهن للمدينين في مبادرة لإعادتهم للحياة وكانت اللفتة الكريمة من اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية واللواء عاطف شريف مساعد الوزير لقطاع السجون والموافقة علي التعاون بين جريدة الاهرام والقطاع لمساعدة الامهات البائسات للعودة للحياة لرعاية أسرهن وأطفالهن وحماية المجتمع من إفراز المزيد من المجرمين والخارجين عن القانون, وخاصة أن90% من السجينات يشاركهن أزواجهن في السجن كضامن لهن أو متضامن ليتركوا أطفالهما ترحب جريدة الأهرام بمزيد من التبرعات من أهل الخير لمساعدة الامهات الغارمات علي حساب تبرعات بريد الأهرام المخصص ل سجينات الفقر للافراج عن المزيد من الضحايا في الشهر الكريم. وقد وقع الاختيار علي أول مجموعة وعددها8 سجينات وتتراوح ديونهن ما بين500 جنيه و5000 جنيه وتتراوح أعمارهن بين25 سنة و70 سنة ومدة العقوبة بين6 سنوات و75 سنة وفقا لاوراق قطاع السجون وقبل كل ذلك نشكر القارئ الكريم الذي فتح باب الخير والامل وارسل التبرعات دون أن نطلبها. وقبل أن نحكي قصة بعض السجينات الغارمات فاننا نعترف أولا بأن المصادفة وحدها هي التي قادتنا إلي عنبر13 بسجن القناطر عنبر الغارمات او سجينات الفقر أمهات فقدن حريتهن في مقابل قروش بسيطة ووقعن فريسة للجهل والفقر والتخلف والمكيدة ومعدومي الضمير, كان في البداية الهدف من الكتابة للتحقيقات عن الغارمات هو لفت النظر اليهن في محاولة لرفع الظلم عنهن والنظر اليهن بروح القانون وليس نصوصه الجامدة والظالمة أحيانا للافراج عنهن لانهن لسن مجرمات بل ضحايا الفقر والجهل وسوء الطالع والعوز. وطالبنا في التحقيقات بتخفيف الأحكام عليهن والتي تصل لبعض المتهمات الي70 سنة حبسا مطلقا في مقابل اقساط متأخرة لشراء بوتاجاز أو ثلاجة أو غسالة أو غرفة نوم لجهاز بناتهن وقعن في مقابلها علي مئات الشيكات والكمبيالات علي بياض كشرط أساسي للتعامل مع الفقيرات المعدمات من قبل تجار التجزئة والمحترفين أو ضمانا لإحدي الجارات بحسن النية لتختفي الجارة بعد شهرين أو ثلاثة وتجد الأم البائسة نفسها خلف القضبان بينما احترف التجار الفاسدون لعبة بيع أجهزة للفقراء ثم شراءها منهم مرة أخري في نفس اللحظة بربع الثمن لفك أزمة أي أسرة تحتاج لسيولة ضرورية لحاجة ما سواء سداد دين أو علاج مريض ويوقع المضطر علي الشيكات بالمبالغ الاصلية وشيكات أخري ضامنة المبلغ مجمعا ليتضاعف المبلغ الذي حصل عليه المحتاج أضعافا مضاعفة فيصل مبلغ500 جنيه إلي5000 جنيه وأكثر ويجد صاحب الدين نفسه عاجزا عن السداد ويجد نفسه فجأة خلف الاسوار والقانون لا يعرف سوي النصوص والمستندات التي يحكم ترتيبها المخادعون ويسقط الجميع في الخديعة لنقص الوعي والجهل والفقر والعوز والحاجة الملحة والحرمان. وبمجرد نشر العديد من التحقيقات تدفق نهر الخير ومد بعض الخيريين أيديهم بتبرع بقيمة50 ألف جنيه في استجابة كريمة من القراء لمساعدة الغارمات