مازالت أصداء رفح الإرهابي مستمرة حتى الآن أمنيا وسياسيا وتنمويا، وألقت بظلالها على كل أجهزة الدولة، حتى قيل«إنها القشة التي قصمت ظهر البعير»، والمقصود بها خروج طنطاوي وعنان وباقي قيادات القوات المسلحة، وأتت بوزير دفاع جديد وقائد عام للجيش، حتى إنه كان من الطبعيي أن يكون سبب تعيينه نفس المناسبة التي خرج منها بتصريحه الأول عقب اتصاله ب(ليون بانيتا) وزير الدفاع الأمريكي ليؤكد له أن سيناء لن تكون أرضا للميليشيات المسلحة.. هذه التصريحات فرضت نفسها على الساحة السياسية، وتجعل من طرح هذا السؤال ضرورياً.. ما السيناريوهات المقبلة داخل سيناء؟، وهل ستستمر هذه العمليات؟، ولمن تكتب كلمة النهاية .. الأمن أم الإرهاب؟..، هذه تساؤلات يجيب عنها المحللون الإستراتيجيون والعسكريون. بداية يرى اللواء (علي حفظي) الخبير العسكري ومحافظ شمال سيناء الأسبق: أن التعامل مع سيناء في المرحلة المقبلة لابد أن يكون برؤية شاملة وليس نتيجة التعامل عقب حادث طارئ مثل رفح، والتعامل بمنطق رد الفعل الذي لا يؤدي إلا إلى مزيد من النتائج الكارثية لا ينتج عنها إلا الخسائر في أرواح الجند، وضرب الاقتصاد، وهروب الاستثمارات والسياحة، وترويع المواطنين، لكن يجب أن تكون السيناريوهات المقبلة وفقا للأوضاع الحالية والمتغيرات على الأرض والأوضاع الإقليمية تشتمل على 3 خطوات أولها: من الناحية الأمنية لابد من قفل وغلق شامل للأنفاق مهما تكلفت دون المساس بالأوضاع الإنسانية والاجتماعية للجانب الفلسطيني وأهالي غزة، ويجب أن تكون التعاملات مع أهالي غزة والجانب الإنساني في النور، وفوق سطح الأرض عن طريق القنوات المشروعة مثل المعبر، وليس في الظلام ليلا وتحت سطح الأرض من خلال الأنفاق؛ لأن هذا ينطوي على عمليات غير مشروعة، وبجانب هذه الخطوات استمرار عملية التمشيط داخل أوكار الإجرام في المناطق الوعرة والانتهاء من البؤر الإجرامية التي بدأتها القوات المسلحة، والتي ربما تمتد أذرعها بالداخل فيما بعد، لكن تظل أهم هذه الخطوات وآخرها البدء في عملية تنمية سيناء وتعميرها والبدء بتنمية العنصرالبشري لأهالي سيناء والتنمية الزراعية والصناعية والسياحية والعمرانية. وأكد (حفظي): أنه لا ارتباط بين السيناريوهات القادمة في سيناء وبين التغييرات التي حدثت في قيادات القوات المسلحة؛ لأن الخطط الإستراتيجية لا ترتبط بالأشخاص خاصة داخل القوات المسلحة والتعامل واحد أيا كان من يتولى القيادة؛ لأن هذا الحادث حادث إرهابي تخريبي له عدة أهداف وأبعاد: أولها البعد السياسي الذي أثر على مصر وحرك الدولة بأكملها داخليا وخارجيا ثم من خلاله إرسال رسالة للخارج أن سيناء خارج السيطرة الأمنية، وأيضا تم خلاله التأثير على الاقتصاد والاستثمارات الخارجية وضعفت حركة السياحة وتغيير مقاصد السائحين لدول أخرى، كما سيؤثر على الجيش نظرا؛ لأن التعامل مع هذا الحادث وإزالة آثاره سيأخذ مجهودا كبيرا وقد يطول لإزالة آثاره وإعادة الأمور إلى طبيعتها حتى تصل الرسالة خارجيا بشكل