لن نعمر سيناء ولن يتوقف "نزناز" المشاكل فيها.. كلما وقعت كارثة استيقظ آلهة الكلام في كل العصور يؤكدون أن تعمير شبه الجزيرة هو الحل.. تندمج الحكومات المتعاقبة في الدور.. تخرج علينا بخطط تكفي لتعمير الكون.. يؤكد المسئولون ان الميزانيات الجبارة اعتمدت وسيتم ضخها فورا في شرايين المكان! نكتشف في الكارثة التالية انه كان كلام أزمات تطلع عليه شمس الأيام يسيح وأن الخطط والمشروعات والميزانيات قصور من رمال سيناء وكأن هناك دائما من له مصلحة في أن يبقي الحال علي ما هو عليه.. "خراب وسراب"! أحيانا يشمر المخلصون من أبناء هذا الوطن سواعد الجد وينادون: حي علي البناء - حي علي التعمير.. يفاجأون بأنهم يبحرون عكس التيار وأن هناك من يريد أن يعاقبهم علي حماستهم وتهورهم فيطبق عليهم النظرية العتيقة: "حتة حشيشة في الدرج" وإما الورطة والفضيحة وإما التحلي بالعقل والحكمة وعدم التخبيط في الحلل وتجاوز الخطوط الحمراء! قامت الدنيا ولم تقعد بعد حادث رفح المفزع وقتل الجنود الأبرياء في رمضان الماضي.. فتحنا ملفات سيناء المغلقة ونفخنا في الخطط المعلقة وقلنا: "التعمير أو الهلاك".. علقنا التأخير والتباطؤ علي شماعة النظام السابق وقلنا نفتح صفحة جديدة بايقاع مختلف يتوافق مع ايقاع الثورة.. بدأ الجيش المهمة الصعبة.. راح يمهد أرض سيناء للمرحلة الجديدة فالتعمير لابد وأن يسبقه تطهير.. تطهير المكان من أوكار الإرهاب والإجرام وأعشاش التطرف فكانت العملية الباسلة نسر والتي تمت مراحلها الأولي بنجاح.. ظهرت العين الحمراء للنسر.. راح يحلق بجناحي القوة فوق المكان فارتعدت قلوب الإرهابيين والخارجين عن القانون.. ضرب بمخالبه وديان وسهول وأنفاق وجبال الحرام التي أسموها بالحلال لزوم "شبورة البخور" وعدة الشغل واستحضار العفاريت وشياطين الإنس والمطاريد والهاربين من السجون وكذلك المفرج عنهم من الخطرين لعلة عليا لا نفهم أسبابها! "الجيش كان واخد المسألة جد".. يبدو أن هذا لم يكن مطلوبا من البعض أنصار نظرية المواءمات والسقامات.. فالنسر غير مستحب. ومن الأفضل أن تكون عصفورة وهادئة غير شقية.. عصفورة تزقزق وتقول للإرهابيين والمجرمين والمطاريد في آذانهم بحنان:- "صوصو اخص عليك اخص" والأفضل أن تكون لطيفة فلا تقول شيئا حتي لا تزعج سكان المكان من إرهابيين ومجرمين وعفاريت وجان.. أيضا الانفاق لا يجوز الاقتراب منها لأنها الشرايين التي يتم من خلالها مص دماء مصر والمصريين ويشرف عليها مباشرة الأبالسة من أشرار بني إسرائيل ومتطرفي حماس. وهذه الأيام تذكرنا سيناء الحبيبة.. السبب اننا استيقظنا علي كارثة جديدة وهي خطف الجنود السبعة. وكأنها مفاجأة أن نكتشف بأن العفاريت التي حضرناها ولم نصرفها لن تهدأ حتي تجعل سيناء إمارة مسكونة بالعفرتة والشيطنة. وأن الجراب لايزال مليئا بأحداث وأهوال يشيب لها الولدان.. فالمشكلة الآن ليست في تحرير الجنود وإنما في الأعداد المهولة من الإرهابيين والمتطرفين ومحترفي الإجرام.. فقد أهملنا المكان واستهترنا بالزمان حتي أصبحت سيناء دولة داخل الدولة وياليتها دولة تعترف بسيادة دولتنا وإنما تستهر بها وتصر أن تحرجها وتضعف هيبتها وتلوي ذراعها. الدولة هناك بها قوات مضادة لنا تتلقي تدريبات علي أعلي مستوي.. أهلها يملكون صواريخ سام 7 ومدافع مضادة للطائرات وأسلحة متطورة وعتاداً وذخيرة.. السؤال الساذج لماذا نصبر عليهم.. وهل هناك حكمة لا ندركها تقول بأننا يجب أن نغض الطرف عن سيناء وهي تضيع من مصر. أو تصبح شوكة في ظهرها يحقق من خلالها المتربصون والطامعون أغراضهم؟ فهل هناك من يريد بصمته وتجاهله ان يحقق هذا فتنفصل سيناء عن الوطن الأم بنفس الطريقة التي تتفكك بها مكعبات لعب الأطفال من بعضها. فنرسم بأيدينا الخريطة الجديدة المرسومة لنا بالفعل؟ المؤكد انه لا يوجد مصري وطني يوافق علي ذلك ولكن يبقي السؤال: ما الذي نفعله حتي لا يتحقق هذا؟ الاجابة لا شيء. بل الكارثة أننا نفعل - سواء كنا ندري أو لا ندري الله وحده يعلم - ما يؤدي في النهاية إلي تحقيق هذا بامتياز.. خذ عندك الأنفاق كمثال.. المثل الشعبي يقول "لا تفتح نفقك للنسمة وتقول دي قسمة" ونحن فتحناها علي البحري حتي أصبح عندنا حوالي 2000 نفق ليس في وش العدو وإنما في مصلحته علي طول الخط حيث تستخدم في تهريب الأسلحة والمخدرات وعناصر الإجرام إلينا. وعلي الوجه الآخر يتم من خلالها تهريب سلعنا الأساسية من السكر والدقيق والأسمنت والسولار والأدوية كذلك تعد ممرا أساسيا لتهريب السيارات -ومنها سيارة العبدلله! السؤال هل فعلنا أي شيء من شأنه تقليل أخطار تلك الأنفاق؟ الاجابة كنا نحاول الآن لا نبذل جهدا يذكر. الدليل أن عدد الأنفاق عندنا قبل الثورة كان حوالي 800 نفق فقط. الآن اقتربنا من "2000" نفق تمثل جميعها تهديدا حقيقيا لأمن مصر القومي! ولأنها تصب مباشرة في خانة "النزناز" والصداع والزلزال في رأس مصر وعلي الوجه الآخر في خانة انعاش واسعاد من يخططون ضدنا. تحولت الأنفاق - بالنسبة لهم وليس لنا إلي شريان وممر اقتصادي يدر علي من يديرونه سنويا أكثر من 12 مليار دولار.. وكأنه قناة السويس أو إيرادات السياحة في عزها.. وبالتالي فإن جحا أولي بإيرادات نفقه إذا هو وقف كالديدبان وأداره وفنجل عينيه!! لهذا تحولت الأنفاق إلي صناعة ومهنة تحتكرها بعض العائلات ما بين غزة وحدود مصر حيث تقدر تكلفة حفر المتر الواحد حوالي 150 دولاراً ولها إدارة وإدارات مشرفة بمعرفة أباطرة غزة وجهات إسرائيلية تخطط وتنظم وتدير وتدبر. ويتم حفر الأنفاق بمواصفات معينة حسب الدور والوظيفة.. فأنفاق تهريب المجرمين والمتطرفين والروسيات والإسرائيليات تختلف في مواصفاتها من حيث الارتفاع والعرض عن أنفاق تهريب السلع والوقود والسيارات المسروقة والمواشي ومواد البناء.. ولكل تخصص رجاله والمشرفون عليه.. ولكل نفق إدارته المعنية بتحصيل العائد. النقلة الواحدة ب20 ألف دولار و"الحسابة بتحسب".. النتيجة الأرباح بمليارات الدولارات علي قلب المنتفعين وعلي الوجه الآخر خسائر لا تحصي ولا تعد علينا سواء علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي أو علي مستوي الأمن القومي. يبقي السؤال المحير: إذا كانت أماكن الأنفاق معروفة ولدينا بالتفصيل خرائطها.. وإذا كنا علي يقين بأنها الجهة الأساسية لتصدير الكوارث إلينا فلماذا لا نغلقها؟ والسؤال الذي يليه: ما ترتب علي فتح تلك الأنفاق علي مصاريعها من وجود ارهابيين ومجرمين وترسانات أسلحة تعكر صفونا وتكدر حياة أهالي سيناء الطيبين هل بالفعل لديها النية للتخلص منها قبل ان يستعصي الأمر علينا فنعض أصابع الندم ونقول يا ليتنا متنا قبل هذا وكنا نسيا منسيا؟ أعرف أننا نملك القدرة ولكن هل لدينا الرغبة لتنفيذ ذلك؟ وأدرك أن تحرير الجنود السبعة ليس هو القضية الأساسية فسوف نحررهم ولكننا سنكتشف ان جنوداً آخرين سيتم اختطافهم وعمليات أكثر وأكثر أشد قذارة سيتم تنفيذها لأننا نشتغل بالقطعة ولا نتحرك إلا إذا وقعت الواقعة فانتبهوا المصائب مستمرة إذا نحن لم نفك قيود النسر ونتركه يواصل المهمة الصعبة. ولحين أن يحدث هذا أناشد عبدالودود الرابض علي الحدود ألا يجزع أو ييأس ويرفع يده عن الزناد فالأمل موجود في نهاية النفق ليست الأنفاق الموجودة الآن بالطبع وإنما النفق الذي سنحفره بالإرادة والعزيمة كي تمر منه الخطط الصادقة والنوايا الحسنة لتعمير سيناء وتطهيرها من المجرمين. يا عبدالودود.. إخوانك سيعودون وسيناء لن تكون إلا لمصر والمصريين ولو كره المخططون والمتطرفون والحافرون لأنفاق النار واقرأ معي وصايا أحمد نجم لعبدالودود قبل عشرات السنين. آه يا عبدالودود يا رابض علي الحدود- ومحافظ ع النظام - كيفك يا واد صحيح - عسي الله تكون مليح وراقب للأمام - أمك عتدعي ليك وعتسلم عليك وتقول خليك ددع "جدع" لأبوك.. ددع لا يقولوا منين دابوك ويمسخوا الكلام. وأه يا عبدالودود عقلك وأنت خابر كل القضية عاد ولسه دم خيك ما شرباش التراب حسك عينك تزحزح يدك عن الزناد خليك يا عبده رابض لساعة الحساب- آن الأوان يا ولدي ما عاد إلا الميعاد- تنفض الشركة واصل وينزاحوا الكلاب- ان كنت واد أبوك تديب لي تار أخوك والأهل يبلغوك دميعا السلام وآخر الكلام نقولك في الختام- الله يصون بلدنا ويحرس السلام. والدك حسن محارب غفير برج الحمام