للخروج من خلف القضبان وممارسة حياتهن واستعادة حريتهن بعدما كادت تتحطم أسرهن بسبب هذا الخطأ الجسيم وهذا الظلم المعيب. وقد ساعدنا في هذا العمل الخيري مكتب محمد إصلاح المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة الذي لم يتقاض مليما واحدا في عمل كافة الاجراءات القانونية متبرعا لوجه الله فنقدم له جليل الشكر والعرفان. والدفعة الأولي من هؤلاء السجينات تروي حكايات قد لا نصدقها لكنها حقيقية من واقع ملفات مصلحة السجون الضحية الأولي: مني عبدالحسيب إبراهيم أم لاربعة أطفال أعمارهم:12 9 7 6 وزوجها ارزقي لايعمل كثيرا كانت تمر بأزمة مالية بقيمة200 جنيه فأرشدها( ولاد...) علي رجل يقرض المحتاجين ولكن لابد أن توقع علي شيكات بمبالغ أكبر لضمان حقه وفوجئت بأنها لا تستطيع تسديد المبلغ الذي وصل الي1000 جنيه وكان زوجها ضامنا لها فحبس7 سنوات اما هي فحبست14 سنة وتفرق اطفالهما في دار رعاية لصغر سنهم اما عمهم فقد تكفل بالطفل الأكبر والاخر تسلمته عمته التي تعمل خادمة لتنفق عليه تقول مني: لم أكن أتوقع أن حياتي ستنتهي لاحتياجي الي200 جنيه وضاع أطفالي الاربعة ولا أعلم عنهم شيئا ولا أنام منذ أن دخلت السجن لخوفي وفزعي علي ما حدث لي ولكن أحب ان أنبه أن الكثير من صديقاتي وجيراني قد وقع في نفس الفخ وصاحب الشيكات باعها لطرف آخر بنصف ثمنها فدفعنا للضياع والضحية الثانية: مديحة سيد أحمد العجمي تقول: ظهر تاجر في المنطقة اشتريت منه غرفة نوم وكمبيوتر ب6000 جنيه وعندما تعثرت في دفع الاقساط وجدت أن المبلغ20 الف جنيه بشيكات كثيرة ليست6 آلاف جنيه لان كل الشيكات التي وقعت عليها وقعت عليها علي بياض وكان هذا شرطه الوحيد لكي يعطيني غرفة النوم والكمبيوتر لاحق لي, وتركت أطفالي عند عمي في منطقة الساحل ولا أعرف عنهم شيئا وحصلت علي حكم بالحبس5 سنوات و7 سنوات و10 سنوات وللاسف سجن زوجي لانه ضامن وتركنا أطفالنا للضياع وخاصة أن المحامي كان مفتقدا للضمير قد وعدنا بمساعدتنا وجمعنا من أهلنا وأعطيناه الاتعاب ثم اختفي. أنا أعترف بخطئي ولكن خطئي لا يساوي عمري بالكامل يضيع واسرة من5 أطفال وقد فقدت أمي بصرها من البكاء علي وعلي أطفالي وحياتي وأنصح كل أم وأب أن يأكلها بالملح ولا يمد يده للسلف أو أخذ ديون بشيكات كنت أفضل التسول عن السجن. الضحية الثالثة: وهالة31 سنة.. قد وقعت علي كمبيالات ومدة حبس مفتوحة لانني كلما أقضي مدة عقوبة وبعد الافراج بيوم واحد أجد شيكا أو كمبيالة أخري لا أعرف من اين أتت وليس لدي الاموال التي أستطيع أن أحضر خبيرا لكي يثبت أن توقيعي مزور وأنا كنت أعمل في مصنع وبعد ذلك عملت في مستشفي وتزوجت وللاسف زوجي قد حبس متضامنا معي وحصل علي حكم10 سنوات ولدي طفلة تبلغ من العمر3 سنوات تركتها عند أهلي في منطقة عين شمس ولا أعرف عنها شيئا وفطر قلبي من البكاء عليها. الضحية الرابعة: كريمة أحمد عبدالحميد تقول أنا من