إيجابي كما وصلت سلبياً. بينما يرى اللواء (عادل سليمان) مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية: أن سيناء تحتاج في الفترة المقبلة لرؤية جديدة، مختلفة سواء كانت أمنيةأو تنموية، لأننا حاليا مازلنا - حتى بعد حادث رفح - ننفذ لسيناء التصور القديم منذ عشرات السنين، ويتثمل في الرؤية الأمنية، ولابد أن نبني هذا التصورعلى مشاركة أهل سيناء في جميع الخطط والآليات الجديدة، ومنهج التعامل الأمني والنظر إليهم على أنهم جزء من الشعب المصري مثل أي مواطنين في بحري والصعيد، وأن هذا لن يتم بالشعارات مثلما يقال دائما، وإنما بترجمة ذلك لخطط على أرض الواقع، لأنه كان ولا يزال عند وقوع مشكلة أو حادثة يتم جمع شيوخ القبائل وتطمأنتهم ثم الانصراف، فهذا غير مجدٍ حتى إن هؤلاء الشيوخ فقدوا السيطرة على الأجيال الجديدة. ويطالب (سليمان) الدولة ممثلة في الرئيس والأجهزة المعاونة له بضرورة استيعاب حجم المخاطر الأمنية في سيناء التي قد تكون عقبة أمام تنميتها إذا توافر القرار السياسي وتخصيص وإنشاء جهاز أمني خاص ومستقل لسيناء على رأسه قيادة بدرجة تقترب من درجة وزير، هذا الجهاز تكون ممثلة فيه كل الأجهزة الأمنية والمعلوماتية بالدولة حيث يشارك فيه على سبيل الحصر جهاز المخابرات العامة والمخابرات الحربية والاستطلاع ومخابرات حرس الحدود وقطاع الأمن الوطني والقوات المسلحة من خلال هيئة العمليات وغيرها إذ تطلب الأمر وأيضا الداخلية ومصلحة الأمن العام والأمن المركزي، بحيث يضع هذا الجهاز الأمني الخطط والآليات لكيفية التعامل الأمني مع واحدة من أهم المناطق في مصر، وكذلك إجراء الدراسات اللازمة عليها من حيث متطلبات إعداد القوات والعناصرالأمنية التقليدية والتقنيات الحديثة والمعدات وخطط التدريب ثم متابعة التنفيذ على أرض الواقع، وبهذا يكون ذلك هو بداية الطريق الصحيح لبسط يد الأمن الذي يفتح الطريق أمام التنمية الشاملة، لكن ما دون ذلك لا تغيير في سيناء مستقبلا لأن العملية (نسر) التي تخوضها القوات المسلحة حاليا تأتي في إطار التعامل الطارئ ومحاولة توصيل رسالة لهذه التنظيمات والخلايا ومن وراءها أن سيناء ليست ملاذا آمنا لهم ولنشاطهم كما كانت، لكنها في النهاية ستنتهي، وسيعود الإرهاب لأنهم أفراد عاديون بيننا وليسوا جيشا متماسكا أو حركة نظامية يمكن مواجهتها والقضاء عليها. بينما يؤكد اللواء (نبيل فؤاد) أستاذ العلوم الإستراتيجية: أنه من المعروف أن محاربة البؤرالإرهابية في شكل حرب العصابات لابد أن تأخذ وقتا لأن الإرهابيين يكونون جزءا من الأهالي، ويكونون متداخلين معهم بشكل كبير لذا فإنه يستهلك بعض الوقت، لذا فهي تمر بمرحلتين تبدأ بتطهير كل المدن الساحلية بداية من رفح إلى العريش حتى الخربة وبهذا يتم تطهير سيناء وتنظيفها والمدن الساحلية بالكامل من السلاح ثم يتم الاستيلاء على جبل (الحلال) وبهذا يتم محاصرة كل العناصر الإرهابية والقضاء عليها وبالتالي تأتي المرحلة الثانية وهي عمليات التمشيط حتى يكون ظهر القوات مؤمنا. ويضيف: أنه من المتوقع حدوث العديد من العمليات الإرهابية تجاه قوات الأمن حتى من مبدأ الدفاع عن النفس وقد تكون في بعض الأوقات انتحارية، لذا فلابد أن لا تتوقف عمليات التمشيط إلا بعد القضاء على الإرهابيين. ويؤكد أن تلك العمليات التي تستهدف تلك البؤر خاصة بالجانب المصري وليس للجانب الإسرائيلي أي شأن بها لأنها تتم داخل الأراضي المصرية، أما الجاب الإسرائيلي فعليه تأمين الحدود الخاصة به كيفما يشاء حتى القوات الدولية في سيناء من شأنها تأمين سيناء فهي موجودة فقط لمراقبة تطبيق المعاهدة من الطرفين، وحتى بعد أن تم تدعيمها من الجانب الأمريكي ولكن لحمايتها هي لأنها تتعرض لبعض العمليات الإرهابية وليس لحماية سيناء. ويضيف: أن الظروف كانت معاكسة لمصر نظرا لحدوث الثورة الليبية وأدت إلى انهيار الجيش الليبي وأصبحت مخازنه مستباحة؛ مما أدى إلي زيادة عمليات التهريب إلى مصر بشكل كبير مع عدم التأمين الكافي للحدود مما أدى إلى وجود كمية ضخمة من الأسلحة المهربة في مصر ولكن تلك العمليات قلت بشكل كبير الآن. وعن الخطة الإستراتيجية التي تنتظرها سيناء أكد أنه لابد من إنشاء وزارة خاصة بسيناء مثلما فعلنا مع السد العالي، ويتم تذليل كل العقبات حتى يتم تعمير سيناء، ولابد أن تكون الإرادة السياسية راغبة في هذا حتى تساعد في إعمار سيناء، فسيناء كانت دائما من يدافع عنها هم أهل الوادي أما الآن فيجب أن نكون مدافعين عنها من خلال مشروعات واستثمارات تقضي على البطالة وتؤدي إلى هجرة العديد من المواطنين إليها ليكونوا مدافعين عنها وقت الحاجة. بينما يؤكد اللواء (عادل حسني) الخبير الإستراتيجي: أن سيناء تحتاج إلى المزيد من الوقت والعديد من العمليات التي تستهدف البؤرالإرهابية فتلك العمليات هي السبيل الآمن لتأمين سيناء وجعلها آمنة وعدم تكرارما حدث في رفح وتمشيط تلك المناطق سيؤدي إلى عدم تكرار عمليات التهريب للسلاح أو المخدرات وسيؤدي إلى القضاء على ما يسمى بالمليشيات المسلحة الموجودة في سيناء. أما اللواء (حسن الزيات) الخبير العسكري فيقول: إن كثافة تلك العمليات واستمرارها سيؤدي إلى القضاءعلى تلك البؤر الإرهابية تماما ولكنها لابد أن تستمر حتى تخلق كثافة وتؤدي إلى تمشيط تلك المناطق. ويضيف: أن عمليات تهريب الأسلحة التي حدثت بكثرة نتيجة الانفلات الأمني الذي حدث في مصر كانت بمثابة شريان الحياة لتلك العناصر وعندما تستمر تلك العمليات سوف تقضي على الإرهابيين وسوف تؤدي إلى تقليل عمليات تهريب الأسلحة بشكل كبير. ويضيف: أننا قادرون على القضاء على الإرهاب ولسنا مثل أمريكا في أفغانستان فالفرق بيننا وبينهم أننا نعرف جيدا أرضنا بالإضافة إلي أن أفغانستان أكثر وعورة من سيناء ولكن تحتاج إلى إمكانيات وتحتاج إلى وقت. ويؤكد: أن من يقول إن عملية رفح انتهت أقول له إنه واهم فعملية رفح مستمرة حتى الآن بل ومن الممكن أن تكون هناك تفجيرات أخرى، لذا علينا الحرص الشديد والاستمرار في العمليات حتى نقضي عليهم تماما.