أسرة فقيرة تزوجت من سائق سيئ الخلق ولان نومي ثقيل وجدت زوجي قد بصمني علي أوراق وكمبيالات وشيكات وهددني وطعنت بالتزوير ولكن وجدوا بصمتي حقيقية وحصلت علي حكم3 سنوات لأفاجأ بمبلغ ثان بقيمة80 ألف جنيه لا أعرف عنه شيئا ولو كان البحث الجنائي اخد في اعتباره أن الزوج بسيط فمن أين له كل الاموال لافرج عني وأنا أشكو الله سبحانه وتعالي أن يرفع الظلم عني ولكن القاضي قال لي بالحرف الواحد أنا واثق أنك بريئة ولكن لا أتعامل الا مع الاوراق وقمت بابلاغ المحامي العام وأعيد التحقيق في الموضوع لاجد شيكات أخري ب89 ألف جنيه, والحقيقة كل ذلك لانني رفضت أن أعمل معه في تجارة المخدرات وأنا أسكن في مدينة أخميم في محافظة سوهاج وحاليا أقيم في سجن القناطر لوجود حكم آخر هناك وبعد ان تعرضت لهذه الخديعة فإن أمي علي وشك أن تموت لانها لم تصدق حتي هذه اللحظة أن الزوج يمكن أن يقوم بهذه الفعلة لزوجته وإبنتها. الضحية الخامسة: صباح شعبان إمبابي تقول لقد حبست لان زوجي مر بضائقة مالية وقمت بضمانه وكان المبلغ20 الف جنيه ثم قدر الله أهل الخير لدفعها وللاسف حتي الان لم يفرج عني للانني لدي عدة شيكات لضمان سيارة لزوجي.. وقد نفذت حبس سنة ومازال هناك3 سنوات خلف القضبان وعندي وليد13 سنة وكريمة10 سنوات وللاسف زوجي أيضا في السجن ومش عارفة أعمل ايه أتمني من الله ان يرضي عني لأخذ اطفالي من الضياع ولن أضمن أحدا مدي الحياة حتي ولو كانت أمي وقد اثر حبسي علي اسرتي فقد فسخ خطيب أختي خطبته من أختي وأختي الثانية مهددة بالطلاق والمعايرة من أهل زوجها وأطفالي عندهم حالة نفسية ويعالجون في احدي المصحات( عند الدكتور عصام مهدي) لان أطفالي بعد الحادثة فقدوا الام والاب بعد أن ضاع بيتهم وكان كل ذلك نتيجة الحاجة والفقر والجهل وسوء التقدير وأتمني من الله أن يمد أهل الخير لنا أيديهم لاننا لسنا مجرمين الضحية السادسة: كمالات محمد أحمد محبوسة علي ذمة قضية في مقابل10 آلاف جنيه والحقيقة كمالات نموذج للمرأة المصرية الطيبة المسالمة فقد قامت فقط بضمان جارتها وبعد عدة شهور هربت الجارة وأصبحت أمام القانون مجرمة وهي تبلغ من العمر71 سنة لابد أن تدفع الثمن وأقام أهلها معارضة ثم إستئناف ولكن كانت الكفالة كبيرة ليست في حوزة الاسرة مما أدي إلي دخولها السجن ثم استعانت اسرتها بمحام وأصبحت الان محبوسة في مقابل5 آلاف جنيه وهي تقطن في منطقة امبابة وهي للاسف سيدة مسنة ورغم ذلك كانت تعمل في أحدي المصانع للملابس في المكواه والتشطيب وأولادها حزناء علي أمهم المسنة التي لا تتحدث مطلقا داخل السجن الضحية السابعة: نضرة بخيت مبارك قد تورط زوجها مع أحد المقاولين واتهمه بأنه غش في مواد البناء وطلب دفع التلفيات وكانت شيكات ضمنته فيها زوجته لتدفع ثلاث سنوات من عمرها في السجن وهي كما تقول حارسة السجن لاتكاد تنام من بكائها علي حظها وعلي اطفالها التي فقدتهم دون اي جريمة أو ذنب.